صاحب الكاميرون

(السويد) في البداية ونحن نتعرف على فندق اقامتنا "لورد نيلسون "هناك اطلالة خلفية لابد منها، يعتبر الفندق تحفة معمارية غاية في الرشاقة والجمال، وقد صمم وكأنه سفينة القيادة الخاصة بالأدميرال البريطاني هوراشيو نيلسون، قائد البحرية البريطانية الذي خاض حرب الانتصار على البحريتين الفرنسية والاسبانية، وهزم نابوليون بونابرت في الموقعة التاريخية التي تعرف بالطرف الاغر . Trafalgar

والاسم في الاصل عربي عن تلك الموقعة في جنوب اسبانيا، ومن تسميات اندلسية واضحة كما هو ظاهر، وفي لندن يقع اهم موقع اسمه Trafalgar square في حي ويستمنستر، قلب لندن المشهور بعموده الطويل 51متر محاط بأربعة اسود ذهبية، وعلى الجانب منها تشاهد ساعة بيج بين الشهيرة، وكان من حظي زيارة المكان عندما كنت في لندن 1967م- في الفندق ماكنت الغرف تحمل ارقاماً بل أسماء "غرفتي كان اسمها روزالين ان لم تخنني الذاكرة" وفي الفندق كله لا يوجد أحد من العاملين يمكن رؤيته.. اقتصاداً في نفقات اليد العاملة لا يوجد غير شابة واحدة في الاستقبال تعمل طوال النهار، وفي المساء تستبدل بأخرى غيرها تناوب حتى الصباح، ومن له اي طلب من النزلاء فليس في الفندق مطعم ولا خدمة للغرف، وكل من يطلب ما يريد، طعاماً او شراباً او شاياً او وات ايفر يو لأيك.. تطلب التلفون، وتقوم العاملة الوحيدة بالطلب لك من محلات الديليفري لتوصيل الطلب.

هكذا هم فقط يحضرون في الفندق وجبة افطار متنوعة تجلس في قاعة الطعام، وتأخذ ما تريد وما تقدر على اكله.. كان من بين اعضاء ندوتنا الدراسية زميل من بلاد هي عبارة عن جزيرة صغيرة جداً. بالغة الصغر لدرجة لا تكاد تجدها على الخريطة اسمها "فيجي" وكان قد وطن نفسه على ان لا ينفق من مصاريفه ولا حتى فلسًا واحداً على الطعام، ولا يأكل الا ما هو مجاني، وكان يسعد كثيراً بوجبة الفطار المجانية ويجمع منها كل ما يستطيع جمعه وبلعه من مأكولات وله قصة طريفة اثناء زيارة سياحية رتبوها لنا الى فنلندا على مركب سياحي فوق البحيرات سأتذكر ان احكيها لكم حين يجيء وقتها.

كان عددنا نحن المشاركين في الندوة التعليمية، او التدريبية ان شئتم، 12 شخصًا وشخصه، قصدي رجال ونساء، كان أقرب الي ممن كونت صداقات معهم ثلاثة، واحد من الهند، وواحد من هونج كونج، وواحدة محامية من زامبيا.. الاخرون هم هذا الفيجي، وواحد ثقيل دم من الكاميرون ومحامية اخرى من المكسيك، ورجل من الجابون، وآخر من هندوراس، وما عدت اذكر غير هؤلاء لأنه لم يكن لاحد اخر موقف حدث يذكرني به.. ولو تذكرت ونحن نمشي سأقول به.

كنت قد اخذت معي من باب الاحتياط وللحاجة إذا دعت نسخة ملحقة كمشروع بقانون العقوبات الخاص بنا، قدمها المرحوم الدكتور عبدالرحمن عبدالله إبراهيم اخصائي الحقوق حينما تحمست دولتنا لحماية حقوق الملكية الفكرية والأداء ضد قرصنة اغانينا والالحان والكتب والرسوم وهلم جرا وقد اثار ذلك فعلاً اعجاب المنتدي الذي تقاطعه تقريباً بقية الدول العربية مما يفسر عدم حضور اي احد غيري من اي دولة عربية مباركة من دولنا الخيبانة.. اما مصر فقد اكتفت بالمعاهدات الفرنسية التي تحمي حقوقها دوليًا، وتعوضها عن ارتكاب اي قرصنة لحقوقها ،ايوه وا الله ذكرت ..كمان كان في معانا واحد مسكين الله وطيب ودايماً يتفوه في الصف من مالي.. وانا مالي هوه يا خواتي.

مالي يا شيخ هذي البلاد اللي كانت دايماً في حرب مع القذافي، واستنجد مرة بالرئيس على ناصر ليمده بمقاتلين.. وابو جمال والله ما قصر معه.. وصى له رجال مقاتلين إذا انا مش غلطان كانوا بقيادة محمد علي احمد.. المهم ما اكثرش عليكم باللوك.. ثاني يوم سألنا الاستاذ اولسون إذا كان حد ناقصة شيء والا محتاج حاجة يتكلم، كذا يعني كلام من باب الذوق والادب السويدي الرفيع قام صاحبنا الثقيل اللي ذكرته لكم اول، صاحب الكاميرون، بلاد كذا في غرب افريقيا وقال: انا محتاج فلوس.. الفلوس اللي اخذتها كلها صرفتها وانا الان مفلس؟؟!! مسرع يا ابن الحرام قد صرفت الفلوس وفلست؟ المهم عالم ثالث من حق ام الجن، ناس بلاطجة بلا حيا، بلم الصف كله ولا أحد طلع نخس. .فكر مستر اولسون، وهز رأسه وقال للكاميروني طيب لا اشوفك بعد نهاية الحصة.، واكيد بيكون الشخص اياه قرح من الرجال زايد ناقص زيما نقول، وفي اخر الدرس سار معنا لغاية الفندق المستر اولسون، من باب المجاملة، وكان ذا من حسن حظي لأننا شليت معي من دكان تحف الاسماك بشارع الهلال بالتواهي هدية كذا محترمة على قدر الحال، قلت لابد ما يكون حد يستحق الاهداء، وما كانش في احسن من المستر اولسون يستحق الاهداء، كفاية وجيته لي الى المطار، كانت التحفة حق الاسماك عبارة عن لوبستر مدهون بشكل جميل، وداخل صندوق زجاجي انيق قدمتها له وانا فرحان من داخل قلبي وقبلها مشكوراً.