السلام الذي نريده والذي لا نريده

السلام أصبح أغنية جميلة يطرب بها مغنٍّ بشع لا يريد لليمن الخير، لأنه لا يريد السلام الذي يريده أغلبية اليمنيين، ويتطلعون إليه، وإنما السلام الذي يريده هو، والقوى الخارجية النافذة في البلاد.

عن أي سلام يتكلمون؟ هل السلام الذي يقود لبناء دولة العدالة والمواطنة والمساواة والحرية، أكانت هذه الدولة اتحادية أو فيدرالية أو كنفدرالية أو غيرها، أم السلام الذي يعيد إنتاج الاستبداد والإمامة وحكم البطنين وغيرها من المصطلحات التي عفا عليها الزمن؟
لن يأتي الخارج ولا أدواته المحلية الرخيصة هنا وهناك، بالسلام الذي يتطلع إليه الناس، وتنشده البلاد والأمة، وإنما يأتي بذلك الأحرار من القادة والقوى الوطنية التي بإمكانها أن تغير نظرة وتعامل الخارج مع البلد، وتصوب مساراته إلى ما هو إيجابي ومفيد في إطار لعبة المصالح المشتركة والمتبادلة، لا في إطار الخضوع والعمل لصالح المصالح الخارجية والتفريط بمصالح البلد والشعب، من يقوم بهذا الدور الأخير هم العملاء والخونة الذين باعوا أوطانهم مقابل عرض زائل من متع الدنيا، ومن يقوم بالدور الأول هم الوطنيون الأحرار الذين هم في أمس الحاجة اليوم للتكاتف والتآزر والتواصل في ما بينهم لخلق كتلة وطنية حرة ومتماسكة، أو على الأقل لوبيات ضغط نشطة ومؤثرة.
من يحارب الناس بالخدمات والمرتبات والغلاء والاقتصاد، غير مؤهل للقيادة، وغير جدير بالمساهمة في صناعة السلام، وإقامة المصالحة والعدالة، وتحقيق الأمن والاستقرار.
نعرف أنه زمن الأوغاد والعملاء الذين يكذبون ويخدعون الناس بالشعارات البراقة، ويتلقون الدعم الخارجي لمواصلة الفساد والإفساد والخراب، وتمزيق البلاد إلى كانتونات صغيرة ومتصارعة ليسهل إدارتها ونهبها، وإحياء الهويات المحلية لضرب الهوية الجامعة للبلاد التي تشعر بعض الدول أمامها بعقدة النقص، فتمعن في الانتقام بطرق ووسائل مختلفة، لم تعد بخافية على أحد.
أعرف أن القوى الوطنية والحية سواء أكانت أفرادًا أو جماعات، موجودة، لكنها محاربة بكل الوسائل السرية والظاهرة، لكن هذا الليل لن يطول، ولا بد من صباح مشرق وجميل آتٍ لا محالة.