وما خفي سيكون أعظم!

ماذا يجري؟!
إغماءة الغموض تتسع مكانًا زمانًا تتعلق بالاستزراع والحصاد المر نهاية موسم القتل وتصفية الحسابات وإعادة تدوير ملفات المنطقة عنوة وعنفًا وحربًا.

المنطقة التي تحيروا بعد حقب طالت ماذا سيكون مآلها النهائي، وكل ترتيبات من أساء عمدًا الاستزراع فيها بحاصلات لا تناسبها مناخًا ولا ثقافة، ها هو يقرر مادته الأخيرة في علم الاستزراع دولة كيانه الصهيوني عبر معاول ا

لإبادة والتطهير حتى آخر عشب لا يمت بصلة لأرضه ووطنه وبيئته، هي لعبة قديمة يجري فرضها بعنوان قديم جديد، نحن ولا أحد غيرنا يقرر مصير العالم، وليس مصير غزة فقط.
هكذا قالوا وتبجحوا في كل منبر، وفي كل حرف نطقوه لا نعرف، لا نعترف بغير شيء واحد اسمه إسرائيل، والباقي عدم.
صادروا كل عناوين اللعبة التي خدروا بها العالم خلال مراحل إمبرياليتهم المتعطشة للدم، للتوسع، للمال خلال توسعها، خلال زيف شعاراتها عن كل العنعنات التي أصموا بها آذان عالم آخر استعمروه طويلًا، وحين خرج عن طوقهم حركوا أساطيلهم، وغيروا مفردات قاموسهم الأجوف عن حديث مبادئ العنعنات، عن حقوق الإنسان وحق تقرير المصير وسيادة القانون، كله بغمضة عين اختطفه قرصان الرأسمالية التي تغير جلدها حسب الزمان والجوهر الاستعماري التوسعي الإمبريالي لتلبس جلدها المزيف المطعم بالشعارات الجوفاء للآخرين بالقوة أو عبر مفاعيل الإبادة والإلغاء، لتدفع غزة نهاية المطاف الثمن الفادح كي تعيش دولة الكيان الصهيوني مع روافد النبت النازي الجامع زيلينسكي، ولا بأس أن يذهب العالم للجحيم مادامت مكنة الطبع للدولار دونما غطاء، وعجز العالم يتضخم، والمطلوب أن يرضخ العالم لمن بالبيت الأبيض يأمر ويحكم.
دراما سوداء ديلما إغريقية انتهت مفعولًا وزمانًا، لكن غزة هذه القطعة المحاصرة تسأل أصحاب السيرة:
كفاكم صراعًا سنة شيعة..
كفى دورانًا تحت عناوين باهتة عمياء..
كفى أقوالًا إرسال إشارات تتضامن من غزة..
قد أنجز العقل المقاوم معادلة أخرى: القوة تعادلها قوة، ونقول: كل الدول العربية لديها ما يكفي من عناصر القوة التي من أجلها صنعت هذه الديلما.
لدى الدول العربية مفاتيح تغيير معادلة الرحلة التي افتتحت حركة المقاومة عناوين مساراتها عقلًا، صمودًا، تطويرًا لما يمكن فعله أن صار العقل الجمعي يجيد اللعب بعناصر القوة التي يمتلكها، وما يدار من حرب إبادة وفرض عناصر القوة إنما تخفي أهدافًا في مقدمها إلغاء ما لدى الأمة من عناصر القوة وللعلم، قد زادت الأزمة في تمظهرها، لأن بروز قوة المدى الشعبي قد أصاب بمقتل جوهر مشروع اللعبة الاستعمارية التي طالت من حين كانت علامة السايكس بيكو علامة تجارية لها متعهدون باللطف وبالقوة.
إنها لحظة للخروج والمغادرة من سجن القلعة، لحظة لإعادة حسن توجيه واستخدام ما نملك، لا ما نطلب بالمجان.
أولًا، نحن وطن عربي سموه مرة بلدانًا عربية، ومرة فبركة لعبة شرق أوسط وشرق أوسط أكبر وأوسع، ومرة أدخلونا تابوت الإبراهيمية، وقبلها ذبحونا من الوريد إلى الوريد تحت عناوين كاذبة براقة من رسملة عولمة براقة ودمقرطة مزيفة وحقوق إنسان، مرورًا قبلها بلعبة الربيع العبرية التي تدفع ثمنها غزة، وانتهاءً بعلم المثلية.
والحل يبدأ إن كان المراد صد التصفية النهائية للقضية الفلسطينية:
إعادة تصحيح ما جرى من أخطاء ليتم فورًا إعادة تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك، وتطوير هيكلة اقتصادية عربية حقيقية مطلوب أن تتوافر لها كل عناصر النجاح، بديلًا من السعي الأمريكي لإقحامنا في منتجع خدمة التكامل مع إسرائيل عبر مشاريع تضر ولا تنفع مشروع الربط عبر الهند.
ثانيًا، تطوير نهج إعادة سوريا للجامعة العربية، وتمكينها من الخروج من تحت قبضة العقوبات الأمريكية.
ثالثًا، صياغة معادلة تاريخية ينتج عنها إبراز قوة عربية تواجه قوى الهيمنة على بلادنا العربية... مثلث: إسرائيل -تركيا -إيران.
لدينا قدرات وإمكانات تسمح بذلك، فقط حان وقت الخروج من عنق القول من القائد ومن... الخ.
رابعًا، دمار وتفتيت العراق يماثله أيضًا دمار وتفتيت اليمن وليبيا، وما يجري من تفتيت مستحدث في السودان، وما يجري من إبادة للشعب الفلسطيني، وقبل ذلك كله الدعم الحقيقي لمصر القوة، بعيدًا عن الغمز واللمز وسياسة الإكراميات، مصر في وجه المدفع، أي ضرر لها سيضر كل بلادنا العربية، وفق مشاريع مرسومة.
وأخيرًا، أضيف إلى النقاط السابقة، بل أراها تحتل مكان الصدارة في المواجهة التي تمثل عناصر ما نملك من قوة.
لم تستمر علاقات واتفاقات التطبيع؟
لم لا تلوح الدول التي لها علاقات مع دولة الكيان، ولو مجرد تلويح، بالقطع؟
كيف نواجه من يدعم هذا الكيان وقواعده تملأ أراضينا، ومعظم أموالنا محجوزة في خزائنه وسنداته؟
هذا ليس كلامًا لتفريغ شحنة غضب، لكن تقريرًا يقول بأن التفريط بعناصر القوة تترجم ما يلحق بنا من هوان ومذلة، ولا يكفينا فرحًا اتصال أو حوار مع قاتل لأطفال غزة، إن لم يدرك أن معادلة القوة تغيرت.
العالم يتكلم بلغة القوة ولغة المصالح التي تفرضها القوة، وليس المبادئ، المبادئ تركن على الرف كالحلوى، كصدقة لمن فقد بالمعارك التاريخية ظله.
جربوا وصفة غزة، إن تم ذلك سيعيد العالم قراءة عناصر ما تملكون من عناصر القوة، وسيعيد التفكير بخرائطه التي يجري تجهيزها من مرحلة زراعة المستنبت الصهيوني كوليد لسايكس بيكو، إلى مرحلة العولمة التي قتلت ومزقت العالم ولم تعولمه عدلًا، وها هم عادوا بأساطيلهم كما جاؤوا بالأمس ضمن حملاتهم الصليبية.
دعونا ننقذ فعلًا غزة، سننقذ عالمًا بكامله، والظرف قد تهيأ كما لم يسبق.
والحنكة لم يحسن قنص الفرصة التي نادرًا ما يقدمها التاريخ مجانًا، لكن قدمتها تضحيات غزة.