القذافي في ليتوانيا

الغائية في تفكير مواطن ليتواني، توظيف القصة لتحليل فلسفي ومنهجي عن الغائية وما يتبعها من انحياز العلم عن السبب والنتيجة للاحتمالية.

 

مواطن ليتواني يشبه القذافي (شبكات التواصل)
مواطن ليتواني يشبه القذافي (شبكات التواصل)

رجل فقير من مواطني ليتوانيا قبل أكثر من سنة، كان حلمه يتصاعد بشراء تليفون حديث، فبعد أن تحقق حلمه وأصبح حقيقة، وفي أول توظيف للآيفون هو قيامه بنشر صورتهِ، على صفحته، ليتفاجأ بعد نشره لصورته بأن اللايكات والتعليقات انهالت عليه من كل حدبٍ وصوب، ومن كل بلد عربي، برقم قياسي، وكان في محل استغراب واندهاش لهذه الطفرة بحياته، لقد ابتسم له الحظ مع أول نشر لصورته على صفحته، في انتشاله من الفقر المدقع.
السبب في ذلك أن صورته كانت تشبه شخصًا آخر لم يكن هو على علم به أو يعرفه من قبل، هو العقيد معمر القذافي.. فكان المواطن الليتواني في محل استدعاء الفكاهة والاستغراب من الملايين للشبه الكلي والمطابق بكل التفاصيل بين الرجلين.

 

التحليل:

أليست الغائية التي هي كمبدأ في السلسلة المتتالية من الحلقات في التتابع بين سبب ونتيجة، ونتيجة لتكون سببًا لنتيجة، حتى صار التفسير لدى مواطن ليتوانيا الفقير، بأن سبب انتشاله من الفقر هو معمر القذافي، وأنه كان في تصوره سببًا غائيًا لنتيجة مؤداها نعمة حلت عليه، حتى بدأ بالتساؤل أي نبي هذا الذي يقدسه كل هذا الكم الهائل من البشر. بينما الأمر يختلف في كل تصورات ملايين اللايكات عن مواطن ليتوانيا، ولهذا لم يعد يؤخذ بمبدأ السبب والنتيجة كعامل وحيد بالعلوم الاجتماعية والإنسانية، بل أيضًا في العلوم الطبيعية، فلم يؤخذ بمبدأ السبب والنتيجة كعامل وحيد لأنها في حلقاتها تشكل سلسلة تتابع تؤدي للغائية.
فما الغائية؟ هي التي تعتمد في التفسير بأن التصور للشيء مسبق لأوانه في مآلات حدوثه، لا لتلك القوانين والعوامل من الروابط المتداخلة في تفاعلاتها، والتي بالمنهج الاحتمالي نجد أنفسنا أقرب للعلم، لا للغاية، وللواقع منه لا للصورة المسبقة عنه. فقد تكون روح الدهشة لدى المواطن العربي أنه وجد شخصًا يشبه معمر القذافي، ولأنه يثير روح النكتة، من حيث الشكل، لكنه بنظر مواطن ليتوانيا الفقير، نبي مبهم انتشله من حال إلى حال آخر مغاير.