عن الكتاب والدولة العميقة والثورة

* هذه المادة هي مقدمة لكتاب جديد للكاتب تحت عنوان: "الدولة العميقة.. مقاربة فكرية سياسية للحالة اليمنية"، قد يجد طريقه للنشر.. أقدمها تحية للثوار الشهداء والأحياء، من أبطال ثورة فبراير 2011م.. تحية إجلال وإكبار.

راودتني فكرة الكتابة عن هذا الموضوع، أي في الكتابة عن الدولة العميقة، وعلاقتها بالسياسة والسلطة والدولة، في سياق تصاعد الحرب العسكرية في العام 1994م(١).

وتنامت هذه الفكرة في مجرى تطورات الحرب، حين رأيت كيف توحدت جميع أطراف الدولة العميقة في شمال البلاد -ضمن دولة الوحدة بالحرب- في الاشتراك الفعال في الحرب، ومن خلال توظيف مفردات الخطاب الأيديولوجي والسياسي، المذهبي والطائفي والقبلي، الذي استخدم فيه كل الشعارات: السياسية والدينية والوطنية، من شعار: الدفاع عن الوطن، وعن الوحدة، وضد الانفصال، حتى الخطاب الأيديولوجي التكفيري الديني، شيوعيون وملحدون، وشعار "من جهز غازيًا فقد غزا"، إلى توظيف النص القرآني في خدمة السياسة والحرب، في صورة فتوى التكفير الديني لـ"الشيخين" عبدالمجيد الزنداني ود. عبدالوهاب الديلمي، وصولًا إلى مشاركة عشرات الآلاف من "المجاهدين" الأفغان (حوالي خمسين ألفًا)، في الحرب لاجتياح الجنوب، واعتبار كل أبناء الجنوب الذين "يتمترس" بهم الحزب الاشتراكي، في عداد الكفار، المسموح قتلهم، مع استثمار واستخدام ورقة الصراع الجنوبي/ الجنوبي، في حرب 13 يناير 1986م، وقودًا في قلب هذه الحرب، حينها أدركت خطورة هذه الحرب ليس على راهن اليمن المعاصر (شمالًا وجنوبًا)، بل وعلى كل المستقبل السياسي لليمن. ومن هنا يأتي حديثي المتكرر والمستمر، بأننا إذا أردنا أن ننطلق خطوة سياسية وعملية للأمام على أي مستوى كان، فلن يكون ذلك ممكنًا ومتاحًا دون تقديم قراءة نقدية لجريمة حرب 1994م.

ومع هوجة الحرب، وتدافع الأحداث بعد انتهاء الحرب، توارت الرغبة في الكتابة عن الموضوع، لصالح أحداث وقضايا يومية ضاغطة أكثر إلحاحًا، بعد أن تقدمت نتائج الحرب وانعكاساتها الكارثية على كل البلاد، وخصوصًا الآثار السلبية اللاوطنية والمدمرة على جنوب البلاد وعلى كل اليمن.. الجنوب الذي تحول إلى حالة فيد وغنيمة حرب، لم أعد بعدها أفكر بالكتابة.. بقيت فكرة الكتابة عن الموضوع تذهب وتعود، لأسباب عديدة؛ منها وأهمها، التهيب والخوف العلمي من عدم القدرة على إيفاء الموضوع حقه من البحث، ولجدة الموضوع، وعدم تبلور وتشكل صورة المفهوم في الذهن، حتى كان الحراك الجنوبي السلمى 2007م، وبعدها انتفاضة الشباب والشعب في فبراير 2011م، وإزاحة علي عبدالله صالح عن السلطة جزئيًا، وصولًا إلى الانقلاب والحرب في سبتمبر العام 2014م، حتى اجتياح عدن وكل الجنوب، في العام 2015م. بعدها بعدة سنوات عادت مرة ثالثة تلح عليّ فكرة الكتابة عن الموضوع انطلاقًا وتأسيسًا من انتفاضات الشباب والشعب العربي، التي أعلنت عن نفسها في أكثر من حالة عربية: تونس، مصر، اليمن، سوريا، لبيبا، وبعدها السودان والجزائر، وكيف توحدت قوى وأطراف الدولة العميقة سياسيًا وعسكريًا وأمنيًا وإعلاميًا، في مواجهة هذه الثورات، وفي الوقوف ضد أية محاولة للإصلاح والتغيير ولو في حدودها الدنيا، رفضًا لقضية الشراكة والمشاركة في السلطة والثروة، لأي طرف من خارج الدولة العميقة والرسمية.

إن الاستبداد التاريخي، بجميع صنوفه ومسمياته وقواه، تضامن وتوحد عصبويًا ومصالحيًا، مع بعضه البعض، لحصار وقمع فكرة وقضية التغيير في هذه الأنظمة المؤبدة في الحكم، وسنجد أن شعاراتهم السياسية واحدة متفقة في الشكل والمضمون، في مواجهة انتفاضات الشباب والشعب، مع اختلاف نسبي في الصياغة، واختلاف شكلي في طبيعة ودرجة المواجهة العسكرية والأمنية، من قتل "البوعزيزي" وقتل المتظاهرين في سيدي بوزيد وفي غيرها، في تونس، إلى "معركة الجمل" في مصر، إلى "جمعة الكرامة" و"كنتاكي في صنعاء" و"ساحة الحرية في تعز"، إلى المواجهة العسكرية والأمنية المفتوحة مع الشارع الثائر في ليبيا وسوريا، أي مع اختلافات نسبية في مدى وحجم المواجهة من بلد إلى آخر. وهذا الوضع تحديدًا من القمع الوحشي للانتفاضات، هو ما جعلني أفكر -لاحقًا- بالعودة للكتابة في موضوع "الدولة العميقة.. مقاربة فكرية سياسية للحالة اليمنية"، وكانت الحصيلة هذه القراءة الأولية المتواضعة، التي يحتويها هذا الكتاب، مساهمة في الحوار حول هذه الفكرة والقضية.

كانت السمة العامة المشتركة للأنظمة الاستبدادية في مواجهة شباب الثورات العربية، هي المعالجات العسكرية والأمنية القاسية، حتى إن البعض استنجد باللصوص والمجرمين والقتلة في السجون "البلاطجة" كما في التسمية والاصطلاح اليمني، و"الشبيحة" كما في التعبير السوري، حتى التدخل الغربي الاستعماري المباشر في هذه الثورات كما في ليبيا بطلب من الجامعة العربية، لخلط الأوراق، ولحرف سياق الصراع السياسي الاجتماعي الديمقراطي والوطني عن مساره (سوريا بعد ذلك).
لقد اتخذ مسار الصراع في كل حال عربية ثورية شكله وخصوصيته الوطنية -الذي ليس مجال بحثها في هذا الكتاب- في تعبير الدولة العميقة والرسمية فيه عن نفسها: من معمر القذافي الذي تأبد في الحكم أكثر من أربعين سنة، إلى علي عبدالله صالح الذي استمر ما يقارب الخمسة والثلاثين عامًا، وحسني مبارك الذي ورث السلطة لثلاثين عامًا، وزين العابدين بن علي لقرابة ستة وعشرين عامًا، وجميعهم -باستثناء بن علي لأن ليس لديه أولاد- كانوا يعدون أولادهم لخلافتهم في السلطة، وتمكن بشار الأسد من خلافة والده في الحكم، ولذلك قاتل مستميتًا في دفاعه عن "العرش" وكأنه يدافع عن "العرض"، و"الشرف".. "الأسد أو لا أحد".

ومن هنا، اشتراك معظم فئات وشرائح وطبقات المجتمع في هذه الانتفاضات الشعبية الثورية السلمية.

ومن يتتبع الحالة اليمنية، وتحديدًا من بعد الانقلاب والحرب على العملية السياسية السلمية، سبتمبر 2014م، ودخول ما تسمى "عاصفة الحزم" وبعدها "الأمل"، نجد أن التوجه الأساسي للتدخل الخارجي "التحالف" كان عمليًا لاستكمال تصفية ما تبقى من ثورة الشباب اليمني، بعد أن أجهزت المبادرة الخليجية على الثورة بإنتاج "نصف ثورة"، وتحويل الثورة اليمنية، وقضية تغيير النظام إلى مجرد أزمة، أو مشكلة.. بعد أن بيعت الثورة في سوق التسويات "اللاتاريخية" بأقل حتى من ثمن "ربع الثورة"، مع أن دماء الشهداء لا تقدر ولا تقاس بأثمان الدنيا كلها، ولكنها السياسة الفاسدة، حين تنتصر على الثورة وعلى حلم الثوار!

لقد انصب هم التدخل الخارجي الذي استقدم تحت عنوان "استعادة الشرعية" و"استعادة الدولة"، في الحفاظ على بنية ومنظومة النظام القديم كما هو، وفي ضرب البنية التحتية المادية والمؤسسية للبلاد، وفي حصار وإضعاف الجيش الوطني بـِ"النيران الصديقة" التي لم تخطئ أهدافها في النيل من قيادات وكوادر الجيش العليا، في أكثر من مكان في البلاد (العبر/ العلم وفي غيرهما)، حتى حصار الجيش عُدة وعتادًا، وصولًا إلى عدم صرف المرتبات لأشهر طويلة، لقتل المعنويات فيه، فضلًا عن تشجيع وتمويل المليشيات المسلحة في كل البلاد.. وكما يبدو أنه كانت هناك رغبة دفينة لدى أطراف عديدة في الداخل والخارج، لتصفية أية إمكانية لوجود جيش وطني بعقيدة سياسية وقتالية عسكرية وطنية. وهنا توحدت أطراف الدولة العميقة في الداخل وداعموهم في الخارج، "اللجنة السعودية الخاصة" ودولة الإمارات وإيران، في منع وجود الدولة الوطنية والجيش الوطني، وفي تعويق وحدة البلاد، وهو ما تقوله الحالة اليمنية، في الشمال والجنوب، ومن هنا -كذلك- انتعاش دور ومكانة الدولة العميقة كطرف مقرر ونافذ يتكامل مع توجهات الخارج لإنعاش القوى السياسية والاجتماعية التقليدية "المحافظة": مشايخ، سلاطين، عشائر، جماعات دينية، وسلفية "جهادية"، في العديد من مناطق البلاد، وصولًا لتشكيل مليشيات طارق عفاش، أحد أبرز رموز النظام القديم/ الجديد، ليقوم بأدوار سياسية وعسكرية وأمنية داخلية لخدمة أجندات مصالح خارجية.. وكل هذه الممارسات تعني قوة مضافة للدولة العميقة، ضمن تفاهمات تحتية مع أطراف الدولة الرسمية "المعينة" من الخارج، هذا كله واليمن واقع تحت الفصل السابع للأمم المتحدة/ مجلس الأمن.

إن تمويل الجماعات المليشيوية في كل اليمن هو خطوة سياسية وعملية تمت ضمن توافقات وتواطؤات داخلية وخارجية، كانت وماتزال الدولة العميقة والرسمية طرفين حاضرين فيها وبقوة. وهي خصوصية يمنية وليبية وسورية، بعد أن تجاوزت تونس ومصر هذه الحالة، حيث الوضع السياسي والاجتماعي والإداري والأمني، فيهما مضبوط على إيقاع دور مركزي ومحوري للدولة، دور قوي وفاعل في إدارة أمور البلاد بصرف النظر عن المحتوى السياسي لسير مجريات العملية السياسية الديمقراطية في هذين البلدين -أقصد تونس ومصر- لوجود الجيش الوطني فيهما، إنهما الجيشان اللذان عبرا عن نفسيهما كجيشين للدولة وليس للحاكم وعائلة الحاكم، كما كان الحال في اليمن وليبيا، وسوريا بدرجة أقل.

وكل هذه الأنظمة -بدرجات متفاوتة- وظفت واستخدمت اللصوص والعناصر الإجرامية في السجون، والقتلة وقطاع الطرق، في مواجهة شباب الثورة وفي الاعتداء عليهم بالضرب، والقنص والقتل والاختطاف، بما فيه خطف الأجانب كما كان الحال في اليمن، وتدمير خطوط الكهرباء والتقطع لقاطرات النفط والغاز.. أعمال لصوصية وإجرامية كان للدولة العميقة والرسمية دور في ذلك.. أعمال إجرامية لم تكن أيادي بعض الدول الأجنبية بعيدة عنها، أو هي بالفعل على علم مسبق ببعضها على الأقل.

وكلنا مايزال يتذكر كيف شجعت ومولت أمريكا في العراق مجاميع من المرتزقة واللصوص، لاقتحام المصارف ونهبها وكذا المتاحف، منذ الساعات الأولى لغزوهم واحتلالهم للعراق، تبشيرًا لعهد طويل وقاسٍ من السرقات واللصوصية، وتبديدًا للثروات، والذي مايزال مستمرًا حتى اللحظة، وهو ما يشير إليه د. رياض السنيدي، حيث كتب يقول كانوا "يدعون العراقيين الجوعى والرعاع (مع التحفظ على تسمية الرعاع -الباحث) لنهب فتات سرقاتهم لتسجيلها باسم العراقيين، حيث كان الجنود الأمريكان ينادون على العراقيين "Come in ALI baba"، ويشجعونهم على السرقة، والبداية عادة ما تحدد المسار وتنبئ بالنهاية"(٢).

في تقديري أن الحالتين اليمنية والليبية بدرجة أساسية، ومعهما الحالة السورية، هي من أسوأ الحالات التي تدحرجت فيها ثورات الشباب إلى مآلات غير متوقعة في صورة ما يجري في هذه البلدان حتى اليوم.

أنظمة معجونة بالاستبداد التاريخي بكل صنوفه ومسمياته.. أنظمة حين تتذكر الشعب حتى بدون أي كلام عن الإصلاح والثورة، تتحسس مسدسها، فما بالكم حين يعلن الشعب ثورته؟! هنا، يتراكض تاريخ الاستبداد فوق بعضه البعض، ليستنجد بكل تاريخ القمع والقتل ليطلق الرصاص على الشعب، وهو ما كان مع الاستبداد العربي في قمعه للثورات الشعبية باعتبارها "ملونة" و"ممولة" و"عميلة للخارج".. وهي "نظرية المؤامرة" التي حكمت وتحكمت بالعقل السياسي الاستبدادي العربي، من تونس إلى مصر إلى اليمن وسوريا وليبيا، وهي الأسطوانة المشروخة التي مايزال المطبخ السياسي والإعلامي العربي الرسمي يرددها حتى اللحظة، فقط حتى لا تعد الثورة وقواها الحية نفسها لتكون هي البديل القادم، دون واسطة ولا وساطة سياسية من أحد من خارجها.

ويتفوق اليمن السياسي الاستبدادي، والاقتصادي الفاسد، في فترة علي عبدالله صالح، على الحالات العربية جميعًا، في الحد الأعلى من الفساد المالي والاقتصادي، وكلنا يعلم -أو بعضنا- كيف كان نظام علي عبدالله صالح يوزع "بلوكات" و"حقول" النفط والغاز"، على المشايخ وأبنائهم ولزبانيته من التجار الذين يشتغلون "كوجاهات" شراكة باسمه، وتحت ما تسمى "الحماية"، وحول هذا الموضوع هناك أرقام وأسماء موثقة في بعض السجلات والتقارير الرسمية والأجنبية (الدولية)، وهي ثروة مستنزفة من أموال الشعب والدولة، وهذا الفساد الخيالي في بنية السلطة والنظام، كانت رموزه تشتغل بكل شيء غير شرعي؛ من التجارة بالحرب، إلى التجارة بالسلاح، إلى غسيل الأموال، إلى تهريب الأموال للخارج، إلى توظيف أجهزة الأمن والاستخبارات في هذا الاتجاه، إلى تجارة المصارف التي بلغت بالمئات من مكاتب الصرافة، جميعهم اتفقوا على نهب المال العام، بمثل ما اتفقوا على تدمير الجيش الوطني، وعلى تغييب الدولة. وكل هذه الأعمال غير الشرعية، حتى الانقلاب والحرب على العملية السياسية الحوارية، كان علي عبدالله صالح فيها يتصور أنها تقربه من استعادة "ملكه" الموهوم الذي ذهب ضحيته في نهاية المطاف. ذلك أنه لم يقرأ جيدًا وعميقًا رسالة شباب الثورة القوية بالتغيير.. الثورة التي تآمر عليها متوهمًا أنه انتصر عليها بالدم، وبجرائمه المتتالية على الثورة، حتى وجد نفسه أسير وهمه، وجنون تعلقه بالسلطة، يؤسس دون أن يدرك لإمامة سياسية جديدة "هاشمية سياسية"، إنه مكر التاريخ وسطوة انتقامه ممن يتجاهلون ناموسه وقوانينه.

إن كل هذه التداعيات السياسية والعسكرية والاقتصادية والسلطوية التي نعيشها اليوم، هي التي دفعتني أكثر للعودة للتفكير الجدي بالكتابة عن الدولة العميقة في علاقتها بثورة الشباب والشعب في فبراير 2011م، وهذه القراءة/ الكتاب هي في تقديري خطوط عامة عريضة لفتح المجال أمام دراسات معمقة، وشاملة حول الموضوع، في ما سيأتي من الأيام.. قراءات قد توصلنا -وأكيد ستوصلنا- إلى إنتاج أبحاث أكثر عمقًا وشمولًا من القراءة التي بين أيديكم، وهو قطعًا أمر يسرني، لأن ما يهمني هو فهم الواقع أكثر وتحليله بصورة أعمق.. ولست حريصًا على كل ما جاء في هذه القراءة/ الكتاب.. هي بداية ريادية لاقتحام مجال وموضوع بكر لم تطله الأقلام قبلًا، لا في صورة مقالة اختصاصية، أو بحث معمق، ناهيك عن كتاب.

 

خلاصة الكلام:

فبراير الثورة/ الانتفاضة ماتزال تشكل مختبرًا لفكر إبداعي، ومرجلًا لتنمية وتنفيذ فكرة وقضية الحداثة والتحديث، وعلى رأسها قضية بناء الدولة المدنية الديمقراطية.. فبراير 2011م، هي الاستمرار التقدمي لثورة 26 سبتمبر 1962م وثورة 14 أكتوبر 1963م.. فبراير الحدث التاريخي الكبير الذي ستظل تداعياته الجميلة والنبيلة في حالة سيرورة. وبكل تأكيد، ما بعد فبراير 2011م ليس كما قبله، مهما تراءى للبعض من نتائج سلبية صنعتها الدولة العميقة "الثورة المضادة" لتعويق كل تاريخ الثورة اليمنية. ومايزال فبراير الذكرى والذاكرة أمنيات قابلة للتحقق، تطلعات وأحلامًا مطروحة أمام جدول أعمال الناس اليوم وغدًا، وما يجري يؤكد صدقية الثورة وآمالها، ومن أنها حالة سياسية موضوعية تاريخية.. ثورة ماتزال وعودها آتية حية متقدة ومتوقدة في قلب الحرب المجنونة، لا تراها البصائر العمياء بجنون العصبية والفردية، وهيلمان السلطة الزائف.

الهوامش:
1. حين فكرت في بداية الأمر في الكتابة عن الموضوع تحت ضغط جملة من الإلحاحات الذاتية، والعامة، لم يكن حينها تعيير "الدولة العميقة" متداولًا أو شائعًا كمصطلح أو مفهوم، فقد كنت فكريًا وثقافيًا وسياسيًا مهجوسًا في فهم وقراءة المسألة في حدود ونطاق مفهومي؛ العصبية، والمركزية "دويلة المركز" التي سادت في شمال البلاد، واستمر حضورها في صورة نظام ما بعد حرب 1994م، ومع تقدم الفكرة، والرغبة في الكتابة عن الموضوع، بعد أكثر من عقد من الزمن، كان مفهوم "الدولة العميقة" قد تحول إلى مصطلح أو مفهوم يتم تكرار تداوله ولو في نطاق ضيق في بعض المقالات والكتابات والأبحاث، فوجدت نفسي أجد وأرى في مفهوم "الدولة العميقة" التعبير أو الاصطلاح الأكثر قدرة على استغراق المعنى الذي أود وأرغب في الكتابة عنه، وحوله، فكان عنوان هذا الكتاب "الدولة العميقة.. مقاربة فكرية سياسية للحالة اليمنية"، في صورة الموضوعات التي تناولها، هذا للتوضيح.
2. د. رياض السنيدي، "الدولة العميقة في العراق"، 16/4/2016، دكتور في القانون الدولي، محامٍ، أستاذ جامعي، دبلوماسي سابق، من النت.