اعادة تشغيل مصافي عدن مهمة وطنية عاجلة

شركة مصافي عدن
شركة مصافي عدن (أرشيف صفحة الشركة)

منذ ما بعد تحرير العاصمة عدن في العام 2015،دخلت شركة مصافي عدن منعطفًا جديدًا وخطيرًا، استهدف اهم مؤسسة اقتصادية في اليمن والمنطقة، ذلك العام المسمى بعام التحرير الذي توقعنا انه سيكون بداية الانطلاق صوب الازدهار والتنمية والتقدم، لنتفاجأ بعد مرور تسع سنوات من ذلك اليوم الأغر، بأننا لم نحصد سوى الخيبات والخراب والتدمير لعدن ومؤسساتها وأهلها الطيبين.

والمشكلة هنا ليست في التحرير؛ الذي هو فعل وطني وايجابي، وإنما بمن ركبوا الموجة باسم التحرير والنضال وأوصلوا البلد الى هذا الوضع الكارثي، وإلى هذا الحطام المتناثر بكل مكان.

شركة مصافي عدن، نالت القسط الكبير من التدمير والحرب والتخريب، في محاولة لاخراجها تماما عن الجاهزية، لفرض ومنع تشغيلها مستقبلا بطاقتها المعهودة، لان عودتها للعمل سوف يحرم هوامير النفط والسوق السوداء الكثير من الاموال الحرام والصفقات المشبوهة التي يجنوها من ظهر الشعب الغلبان، المستهدف الاول مما يحدث في عدن.

ان زيارتنا في التيار الوطني للتصحيح والبناء، أمس الأول الخميس، لشركة المصافي، تاتي في إطار إعادة تسليط الضوء على اهم مؤسسة اقتصادية في البلاد، واعادة بعث وتحريك ملف تشغيل المصافي من جديد بعد أن تم فرض تعتيم اعلامي كبير عليه حتى ينساها الناس ويتوقفوا عن المطالبة باعادة تشغيلها، في الوقت الذي دعموا فيه حملات إعلامية مشبوهة لتشويه المصافي، والتشكيك في قدرات المؤسسة العريقة والمخضرمة في التعامل مع كثير من الامور، لاسيما موضوع فحص الوقود في مختبرها الكبير والمجهز، والذي ليس له مثيل في اليمن والمنطقة، وقد ذهلنا ونحن نتنقل فيه من قسم الى قسم ومن إدارة الى إدارة من حجم مساحته وتجهيزاته الحديثة والقديمة التي قلما تجهدها في أي مختبر نفطي اخر.

عموما، الهدف ليس تلميع إدارة المصفاة التي هي الأخرى حشرت في خانة صعبة لمواجهة التزامات مالية لأكثر من أربعة آلاف موظف، وغيرها من الالتزامات الأخرى تجاه المجتمع وغيره، في ظل موارد شحيحة، وصمت مطبق من قبل مجلس القيادة والحكومة والمجلس الانتقالي، الذين تعاملوا مع كل المطالبات والمناشدات السابقة بإعادة تشغيل المصفاة بكل برود واللامبالاه للأسف.

في المصفاة إدارة مقتدرة وشجاعة قالت كل شي عند لقائنا بها، كان المدير التنفيذي المهندس احمد مسعد سعيد، أكثر وضوحًا وشفافية، وهو يعدد الصعوبات والمعوقات التي تقف امام الإدارة، وهو ايضا يقدم الحلول والمعالجات الممكنة لاعادة تشغيل المصفاة وبأسرع وقت ممكن.

قال مسعد ان المصفاة فقدت كل وظائفها المهمة منذ عام التحرير 2015، فهو لم يعد منطقة حرة للتعامل مع الشركات الدولية والاجنبية، ولم يعد قادرا على تموين البواخر بالوقود رغم انه يبعد 20 ميلا فقط من ممر عبور البواخر في خليج عدن وباب المندب، ولم يعد يمارس وظيفته الاهم في تكرير الخام التي سوف تعالج الكثير من المشكلات في عدن والمناطق المحررة، أبرزها مشكلة انقطاعات الكهرباء وارتفاع اسعار الوقود في السوق، وأزمة السيولة المالية التي تسببت في تدهور العملة المحلية والارتفاع الجنوني للاسعار، لان المصفاة سوف يدر اموال طائلة الى خزينة الدولة، وسيحد بشكل كبير من التلاعب والفساد والأزمات الناتجة عنهما.

لقد سمعنا وعرفنا بيقين ان ما يحدث للمصفاة أمر متعمد، تمارسه قوى كثيرة داخلية وخارجية، لكن من العيب والعار ان يتورط ابناء البلد في ارتكاب هذه الجريمة النكراء، لاسيما الجنوبيين منهم، الطارئيين على العمل السياسي، وعلى لعبة المصالح الجشعة التي تكاد تقود عدن والجنوب الى الهلاك والدمار العميم.

ان اعادة تشغيل مصافي عدن تعد اليوم مهمة وطنية عاجلة لكل الوطنيين والخيرين الغيورين على بلدهم وعلى مصالحهم التي تكاد تسلب منهم في حالة غفلة واستسلام لم يعد يجدي، وعليهم اليوم التحرك بكل شجاعة للحفاظ على ما تبقى قبل ان ينتهي كل شي تقريبا.

عدن تعاني من عمل تدميري وانتقامي خطير وممنهج، المصافي معطل، ميناء عدن يعاني، حركة البناء والاستثمار متوقفة، الخدمات مدمرة، المطار شبة متوقف، جامعة عدن ينخرها الفساد، بينما الفساد والنهب للمال العام وممتلكات الدولة من اراضي وغيرها مستمرة بوتيرة عالية... اذن ماذا تبقى من عدن، والى اين يقودوها هؤلاء الاوغاد؟

ايها الناس لا تيأسوا.. ما يزال هناك بصيص امل، ولكنه بحاجة الى تحرك وعمل وطني وشجاع، قبل ان نفقده للنهاية، والله المستعان.