بأدوات محلية.. صراع النفوذ السعودي الإماراتي يتجدد في حضرموت

تستمر حالة التصعيد في حضرموت بين مكونات قبلية وسياسية حضرمية تتباين مواقفها وتختلف الجهات الراعية لها.
ومن وقت لآخر تتبادل المكونات الحضرمية الاتهامات في ما بينها، الأمر الذي يهدد المحافظة الأكبر في اليمن، بانزلاقها نحو الفوضى واللا استقرار، بخاصة في ظل حالة التجاذب الحاصلة في الملف الامني والعسكري بساحل ووادي حضرموت.

بيان حلف قبائل حضرموت
بيان حلف قبائل حضرموت

إذ يسعى المجلس الانتقالي الجنوبي عبر مكونات حضرمية تابعة له، ومن ورائه دولة الإمارات العربية المتحدة، إلى تعزيز الحضور في حضرموت، وجر المحافظة إلى الاصطفاف وراء مشروع المجلس الانتقالي المطالب بانفصال الجنوب، والقفز على الخصوصية الحضرمية.
في المقابل، سعت السعودية، خلال السنوات الأخيرة، لبسط نفوذها في المحافظة من خلال مكونات حضرمية، تتبنى مشروعًا خاصًا لحضرموت، إن لم يكن ضمن دولة الوحدة، فلن يكون ضمن مخطط الانفصال، وهو ما يتبناه حلف قبائل حضرموت، الذي صدر عنه، أمس الأحد، بيان تصعيدي، أعاد الصراع بينه وبين بقية المكونات إلى الواجهة.
البيان حذر من استمرار التجاوزات التي تمس كرامة المجتمع، وتتعدى أنظمة الدولة ومؤسساتها، من قبل من وصفها بتلك الجهات، في إشارة للمكونات التابعة للمجلس الانتقالي المدعومة إماراتيًا.

وفي تصعيد صريح، حمل البيان دولة الإمارات كامل المسؤولية عن كافة التجاوزات الحاصلة بحق حضرموت وأهلها

وأدان البيان الذي حصلت "النداء" على نسخة منه، ما تعرض له عدد من جنود النخبة الحضرمية أمام بوابة معسكر ربوة، وقال إنه ينذر ببوادر الفتن والكوارث في حضرموت، مستنكرًا عدم التحقيق في ما حصل، داعيًا الجهات المختصة إلى تحمل مسؤولياتها في محاسبة المتورطين وإطلاق سراح المسجونين.
البيان أدان أيضًا ما تعرض له أبناء المكلا من اقتحام حرمة منازلهم والتعسفات والانتهاكات التي طالتهم من خلال تنفيذ عملية عسكرية وأمنية تحت مسمى "ميزان العدل".
وفي تصعيد صريح، حمل البيان دولة الإمارات كامل المسؤولية عن كافة التجاوزات الحاصلة بحق حضرموت وأهلها، جراء دعمها أجندات سياسية خاصة، وفرضها على المجتمع الحضرمي بالمال وقوة السلاح. محذرًا من أن تماديها في كل ذلك ينذر بصراعات داخل حضرموت "نحن حريصون على تجنبها".
وحذر بيان حلف قبائل حضرموت كل مسؤول أو جهة يحاول شرعنة تلك التصرفات، ويبرر حصول هذه التجاوزات. وقال إنه "وإن كنا نؤيد التعاون والعمل المشترك مع دول الجوار بما يعزز الأمن والسكينة العامة، ويخدم استقرار المنطقة، إلا أننا لن نقبل التطاول على كرامة المجتمع وسيادة الدولة".
ودعا البيان قيادة الشرعية لإظهار موقفها تجاه تلك التصرفات والتجاوزات، وإنهاء كل الظواهر التي تستهدف حضرموت، باعتبار ذلك من واجبات الدولة. مضيفًا: "ولا شرعية لهم علينا في خلاف ذلك".
وفي إثارة جديدة للملف الأمني والعسكري، جدد حلف قبائل حضرموت، الدعوة لتوحيد كل القوى العسكرية في نطاق حضرموت، تحت منطقة عسكرية موحدة، تجنبًا للنتائج السيئة من صراعات، وأخذ العبرة مما يحدث فى بعض المحافظات والدول العربية.
كما دعا البيان لاستيعاب ٢٠ ألف فرد من أبناء حضرموت ممن سبق أن تم إعداد الكشوفات بأسمائهم، في إطار مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية. وطالب بسرعة صرف مستحقاتهم المالية واعتمادها بشكل دائم، مؤكدًا رفضه تواجد أية قوات غير حضرمية على كامل تراب حضرموت.
وإلى جانب المطالب الحقوقية والخدمية، دعا البيان العمل على حماية الثروات النفطية والمعدنية والبحرية والأصول والأملاك العامة وإيقاف النهب والعبث واستغلال ظرف الحرب الذي تمر به البلاد، محذرًا كل الجهات والشركات من أي تعامل في هذا الاتجاه، وحملهم كامل المسؤولية المترتبة على ذلك.
وختم حلف قبائل حضرموت بيانه بالتأكيد على دعم مؤتمر حضرموت الجامع ومخرجاته، واعتبرها خارطة طريق لمستقبل حضرموت.

 

مواقف مضادة

بيان صادر عن قيادة الهبة الحضرمية
بيان صادر عن قيادة الهبة الحضرمية

وردًا على بيان حلف قبائل حضرموت، سارعت عدد من المكونات الحضرمية المحسوبة على الإمارات للرد، دفاعًا عن أبوظبي. حيث أصدرت قيادة الهبة الحضرمية الثانية، اليوم الاثنين، بيانًا عبرت فيه عن استنكارها لما جاء في بيان حلف قبائل حضرموت من استهداف لدولة الإمارات العربية المتحدة، ونكران لما قدمته لحضرموت.
من جهتها، استنكرت "الهيئة التنفيذية لكتلة حلف وجامع حضرموت"، ما جاء في بيان حلف قبائل حضرموت، وقالت إن صياغته تمت في دائرة ضيقة يمثل أشخاصًا محدودين وتوجهًا محددًا.
واستغرب بيان الهيئة الذي حصلت "النداء" على نسخة منه، "الزج باسم الإمارات العربية المتحدة في بيان منسوب لحلف قبائل حضرموت الذي تضمن سيلًا من الاتهامات الباطلة ضد الإمارات، وإقحامها في قضايا ليس لها شأن بها، وهي الدولة التي قدمت الكثير لحضرموت ولحلف قبائل حضرموت خصوصًا والجنوب بشكل عام".
وعدا المكونات الحضرمية المحسوية على المجلس الانتقالي، انتقدت إدارة الأمن بساحل حضرموت ما جاء في بيان "حلف قبائل حضرموت"، وقالت إنه استفزازي، ويدعو إلى الفتنة، ويسيء للإمارات".
وأمام كل ذلك، يبدو واضحًا أن صراع النفوذ الإقليمي في حضرموت يزداد ضراوة، وتحديدًا بين عضوي التحالف العربي السعودية والإمارات، ويبدو أن المحافظة النفطية وذات الموقع الجغرافي المميز، على موعد مع سيناريوهات تختلف كليًا عن طبيعة المحافظة المسالمة والآمنة منذ عقود.