ما بين عمرو... وزيد

سنون وعمر وزمن...
وما يمضي من زمن لن يعود أدراجه، بل تكون العودة لما كان عليه أكثر كلفة وصعوبة ومشقة.هذا إذا سمحت المعادلات بعودة ما كان ذلك من المستحيلات. التاريخ لا يعيد نفسه، وفاقد العقل ساعة إفلاته لمكونات عقله والحواس، لن تنفعه تقنيات جوجل، ولا شعوذات الخلط بين النصوص، ولن تقوي عضده مستحضرات عطار ذكي، فلن يصلح العطار ما أفسده الدهر، ولن ينفعه الممول المغدق يمينًا وشمالًا، لأن حسابات الحقل غير حسابات البيدر، وفي السياسة تظل قسمة ضيزى واردة في سوق العميان، ليس عميان البصيرة والبصر، ولكن عميان لعبة السياسة من بوابة الدخول الخطأ بالتوقيت الخطأ، وعبر الممول والمسوق الأكثر عماءً إلا عن مصالحه وكيفية اللعب في ميادين الربح والخسارة على طريقة مكيافيلي.

ذكرت ذلك بعد أن اخترت العنوان أعلاه، لحديث أريد أن أقول وأنقل كلامًا ظل هاجسه يطاردني طيلة الأيام الأخيرة، التي عياشناها كيمنيين، خلال الأيام الأخيرة، حملت عناوين مآلاتها إما مبهجة مفرحة أو مقرفة مزعجة، ونحن نود أن تكون حصيلتها مثمرة تحمل جديدًا نغادر من خلالها ساحة الحرب وبنادول الدوران في حلقات الذكر والفراغ، وينتهي المولد بلا حمص، بخاصة إن تمت إقامة المولد بغياب صاحبه عمدًا أو بدون عمد. وهنا اشير إلى أمرين:
الأول: لقاء الرياض.
الثاني: اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
المحور الأول، أقصد لقاء الرياض، قد خاضت مجاله وتعمقت، بل غاصت كثير من الأقلام، بحثًا عن جواهره ولآلئ جديدة من عمق محيطه وعقر داره. هذا اللقاء بالعاصمة الرياض، لا شيء يا هانيبال أتاك من أرض الرومان غير القول الذي لا يغني ولا يشبع من جوع، إشارات ملائكية تقول وتشيد بهذا اللقاء التاريخي، وبجديته، وبالموشرات الإيجابية لمكنوناته، دون الإفصاح عن ماهية التوافقات التي تم التوافق عليها، وإلى ما أفضت بشأن تقديم إجابات توافقية بشأن قضايا الحرب والصراع والخلافات الجوهرية التي كانت سببًا لحرب ضروس استدعت جهدًا تشكر عليه الأطراف التي تولت رعايته، من هنا وهناك أثمر عن لقاء الرياض الذي تم وقضى أمره ولا نقول نحبه، لا نريد ذلك بتاتًا، الكل يريد نجاح لقاء الرياض، وكل بداخله غرض يعقوب يريد تحقيقه، بخاصة وقد كان الحاضران طرفين كانا نقيضين لبعض، لكن متطلبات المصالح والسياسة وفقت بينهما لحضور زفة المولد الكبير الذي أقيم علانية تحت غياب صاحبه المستضعف الشرعية التي كان ينبغي أن يكن حضورها أساسيًا للولوج إلى ساحات البحث والحوار، إنهاءً لملف الحرب والانقلاب على الدولة الهشة التي كانت قائمة، وجرى تدمير ما بقي من معالمها سيادة ونظامًا ومؤسسات.
سنظل ننتظر عودة جودو يحمل إلينا ماذا تم بلقاء الرياض، وماذا أثمر، وما بعدها سيكون لكل حادث حديث، حيث الكل جميعهم يقولون ويرون بضرورة وضع نهاية لحرب اليمن التي طالت، وكهنتها يعرفون جوهر الأسباب لذلك، لكنهم لا يقولون ما يكشف الحقيقة، فحاجب السوق يسوق، وأنت وشطارتك! استمعوا جيدًا لمقابلة شبكة فوكس الأمريكية، مع سمو الأمير محمد بن سلمان، رئيس الوزراء ولي العهد، مقابلة لم تقدم غير معسول الكلام والدعاية للعبة الجولف التي اتضح أن سمو الأمير غير مهتم بها كثيرًا! ونحن ندرك أن الإعلام يعطيك مجرد إشارات، والشاطر تكفيه الإشارة. الإعلام إحدى وسائل حروب الجيل الرابع والخامس.
يعطيك من طرف اللسان حلاوة ويزوغ منك كما يزوغ الثلعب
نعود للعنوان الذي اخترناه... ما بين زيد وعمرو، وهو الجزء الأساس في مقالنا، يتعلق بمشاركة بلادنا بوفد طويل عريض، فيه رئيسان وثلة من الرهط والأتباع، ولمَ لا والحشد ذاهب لمنبر أممي رفيع لا يهش ولا ينش، والعالم كله يطالب بتطوير وإحداث تعديلات جوهرية في آليات عمله، واسألوا جهينة، فعندها الخبر اليقين. أقصد اسألوا فلسطين المناضلة.
الأمم المتحدة مندوبها الخامس عشر، اعذروني لو بالغت لليمن صار مرهقًا يجتر جراحاته، مجرد ناقل بريد، كان الحوثي يرفض مقابلته، بينما كانت أمريكا تغازل الحوثي نكاية بابن سلمان، وتلويحًا لإيران، لا تلعبوا وحدكم نحن أولى.
مشاركة الشرعية بوجود الرئيس العليمي والرئيس الزبيدي، رغم أنه كعضو بالوفد، لكنه نافس، وقال ما بنفس يعقوب إنه يمثل ملفًا وقضية أخرى.. لوح خلال حديثه مع "بي بي سي" إلى أن السيف جاهز كي يشهر دفاعًا عنها، هو يتحدث عن القضية الجنوبية، ورئيسه رئيس الوفد يخاطب الجمعية العامة بصوت جهور، أن الحل يرتكز على مخرجات الحوار وقرار 2216، مطالبًا الأمم المتحدة بالخروج من حالة المهادنة مع الجماعة الانقلابية التي يدار الحوار معها بالرياض، بمباركة أمريكا والأمم المتحدة واللجنة الرباعية، لذا كان لنا أن نتساءل ماذا عمل عمرو لزيد، وأين تخالفت أو توافقت نغمات عمرو مع نغمات زيد بهذا المحفل الدولي.
ماذا ترون؟ هل كانت نغمات متناغمة منسجمة؟
أم كانت نغمات نشاز متنافرة؟ الحكم لكم.