بوش.. أمريكي فخور أم مجرد دُمية؟

بوش.. أمريكي فخور أم مجرد دُمية؟ - بول كريج روبرتس*

- ترجمة: نسرين عبدالله الذبحاني
أعزائي القراء، هل تعرفون أن اسرائيل تمكنت تماماً من التصفية الفعلية لجنوب لبنان؟
لقد أمرت القرويين بإخلاء منازلهم تماماً ثم دمرت بيوتهم وقتلت كل القرويين الفارين حتى لايتمكنوا من العودة نهائياً، مما يُسهل عليها عملية اغتصاب الاراضي اللبنانية كما فعلت سابقاً مع الفلسطينيين وسلبت اراضيهم.
هل تعرفون أن التقرير الذي قدمه منسق الطوارئ في الأمم المتحدة «جان ايجلاند» أفاد أن ثلث ضحايا العدوان الاسرائيلي هم من الاطفال، وأن اسرائيل تستهدف الجسور والطرق مما يعيق عملية وصول الاسعافات.. بشكل سريع إلى الضحايا المتضررين؟ وأن معظم استهدافاتها -إن لم يكن جميعها- لمواقع مزعومة لحزب الله هي استهدافات يذهب ضحيتها الكثير من المدنيين؟! وأن هناك ما يجعلنا نعتقد بإمكانية توجيه هذه الضربات الاسرائيلية على لبنان عبر الاقمار الاصطناعية الامريكية والعسكرية الامريكية GPS؟ لا تستغرب!
بالطبع لا تعرفون هذه الاشياء وذلك بسبب التعتيم الإعلامي الامريكي. إن بوش فخور جداً بذاته لأنه كما تعرفون اعترض كل المساعي الهادفة إلى وقف العدوان الاسرائيلي، بوش قال للأمم المتحدة: لا، وقال للاتحاد الاوروبي: لا، وقال لرئيس الوزراء السابق: لا، إنه يستمتع بهذا العدوان ويتمنى لو أنه يتمكن من كل هذا داخل العراق.
هل يشعر بالفخر لإنه منح الضوء الأخضر لاسرائيل لتسقط القنابل على رؤوس الفلاحين، على الأحياء السكنية في العاصمة، على كل أرجاء بيروت، في المستشفيات، في الحدائق، على المنتجات الغذائية، على كل قطعة في البنية التحتية تعتمد عليها الحياة المدنية!!
فهل لك أن تكون اميركياً فخوراً؟ أم أنك دمية اسرائيلية؟
في العشرين من يوليو صوَّت ممثلو البيت الأبيض لصالح جرائم الحرب الفظيعة ونددوا -كما افادت «اسوشييتد»- باعداء الولاية الاسرائيلية. فمن هم اعداء اسرائيل؟
إنهم من الجهة الاولى: الفلسطينيون، الذين سُرقت اراضيهم من قبل اسرائيل ودمرت بيوتهم وحقول زيتونهم، إنهم الاطفال الذين تساقطوا صرعى في الطرقات برصاص اسرائيلي، إنهن النساء اللاتي تعرضن للاغتصاب من قبل اسرائيل.
إنهم الفلسطينيون الذين حوصروا ولم يبلغوا اراضيهم، لم يتمكنوا من الحصول على الرعاية الطبية او الذهاب للمدارس أو غيره.
إن عدو اسرائيل الأول هم الفلسطينيون الذين اجتاح الكيان الصهيوني اراضيهم وطرد اهلها.. الفلسطينيون الذين لم يعودوا يسمحوا لأطفالهم بالخروج كي لا يقتنصهم رصاص المستوطنين الاسرائيليين.
عندما فرض بوش الانتخابات على فلسطين، صوت الشارع الفلسطيني لحماس وهي المنظمة التي تقف لاسرائيل، وهذا يعني بالتأكيد أن حماس هي الشر نفسه، وهي ضد السامية، ومنظمة غير أمريكية، ومن ثم فهي منظمة إرهابية. وكان الرد الامريكي على هذا الاختيار قطع جميع الإعانات المالية عن الحكومة الجديدة. فالديمقراطية مسموحة فقط إذا كانت نتائجها تتفق مع ما تريد امريكا واسرائيل.
ويُمثل حزب الله العدو الثاني لاسرائيل من جهة ثانية، وهي جماعة من المسلمين الشيعة ظهرت سنة 1982 عند الاجتياح الاسرائيلي الأول داخل الاراضي اللبنانية، الأمر الذي ترتب عليه قيام حزب الله الذي تمكن من مقاتلة اسرائيل ودحرها من داخل الاراضي اللبنانية بعد قتل اللاجئين داخل المخيمات.
واليوم يقف حزب الله بالمرصاد لاسرائيل، وليدافع هو وحده عن لبنان كما يعمل على مد يد العون في جانب الخدمات الطبية والخدمات الاجتماعية. باختصار، إن اعداء اسرائيل هم أي دولة مسلمة لا تحكمها الدمية الامريكية.
لقد وقفت مصر والاردن والسعودية والإمارات البترولية إلى جانب اسرائيل ضد حزب الله لأنهم إما يعتمدون على معونات امريكية او يتمتعون بحماية امريكية.
لكن عاجلاً أو آجلاً، ستسقط هذه الحكومات الفاسدة التي لا تمثل شعبها، والمسألة فقط مسألة وقت.
والحق أن بوش واسرائيل ربما يسارعون في العملية في مساع حثيثة لإسقاط سوريا وايران اللتين تتمتعان بدعم شعبي اكبر من التي يملكها بوش. انهم يعتقدون أن سوريا وإيران مثلها مثل العراق لقمة سائغة.
إذا كنت امريكياً فخوراً فاعمل جاهداً على أن لا تخدم امريكا واسرائيل بأي شيء.
في العشرين من يوليو عندما صوت الممثلون لصالح جرائم الحرب الاسرائيلية سارعوا بالإدلاء بتصريحات بلسان الشعب: «إن الشعب الامريكي يولي كل الدعم للحرب الاسرائيلية ضد الإرهاب ويتفهم وجوب الاتفاق مع حليفنا الاقرب في أزمته».
لكن.. من خلق هذه الازمة؟
لقد خلقها الاسرائيليون باجتياحهم للبلاد. إن الشعب الامريكي لا يدعم جرائم الحرب التي ترتكب ضد اللبنانيين المدنيين.
وإذا كانت إسرائيل تستهدف حزب الله الذي يتواجد في الجنوب، فلماذا ضربت العاصمة؟ ولماذا ضرب شمال لبنان؟ ولماذا ضربت المستشفيات والمطارات والمدارس؟!
لقد وصلنا إلى النقطة الرئيسة: إذا كانت امريكا بمجلس شيوخها وممثليها قد وافقوا على جرائم الحرب الاسرائيلية ونددوا بالمقاومة، فإنهم يؤكدون بذلك ما قاله أسامة بن لادن من أن امريكا هي الداعمة لاسرائيل وتقف ضد العرب والعالم الاسلامي.
إن اسرائيل مُحاطة بمئات الملايين من المسلمين الذين يتحولون إلى أعداء لها بسبب تصرفاتها وسياساتها اللاإنسانية.
لقد كان لامريكا بعض الشيء من «البريستيج» (الوضع) في أعين العالم الانساني في كونها ستحاول التوصل إلى حل وسط لجميع الأطراف لكنها دمرت ذلك تماماً وكشفت للعالم أنها ليست إلا مُجرد دمية في يد اسرائيل.
إن مشاركة امريكا في هذا يجعل كل الشعب الامريكي مُداناً دائماً عبر التاريخ.
* السكرتير المساعد السابق لوزارة المالية في الولايات المتحدة، ورئيس التحرير السابق لمجلة Wall street Jowrnal ، عضو في معهد الدراسات السياسية والاقتصادية، ومساعد في «النوايا الحسنة».