عبدالرزاق شايف في ذمة الله

ورحل المناضل المتعدد القدرات والطاقات والمواهب عبدالزراق شايف. كان في طليعة الكادر النقابي العمالي، وتصدر كفاح النقابات الست المناضلة ضد الاستعمار البريطاني والاتجاهات المهادنة له.

كتب عنه رفيقه راشد محمد ثابت في كتابه «ثورة 14 أكتوبر من الانطلاقة حتى الاستقلال»، وقد ترافقا في العمل الفدائي، وتعرضا للاعتقال والتعذيب، وكان نصيب المناضل عبدالرزاق شايف قاسيًا وأليمًا.

ظل عبدالرزاق يعاني من التعذيب حتى وفاته، وقد نوه بأدواره الكفاحية رفيقه محمد سعيد عبدالله (محسن) في كتابه «كفاح شعب وهزيمة إمبراطورية». اضطلع النقابي العمالي بأدوار عديدة وشديدة الخطورة في قيادة العمل الفدائي والثقافي التربوي والتعليمي، والقضايا المطلبية والإعلامية. حضوره في العمل الصحفي من خلال نشرة الجبهة القومية "الثوري" التي تحولت إلى صحيفة الجبهة القومية والتنظيم السياسي للجبهة القومية، ومن ثم الحزب الاشتراكي. رأس مؤسسة 14 أكتوبر بعد الوحدة، وكان أنموذجًا في الكفاءة والنزاهة والصدق.

كتبت عنه أثناء معاناته من متاعب صحية عديدة ورقوده في غرفة الإنعاش، وغياب العناية والاهتمام به كواحد من صناع فجر الرابع عشر من أكتوبر 1963 والوحدة اليمنية.

عبدالرزاق شايف المناضل الوطني، والفادي المغمور ذو حضور تاريخي كبير.
عبدالرزاق من القيادات المؤسسة لحركة القوميين العرب أواخر خمسينيات القرن الماضي. من القيادات النشطة التي حرثت العقول والقلوب للتأسيس لبناء تنظيم الحركة. ولكسب عشرات الكوادر للتنظيم القومي. ولغرس التربة للكفاح المسلح عبر إعداد الكوادر الفدائية. ونشر الثقافة والوعي للنضال الوطني.

إنه المثقف والصحفي الصامت أسهم في صياغة ونشر أدبيات حركة القوميين العرب. الحركة التي تبنت الكفاح المسلح منذ ميثاقها الوطني ١٩٥٩. وكان شايف من أبرز وأهم العناوين الكفاحية. تعرض للاعتقال من قبل سلطات الاستعمار البريطاني، وكان المثل في الصمود والصبر والتضحية. في كتاب "ذاكرة وطن عدن من الاحتلال إلى الاستقلال"، يشير علي ناصر محمد، الرئيس السابق لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، إلى جيل التأسيس، فيقول: "ويضاف إلى مجموعة الرموز الأوائل والمؤسسين لنواة حركة القوميين العرب في اليمن، كل من: حسين الجابري، عبدالفتاح إسماعيل، علي عبدالعليم، عبدالقادر سعيد، عبدالرزاق شايف، عبدالعزيز عبدالله سلام، علي ناصر محمد، محمد صالح، عبدالله قديش، سعيد الجناحي، سالم ربيع علي، ناصر علي صدح، أحمد صالح الشاعر، محمد صالح عولقي، علي سالم البيض، علي صالح عباد، محمد سليمان ناصر، حيدر العطاس، سعيد محمد عبدالله، عبدالوارث "الإبي"، أحمد عبده راجح، محمد عيدروس، أحمد سالم، طه زين، أحمد محمد قعطبي، طه أحمد غانم، محمد عوض عولقي "مبارك"، محمد حسين ناجي العوذلي، ناصر عمر شيخ، محمد بن سلمان، منصور بن زيمة، محمد سعيد مصعبين، وغيرهم.
وعندما تعرضت الخلايا السرية للاعتقال بسبب خيانة المدعو زكي فريج، المنتمي للمركز القومي في بيروت، جرى اعتقال عبدالرزاق شايف وأحمد عبده راجح، واختفى سعيد عبدالوارث. ورغم التحقيقات والمواجهة معه فقد أنكر وتخلص من التهم بذكاء مدهش. وظل لأكثر من عام في الاعتقال، ورفض كلية الاعتراف رغم ضغوط الإنجليز وفريجة. وبعد عملية الدمج القسري ١٣ يناير ١٩٦٦، كان عبدالرزاق شايف إلى جانب تسعة آخرين، هم القيادة السرية للجبهة في حال اعتقال القيادة المعروفة. هذا المناضل الفذ له حضور كبير في النضال السري والعمل الفدائي. وفي تأسيس خطاب الجبهة القومية، و بياناتها وتعميماتها، كما يذكر رفاقه. كما أنه من أوائل العاملين في الصحافة السرية، وعقب الاستقلال. عبدالرزاق شايف أنموذج رائع للفدائي الباسل وللمناضل شديد الخجل والتواضع والأدب والزهد.

كثيرون من كوادر حركة القوميين العرب والحزب الديمقراطي الثوري يدينون بانتمائهم للحركة لهذا الإنسان الذي لا يتباهى و لا يدعي، ولا يتطلع لجاه أو مال أو منصب، وعين بعد الوحدة رئيس مجلس إدارة ١٤ أكتوبر وصحيفتها اليومية.