استحقاق

لا أرى في الانقلابات العسكرية المتتالية التي وقعت في القارة السمراء... مؤخرًا (وقد تأخرت كثيرًا)، بأنها تمثل تعديًا على تجارب ما تسمى الديمقراطية الناشئة هناك، وإنما هي، من وجهة نظري، خطوة وطنية ضرورية،

كان لا بد من الإقدام عليها، وأنتظر حدوث مثيلها في المتبقيات، من أجل إصلاح مسارات إدارة شؤون الدول المنهكة في كل مجالات الحياة... الداخلية، من دون الحاجة لذكر تفاصيل معانات شعوبها، المعروفة للعالم أجمع، وفي مقدمة الفاهمين الدول الغربية... المُحتجة، المنتفعة من تخلف الأخريات ورخص سلطاتها، وكذلك مراجعة نوعية العلاقات الخارجية للدول المنتفضة، والتي كانت ومازالت تميل كفة التعامل فيها (بشكل واضح وفاضح) لصالح الدول الاستعمارية السابقة، وبالمرة أيضًا اهتبال الفرصة لتضبيط علاقة التعاون والشراكة مع الدول الجديدة (كبديل عادل) بصورة سليمة، وبما يمنع تكرار مهازل العقود الماضية... والممضية!

كمتضامن أنتظر بشوق سماع انتقال عدوى التغيير الانقلابي/ الاضطراري/ المُحق، إلى بقية الدول، المبتلاة بفساد وتبعية الأنظمة الديكتاتورية السفيهة، التي جلبتها صناديق الانتخابات القُمامية المحبوكة، التي يتم الاعتراف بنتائجها المزورة من قبل حكومات وشركات ما يعرف بالعالم الحر، مع الإشارة إلى بعض تحفظات مراقبيها الخجولة على مجريات خطوات الاقتراعات وشفافيتها، وهي في الحقيقة والواقع، حكومات وشركات منافقة ونهازة... ونهابة ثروات، وقد تعودت مواصلة سياسة الاستهبال ع المكشوف، وكانت ومازالت ترفض بوقاحة الإنصات لأصوات الاحتجاجات المجتمعية، واعتراضات النخب الوطنية المعارضة، ولكنها في الأخير سترضخ مرغمة، وستقبل مكرهة بالنظام العالمي متعدد الأقطاب والعادل... الآخذ بالتشكل والاكتمال، وإفريقيا ليست ببعيدة عن التغيير التاريخي، وسترضخ الحكومات الغربية لفكرة إعادة النظر في علاقاتها بالدول المنهوبة... وستتوسل، ولا بد أن تعتذر عن كل جرائمها السابقة المهولة، مع دفع التعويضات المنصفة، والإعلان جهارًا عن احترامها (المتأخر كثيرًا) لمشاعر الشعوب، التي اضطهدتها واستغلتها على مدى ما مضى من زمن التعارف المفروض بالقوة الخشنة... والناعمة، والموافقة صراحة على حرية تصرف الشعوب الإفريقية بثرواتها الوطنية، واختيار أنظمة الحكم الخاص بها، التي ستضمن حسن استغلال الخيرات، وتسخيرها لخدمة الداخل المحروم من (كل) شيء، وبالمرة الانتفاع بصورة صحيحة من قواعد اللعبة الديمقراطية في تحسين الأداء، والانتظام بتداول السلطة سلميًا، في التوقيت المحدد سلفًا، طبقًا لنصوص الدستور المتفق والمستفتى عليه وطنيًا، لا الملطشة الذي يجري التعدي عليه من قبل من يحكم ويتحكم، ويسعى الطامح الطامع لتثبيت نفسه بنفسه... حتى موعد وفاته، أو إلى أن يتفاجأ بخلعه بالقوة، فيستنجد بأسياده كما فعل آخر مقلوب عليه أمس!