في صعدة.. المدنيون صاروا أهدافاً عسكرية

في صعدة.. المدنيون صاروا أهدافاً عسكرية

الإسهال يحصد حياة 13 طفلاً في رازح و4 نساء يتوفين أثناء المخاض، والملاريا تفتك بنازحي الجوف
فجر الأربعاء الماضي قصف الطيران الحربي «مشرقة» إحدى قرى النظير بمديرية رازح، لكن الهدف لم يكن عسكرياً.
وحين انقشع الظلام تعرف الناجون من أبناء مشرقة على جثث الضحايا، كان عددها 26 جثة، لكنهم لم يجدوا بينها جثة لشخص ينتمي لجماعة الحوثي.
بعد مضي قرابة ساعة من عملية دفن ضحايا مشرقة، عصر الأربعاء، نفذ الطيران الحربي 3 غارات أخرى على قرية "عرابة" القريبة من «مشرقة». ومجدداً كان الهدف العسكري للطيران 3 منازل قاطنوها ليس لهم أية صلة بالحوثي، وفق تأكيدات أبناء المنطقة.
هرع عشرات إلى موقع الحدث، وحين شرعوا بانتشال الجثث من تحت ركام المنازل سارعت طائرة حربية لطمس الفضيحة، وقصفت الهدف ذاته، مخلفة 27 قتيلاً، هم قاطنو المنازل ال3، ومن هب لانتشال جثثهم.
وفي عصر اليوم ذاته الأربعاء، وفي محافظة الجوف، قصف الطيران قرية "المطمة" في مديرية المطمة، وقتل طفلاً في السابعة، وأصيب 4 آخرون وامرأة، فضلاً عن مقتل 20 ماشية أبقار وأغنام. لقد بات سلاح المقاتلين فرامة بشرية شرهة لدماء المدنيين.
5 سنوات مضت على الحرب المسعورة في صعدة دون أن يلتفت أحد إلى الكلفة الإنسانية الباهظة التي يدفعها المدنيون.
في صعدة المشهد الإنساني قاتم. والأسبوع الماضي علمت «النداء» من مصادر متطابقة أن 13 طفلاً من أبناء رازح راحوا ضحية إسهال حاد، ولم تتمكن أسرهم من إنقاذهم.
وقالت المصادر إن الحصار المطبق على مديرية رازح وشذا والملاحيظ، وعدم وجود أدوية أو مركز صحي قضى على أي أمل لأسرهم في إنقاذ أطفالهم المصابين بالإسهال.
وقال مصدر موثوق في رازح إن عشرات الأطفال يعانون من إسهال حاد، مؤكداً أن 4 نساء من رازح توفين خلال الشهر الماضي أثناء المخاض. وقال: كانت حالتهن تستدعي إجراء عملية قيصرية، لكن بسبب الحصار بقين داخل منازلهن حتى توفين.
وتشهد مديريات رازح وشذا وغمر والظاهر والملاحيظ منذ شهرين حصاراً مطبقاً أعاق وصول المواد الغذائية والأدوية إليها. وبحسب مصادر فإن السلطات السعودية قبل أن تدخل في الحرب كطرف ثالث سمحت لأبناء هذه المديريات بالتسلل إلى أراضيها عن طريق منفذي الهجرة والمشنق، للتزود بالمواد الأساسية التي تنقصهم، وحين دخلت الحرب منعت دخولهم.
إلى ذلك، علمت «النداء» أن مئات الأسر نزحت خلال الأسبوع الماضي من مديريات رازح والملاحيظ وغمر والظاهر.
وقالت مصادر محلية إن الأسر النازحة بعضها استقر في حرض، وبعضها قصد محافظة عمران، وقلة منهم استقروا في أمانة العاصمة.
وحصلت الصحيفة على معلومات لم يتسنَّ لها التأكد منها، تفيد بأن عشرات الأسر من مديرية رازح حاولت مغادرة المديرية الجمعة الماضية، إلا أن نقاطاً تابعة للحوثي في منطقة السهلة ومنطقة بسباس أجبرتها على العودة إلى منازلها.
وعلى صعيد متصل، قال مصدر في محافظة الجوف إن أبناء قرية حصون آل شنان في مديرية المطمة نزحوا إلى منطقة العولة بسبب جراء القصف الجوي.
وأضاف أن أغلب نازحي الجوف يتجهون لدى أقرباء لهم، وأشار إلى أن منظمة «أدرا» للإغاثة أقامت مخيمين في الجوف؛ أحدهما في منطقة المبدعة في مديرية المطمة، وجهز ليستوعب 200 أسرة، والآخر في مديرية الحزم الذي افتتح بعد عيد الأضحى.
المصدر الذي يعمل في أحد الفرق الطبية داخل مخيم "المبدعة"، قال إن أبرز الأمراض المنتشرة بين النازحين هي الملاريا والتيفوئيد والإسهال، فضلاً عن أعراض جانبية كالغثيان والأنفلونزا. لافتاً إلى أن منظمة «أدرا» قامت بتوزيع كروت على معظم الأسر النازحة حتى التي تقيم لدى أقربائها، حتى يتسنى لهم استلام المساعدات الخاصة بهم.