يا له من عبث!

تنويه:

لم يكن مجرد صدفة ولا ضربًا من الودع أن يتم تسليم ملف اليمن للرباعية الدولية، وتحديدًا لبريطانيا العظمى، حكومة صاحبة الجلالة التي باتت بقدرة قادر من سلالة آل البيت، مع أن هذه النكتة ليست هى المعول الأهم... الأكثر أهمية أن بريطانيا هي من خلق وقائع تاريخية على أرض الجزيرة والخليج، لتدوم، وتعود للإمساك بخيوط اللعبة فيها متى تطلبت وقائع السياسة المستجدة المتجددة، والتي يجري ضخ شرارات تفاعلها سلبًا على الأرض، وعبر مفهوم تاريخي استعماري يتجدد مظهره.. عضةهنا وعضة يمارسها الجراح البريطاني أينما يرى مصالحه أولًا، ثم وفق مصالح شبكات عنكبوتية. دولية وإقليمية ومحلية.

يرافق هذا الدور البريطاني دور سلم لوريث بريطانيا بعد انحسار مكانة بريطانيا؛ الولايات المتحدة، لتؤازر تنفيذ ما تراه بريطانيا في شؤون المنطقة، وإلا لماذا لم يكن تشكيل الرباعية متنوعًا يضم قوى غير قوى النفوذ والسيطرة التاريخيين، أي بريطانيا وأمريكا، مضافًا إليهما لحقة دولتي التحالف السعودية والإمارات.. لذا رأينا، خلال سنوات الحرب التي دمرت بلادنا، الحضور والغياب والتدخل السريع بشكل أو بآخر ساعة يشاؤون، لكنهم لا يحسمون أمرًا، فقط يغيرون الانتباه، ثم يعيدون عنونة المصالح في الخليج وفق مقتضيات اللعب والصراع مع إيران وملفها النووي، والصين وتمادي نفوذها الاقتصادي السياسي وفق ما لا يرغبون، وامتدادًا حتى تتم محاصرة روسيا ونفوذها للحفاظ على مصالحهم التاريخية في منطقة صراع دولي بباب المندب وهرمز والبحر الأحمر وممر قناة السويس، وبالتالي العمل على إبقاء ما يمكن إبقاؤه من مصالح تخدمهم أولًا، حتى وإن تم تدمير اليمن شظايا ونتفًا تتقاذفها جميع الأطراف، كل حسب دوره المرسوم... فليس في أجندتهم الحفاظ على كيان وطني يسمى يمنًا موحدًا قويًا، ليس ذلك بحسبانهم، للأسف، قد تفاهموا عمدًا أو حسبما تريد سياسات الأمر الواقع، حيث استحدثوا و ولدوا ودعموا على الأرض قالوا قوى متباينة الأهداف والتبعية، ثم قالوا عنها ووصفوها بأنها حقائق على الأرض يعتد بها، وتناسوا أنهم هم من مولوا، وهم من دعموا، وهم من احتضنوا، وهم من ظل يلاعب مشروع استعادة الدولة مكرًا وكذبًا، تلك الدولة التي اعترفوا بشرعيتها، لكنهم كانوا يلفون ويدورون حول مصالح أخرى، مع إشارات كاذبة تشير إلى قيامهم بمراقبة ومحاصرة دور إيران، لكنهم غضوا الطرف عن تدفق الأسلحة، لكنهم كانوا حريصين على حضور الدور الصهيوني بغية إضعاف أي إمكان لانبعاث دور عربي موازٍ لتغول أدوار كل من تركيا وإيران وإسرائيل كقوى يعتد بها في المنطقة.
تبعثر مشروع استعادة الدولة عبر ما سموه التعامل مع قوة الحقائق المزيفة على الأرض. هنا لنا سؤال: كيف يمكن لمن سهل ومول وساعد قوى التطرف من قوى القاعدة وداعش، أن يقبل باستعادة الدولة التي كان التحالف عنوانًا لها، وكانت الشرعية الدولية التي أصدرت وتبنت القرار 2216 ثم تركته يترنح تتقاذفه رياح الرفض من كافة القوى المنقلبة على شرعية جرى تحجيمها ثم تعقيمها على مراحل، حتى أوصلوها لبيت الطاعة كمجرد تابع، إذ هناك من يتحدث نيابة عنهم مع العدو المنقلب الذي تكون لأجله القرار 2216.
رئيس جرت عملية للإطاحة به نهاية المطاف.
حرب كذوب تجاوزت تسعًا من السنين، لم تسفر إلا عن عناوين قاتلة أبرزها ضياع ما تبقى من الدولة.
تدمير ممنهج للبنية الأساسية لسلاح الدولة واقتصادها، وتقطيع أوصالها، وخدش بل طعن مكوناتها التاريخية والثقافية، وأي مظهر من مظاهر وحدتها الوطنية، ثم نسمع وبملء العين عن حصار محكم على إيران، ومحاولات إمدادات السلاح لطرفها المحاصر كذبًا بصنعاء، حصار مرت خلاله أموال وأسلحة وتمويلات لم تصب في خدمة شعب، الكل كان يتحدث كذبًا عن تدبير رواتبهم، بينما هم يستعرضون أسلحة وقاذفات ومسيرات بالمليارات.. قيل إنها صنعت بالكهوف.. أي عبث هذا الذي يجري! وأي استسلام لبجاحة من بات يتكلم جهارًا نهارًا، مرددًا لنا القول الفصل، ولكم الخضوع طالما والكل يلهث يحاوره، والآن نسأل بعدما أعلنوا نهاية 26 سبتمبر، وأنهم ذاهبون نحو منتجع الصفوة الإيمانية الباحثة عن كيان العدل في كهوف مران، وآخر ما قدموه من نموذج دولة المواطنة حجز طائرة مسافرين، وحجبوا أموال شركة وطنية ليس بهكذا طريقة تكون معالجة بلد دمروه تحت كثير من المسميات، لعل أبشعها إعادة وجة سبتمبر لمعتقل المغول الإمامي في مران.
يا له من عبث وأي عبث!
نسأل: هل هو عبث الأقدار أم عبث التجار؟!
إنه عبث التجار من كافة الألوان!
فبالله قولوا مع من تتحاورون، وتحت أي عناوين يا أولي الألباب؟
وحرام ضياع عشر سنوات، ودمار وطن، وتكون الحصيلة إلغاء سبتمبر 62 من جدول تاريخ اليمن.
كلا... كلا.