من أسقط هيبة الدولة؟

من أسقط هيبة الدولة؟

>محمد الغباري
طوال الأشهر الثمانية الماضية تلقينا كمواطنين دروسا تطبيقية في كيفية إسقاط هيبة الدولة وعدم احترام الدستور والقوانين، فلدينا الزميلان فؤاد راشد وصلاح السلقدي في معتقل جهاز الأمن السياسي دون أن يحاكما أو يطلق سراحهما، على أن لدينا درسا بالغ الأهمية والخطورة يتمثل في اختطاف وإخفاء الزميل محمد المقالح منذ ما يقارب الشهرين. في الحالة الأولى قد
>محمد الغباري

طوال الأشهر الثمانية الماضية تلقينا كمواطنين دروسا تطبيقية في كيفية إسقاط هيبة الدولة وعدم احترام الدستور والقوانين، فلدينا الزميلان فؤاد راشد وصلاح السلقدي في معتقل جهاز الأمن السياسي دون أن يحاكما أو يطلق سراحهما، على أن لدينا درسا بالغ الأهمية والخطورة يتمثل في اختطاف وإخفاء الزميل محمد المقالح منذ ما يقارب الشهرين. في الحالة الأولى قد يبدو الأمر أقل خطورة إذ إننا نعرف مصير الزميلين، رغم اليقين بأن المقالح هو أيضا لدى أحد أجهزة السلطة، غير أن الإصرار المريب على إخفائه لا يعد مؤشراً خطيراً على الاستهتار بحياة البشر، ولكنه أيضا يعكس حرص هذه السلطة على إسقاط أي معنى لهيبة الدولة، والتشريع للعنف والخروج على الدستور. لم ينتصر الجيش في صعدة، ولم تتراجع قدرة الحوثيين على التوسع، لأن المقالح لم يكن أركان حرب المتمردين ولا قائد أحد محاورهم. ومع كل هذا فمسؤولونا يجددون التأكيد ليل نهار على استعدادهم للحوار مع من حملوا السلاح في وجه الدولة وقتلوا آلافاً من الجنود، وبنفس العزيمة يصرون على إخفاء صحفي اختلف معهم في الرأي، ويعدون ذلك انتصارا مهماً لا ينبغي التفريط فيه. حين يتحدث المسؤولون عن هيبة الدولة وسلطة القانون يتناسون أنهم يدينون أنفسهم قبل إدانة الآخرين، فالزميلان فؤاد وصلاح أمضيا أكثر من 6 أشهر في سجن الأمن السياسي بتهمة المساس بالوحدة الوطنية، فيما المسؤولون عن إيصال الناس إلى هذه المرحلة من الكفر بكل القيم التي حملوها، يكرمون ويحظون بالرعاية، لم تتم محاسبة مسؤول فاسد كانت ممارساته سببا في ردة فعل الناس تجاه الوحدة كحلم راود الناس طيلة عقود من الزمن. أليس من المهم أن يسأل الحكم نفسه عن الأسباب التي جعلت الناس يبكون من الفرح عشية 22 مايو، ولماذا تغير الموقف الآن؟ ألم يكن الأولى بالسلطة معالجة آثار حرب 1994، ووقف العبث في الأراضي، ومعالجة الحياة المعيشية للناس بمسؤولية، ومعاملتهم على قاعدة المساواة بدلا من الإبعاد من المواقع العسكرية والمدنية..؟ هل تتذكرون ناصر النوبة وسعيد شحتور اللذين كانا من أوائل من تحدث عن الانفصال، ومن طالبا بطرد الشماليين من المحافظات الجنوبية، مع هذا لم يعتقل أي منهما، بل أرسل إليهم الوسطاء وبذلت لهم المكرمات. ويعرف الجميع أن طارق الفضلي قاد مجاميع الجهاديين لتدمير الدولة التي سلمها الحزب الاشتراكي لدولة الوحدة، وأن الحكم أطلق يده للاستيلاء على مساحات شاسعة من الأراضي بحجة أنها من ممتلكات السلطنة التي كان آباؤه يحكمونها.. فؤاد راشد لا يمتلك قبيلة وليس لديه حزب يدافع عنه، ولهذا ترك وحيدا، وصلاح السقلدي لا يمتلك قبلية ستقطع الطريق لتطالب بالعفو عن قائد عسكري سلم لواء عسكريا بأكمله للمتمردين. ولأن محمد المقالح من إب فإن الحكم مطمئن إلى أن أحدا لن يختطف مسؤولا أو سائحا لضمان الإفراج عنه، وهو يعي جيدا أن دم صلاح الرعوي سفك وذبح مع هيبة الدولة داخل سجن المباحث الجنائية، ومع ذلك فقد أفرج عن القتلة، ولم تتمكن المحكمة من عقد جلساتها حتى لمحاكمتهم غيابيا