القضاء اليمني في قفص الاتهام

القضاء اليمني في قفص الاتهام

> إبراهيم القديمي - "الجزيرة نت"
يواجه النظام القضائي في اليمن اتهامات بالجملة من قبل الناشطين الحقوقيين والبرلمانيين ومنظمات المجتمع المدني وأحزاب المعارضة التي ترى أن إيجاد قضاء عادل ومستقل ونزيه أمر بعيد المنال.
فتفشي الرشوة وعدم البت في قضايا القتل والسرقة ونهب الأراضي "بالسرعة المطلوبة" وخضوع القضاة للتوجيهات العليا وإصدار أحكام باطلة ضد الطرف الأضعف في عملية التقاضي مآخذ تتردد على ألسنة الناس.
وأكد المدير التنفيذي لمنظمة هود للدفاع عن الحقوق والحريات المحامي خالد الآنسي على انتشار الفساد في غالبية المحاكم والمتمثل في الرشوة والبطء في إجراءات التقاضي وعدم توفر النزاهة في الأحكام.
وقال الآنسي في حديث لـ"الجزيرة نت" إن القضاء اليمني لم يتحقق كسلطة مستقلة ماليا وإداريا وفقا لما نص عليه الدستور، وإنما ما زال خاضعا للتوجيهات العليا أو ما يمكن أن يطلق عليه "التوظيف السياسي للقضاء".
***
جوانب تقصير
ويلخص رئيس لجنة العدل في مجلس النواب اليمني الدكتور غالب عبدالكافي القرشي، واقع القضاء اليمني بتفشي الرشوة وبقاء المسجونين في السجون فترات طويلة دون البت في قضاياهم، وسوء نظام الترقيات في المناصب القضائية والخلط بين المناصب القضائية الكبيرة والوظائف الإدارية كالجمع بين مجلس القضاء والمحكمة العليا في آن واحد.
أما عضو المكتب السياسي بالحزب الاشتراكي اليمني الدكتور عيدروس النقيب فيرى أن القضاء اليمني حينما يتعلق بالحقوق والحريات والقضايا السياسية فإنه يتحول إلى "هراوة بيد السلطة يتصرف بها كيف يشاء".
وقال النقيب لـ"الجزيرة نت" إن القضاء يزداد سوءا يوما بعد يوم، مدللا على أن القضايا تمكث في دهاليز المحاكم آمادا طويلة تتجاوز 10 سنوات. وبرأيه فإن هذا الوضع يجعل الأطراف المتنازعة تخضع للابتزاز لحل مشاكلها العالقة.
وأضاف أن القضاء بحاجة إلى ثورة تصحيحية لمعالجة اختلالاته، وهذا لا يتم إلا بإرادة جادة وخضوع كامل لسلطان الشفافية وتحت مراقبة الجماهير.
***
سلبيات وإيجابيات
بدوره قال الإعلامي والمحلل السياسي خالد عمر لـ"الجزيرة نت" إن السمة الغالبة على القضاء اليمني حتى الآن هي الضعف والعجز عن أن يكون أداة فاعلة وحاسمة توصل الإحساس بالأمان والعدل والمساواة إلى عامة الناس.
وأكد أن أغلب الناس لا يثقون في القضاء ونزاهته، ويعتقدون أن من يملك المال يستطيع أن يتلاعب بمسار التقاضي.
إلا أن عمر يقر بوجود خطوات إيجابية تحسب للقضاء في الآونة الأخيرة، تمثل أهمها في فصل منصب رئيس مجلس القضاء الأعلى عن منصب رئيس الجمهورية، وتشكيل المجلس الحالي من شخصيات كفؤة ونزيهة، واختيار رئيس المجلس لكونه قاضيا نزيها يضرب به المثل، وخضوع وزارة العدل لسلطة مجلس القضاء الأعلى، وتفعيل مبدأ الثواب والعقاب في السلك القضائي.
وأضاف: "بتنا نتابع الآن الأخبار المتوالية عن إيقاف وتجميد عمل بعض القضاة وأعضاء النيابات وإحالة بعضهم إلى التحقيق والمساءلة".
***
انتقادات دولية
ولم ينج القضاء اليمني من انتقادات المجتمع الدولي إذ أكد تقرير صادر عن الخارجية الأميركية أن الجهاز القضائي في اليمن يعاني من الضعف والعراقيل بسبب الفساد وتدخل السلطة التنفيذية في عدم تنفيذ الأحكام.
ووفقا للتقرير فإن استقلال القضاء أمر مستبعد نتيجة تعيين القضاة الموالين للسلطة التنفيذية وتعرض القضاة الأكفاء للمضايقة أو العزل من مناصبهم بسبب إصدارهم أحكاما قضائية مستقلة في غير صالح الحكومة.
كما وصف تقرير صادر عن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة النظام القضائي في اليمن بالهش نتيجة نقص المؤهلات لبعض القضاة والافتقار إلى التدريب القضائي وعدم توفر الحماية الكافية للقضاة.

***
نفي رسمي
لكن الحكومة اليمنية تنفي صحة تلك الاتهامات، وتؤكد أن القضاء شهد في الآونة الأخيرة خطوات تصحيحية تمثلت في تعزيز استقلالية الأجهزة القضائية وتحسين مستوى الخدمات المقدمة ورفع فعاليات إجراءاتها وتبسيطها.
وقال الدكتور عبدالله الحوثي -مستشار وزير العدل- لـ"الجزيرة نت" إن مجلس القضاء الأعلى أقام مبدأ الثواب والعقاب وأحال القضاة الفاسدين إلى التحقيق في حال تورطهم بقضايا الرشوة.
من جهته، لفت وزير العدل غازي الأغبري إلى تفعيل دور القضاء في مواجهة جرائم الفساد بأنواعها من خلال تعزيز دور المحاكم والنيابة وتعزيز قطاع قضايا الدولة بوزارة الشؤون القانونية.
وقال الأغبري في تصريحات نشرتها وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) إن اليمن شهدت في السنوات الأخيرة إحالة العديد من القضاة الفاسدين إلى النيابة العامة لينالوا الجزاء المناسب وفقا لأحكام قانون الجرائم والعقوبات رقم 12 لسنة 1994.
كما أكد على تعزيز آلية التنسيق بين الجهات القضائية واستكمال البناء القضائي لمحاكم ونيابات الأموال العامة وتحديث القوانين والأنظمة واللوائح الخاصة بالقضاء.