د. عمر العودي لـ"النداء": خرافة أرض الميعاد تطيل أمد الصراع في المنطقة

ماذا بعد اليوم التالي؟ عبدالباري طاهر يستطلع آراء النخبة اليمنية تجاه القضية الفلسطينية (17)

عبدالباري طاهر وما بعد اليوم التالي - مع عمر العودي
عبدالباري طاهر وما بعد اليوم التالي - مع عمر العودي

في جحيم حرب الإبادة على غزة، والاجتياحات اليومية في الضفة الغربية من الجيش الإسرائيلي، وتمدد الاستيطان، طرحت أمريكا سؤال ما بعد اليوم التالي! وهو السؤال المطروح منذ العام ١٩٤٧، والقرار ١٨١ لا يعني غير التقسيم، ويتكرر عقب كل حرب.
ونضع اليوم تساؤلات أخرى:
ماذا بعد الانتفاضة الفلسطينية المسلحة في الضفة والقطاع؟
هل الدولتان حل؟
وماذا عن وضع فلسطينيي الداخل -أرض ١٩٤٨؟
وماذا عن حل لا يأخذ بعين الاعتبار وضعهم في ظل انتقاص المواطنة؟
وما هي رؤيتكم لما بعد حرب السابع من أكتوبر ٢٠٢٣؟
أسئلة طرحتها على قادة الأحزاب السياسية، وقادة الرأي في المجتمعين: المدني والأهلي والفاعليات السياسية وفي صفوف الشباب والمرأة في اليمن والمنطقة العربية.
وما دفعني لطرح هذه الأسئلة هو تسابق الدول الداعمة للحرب أو بالأحرى الأطراف الأساسيين في صنع أداة الحرب الدائمة -إسرائيل، منذ ١٩٤٨ وحتى اليوم.
وهنا أترك لأصحاب وصاحبات الرأي الإجابة، مع ملاحظة أن البعض أجاب على كل الأسئلة، واكتفى البعض بالإجابة على بعضها.
الشكر والامتنان للعزيز رئيس تحرير "النداء" الصحفي القدير سامي غالب، ولصحيفة "النداء" التي يتسع صدر صفحاتها دومًا لكل الآراء، والتي ستنشر تباعًا آراء النخبة اليمنية وردودها على الأسئلة.

تاليًا ردود وتوضيحات د. عمر العودي

، وهو قيادي في الحزب الاشتراكي اليمني، ناشط حقوقي من مؤسسي تيار الوفاق الوطني.

* ماذا بعد الانتفاضة الفلسطينية المسلحة في الضفة والقطاع؟

يمكن أن يكون هناك عدة نتائج محتملة للانتفاضة الفلسطينية المسلحة في الضفة والقطاع، اعتمادًا على عدة عوامل، منها:

1. مدى نجاح الانتفاضة في تحقيق أهدافها:

إذا نجحت الانتفاضة في تحقيق أهدافها، مثل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للضفة والقطاع، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، فإن ذلك سيؤدي إلى حل سلمي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

2. مدى رد إسرائيل على الانتفاضة:

إذا ردت إسرائيل بعنف على الانتفاضة، وأصرت على تنفيذ أهدافها المعلنة المتمثلة بالقضاء على حماس، فإن ذلك سيؤدي إلى مزيد من التصعيد وزيادة العنف، مما قد يؤدي إلى حرب جديدة بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية، وفي الأخير ستتزايد الإدانات لإسرائيل، ويقل التأييد الشعبي لها على مستوى العالم، وتتعاظم التضامنات العالمية مع مظلومية الشعب الفلسطيني.

3. موقف المجتمع الدولي من الانتفاضة:

إذا دخلت الانتفاضة ضمن أوراق السياسة الدولية المتجهة نحو تعدد الأقطاب، فإن ذلك ربما يهيئ فرصة كبيرة لإيجاد حلول عادلة للقضية الفلسطينية، وعليه فإنه إذا حظيت الانتفاضة بدعم المجتمع الدولي، فإن ذلك سيزيد من الضغط على إسرائيل للتفاوض مع الفلسطينيين، مما قد يؤدي إلى حل سلمي للصراع. إلا أن موقف المجتمع الدولي، وبالذات الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، التضامني والداعم لإسرائيل، سيحول منطقة الشرق الأوسط إلى ساحة حرب، وهنا سيكون مفتاح الحل هو وقف الحرب على غزة، وعدم استمرار الكيل بمكيالين تجاه كافة القضايا المصيرية للشعوب، ومنها القضية الفلسطينية.

* هل الدولتان حل؟

يعتقد العديد من المحللين أن حل الدولتين هو الحل الوحيد للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث يوفر حلًا عادلًا لكلا الطرفين. ومع ذلك، فإن حل الدولتين يواجه العديد من التحديات، منها:

1. عدم رغبة إسرائيل في الانسحاب من الضفة الغربية بالكامل:

ترفض إسرائيل الانسحاب من الضفة الغربية بالكامل، لأنها ترى أن ذلك سيعرض أمنها القومي للخطر، ويتناقض مع سعيها إلى إضفاء الصفة الدينية على الدولة، وتقويض "مشروع دولة يهودية".

2. عدم قدرة الفلسطينيين على الاتفاق على حدود الدولة الفلسطينية:

لايزال الفلسطينيون مختلفين حول حدود الدولة الفلسطينية، حيث تطالب حركة حماس بضم قطاع غزة والضفة الغربية وبعض المناطق الإسرائيلية، بينما تطالب حركة فتح بضم الضفة الغربية وبعض المناطق الواقع تحت سلطات إسرائيل. ومن المؤكد أنه إذا تم تجاوز الخلافات الفلسطينية الفلسطينية، وتوحيد الصف الفلسطيني، سيزيد من قوة المقاومة لفرض شروطها التفاوضية مع الاحتلال.

 

* وضع فلسطينيي الداخل -أرض ١٩٤٨؟

يعاني فلسطينيو الداخل من التمييز والتهميش من قبل الدولة الإسرائيلية، حيث لا يتمتعون بنفس الحقوق التي يتمتع بها المواطنون الإسرائيليون اليهود.

هناك عدة حلول محتملة لوضع فلسطينيي الداخل، منها:

1. منحهم الجنسية الإسرائيلية الكاملة:

يعتقد بعض المحللين أن منح فلسطينيي الداخل الجنسية الإسرائيلية الكاملة، وإلغاء الفصل العنصري ضدهم، هو الحل الوحيد لضمان حقوقهم، إلا أن ذلك لا يبدو ممكنًا بسبب الطبيعة العنصرية للكيان الصهيوني.

2. إقامة دولة فلسطينية تضمهم:

يعتقد بعض المحللين أن إقامة دولة فلسطينية تضم فلسطينيي الداخل، هو الحل الأفضل لضمان حقوقهم في ظل استحالة تغيير النظرة العنصرية لليهود إليهم.

3. إقامة دولة واحدة تضم كلًا من الفلسطينيين والإسرائيليين:

يعتقد بعض المحللين أن إقامة دولة واحدة تضم كلًا من الفلسطينيين والإسرائيليين، هو الحل الأكثر عدالة للصراع، إلا أن هذا الحل يبدو من الخيال، لا سيما أن طبيعة دولة إسرائيل مبنية على أفكار استعمارية عنصرية توسعية ضمن خرافة أرض الميعاد من الفرات إلى النيل، ومشروع تأسيس الدولة اليهودية.

 

* حل لا يأخذ بعين الاعتبار وضع فلسطيني الداخل في ظل انتقاص المواطنة وممارسة التمييز العنصري ضدهم؟

إذا تم التوصل إلى حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي لا يأخذ بعين الاعتبار وضع فلسطينيي الداخل، فإن ذلك سيؤدي إلى استمرار معاناتهم من التمييز والتهميش، ويضاف إلى ذلك وضع الفلسطينيين في الشتات، وحقهم في العودة، وهذا الملف الذي لطالما تهربت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة من تناوله.

 

* رؤيتكم لما بعد حرب السابع من أكتوبر ٢٠٢٣؟

كانت حرب السابع من أكتوبر 2023 صراعًا مسلحًا بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية، حيث شنت إسرائيل عملية عسكرية واسعة النطاق ضد قطاع غزة، وردت الفصائل الفلسطينية بإطلاق صواريخ على إسرائيل.

انتهت الحرب بهدنة إنسانية ووقف إطلاق نار مؤقت، لكن لم يتم التوصل إلى أي اتفاق سياسي دائم. وعادت إسرائيل لاجتياح غزة من جديد، وعادت الولايات المتحدة لاستخدام حق الفيتو ضد قرار دولي لوقف إطلاق النار، بما من شأنه إعطاء المزيد من الوقت لإسرائيل لتستمر في الإبادة الجماعية في قطاع غزة. كما أن اتساع رقعة الحرب بدخول اليمن كلاعب في الحرب، يعتبر من المؤشرات لتداعيات خطيرة في المنطقة.

في رأيي، من المرجح أن يستمر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في ظل غياب حل سياسي عادل.

إلا أن هجمات 7 أكتوبر لحركة حماس أفشلت الكثير من المخططات الإسرائيلية في القضاء على حماس، بما من شأنه تمهيد الطريق للقضاء على القضية الفلسطينية برمتها، وعوضًا عن ذلك فقد تحولت القضية الفلسطينية إلى قضية عالمية في أبعادها السياسية والإنسانية، وتكشف زيف الادعاءات والأكاذيب التي تبثها إسرائيل في الوعي العالمي، وبدأت شعوب العالم تتعرف على تلك الأكاذيب، بما يبشر بثورة أخلاقية من شعوب العالم، بالذات في الدول العظمى، الأمر الذي يمكن أن يكون له تأثير على توجه تلك الدول بما يتم فرضه عليها من قبل الناخبين في تلك البلدان.