إحياء خجول ليوم المختفين قسريًا في ظل غياب المعلومات

تعد قضية الاختفاء القسري في اليمن من القضايا الشائكة الممتدة جذورها مُنذ عشرات السنين، وازدادت وتيرتها بعد سيطرة جماعة الحوثي على مقاليد الحكم في الشمال 2014، واندلاع حرب 2015 التي أعلنها التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، على اليمن، وسيطرة المجلس الانتقالي عبر حزامه الأمني على جنوب اليمن، حيث أصبح المواطنون جميعهم مستهدفين سوء كانوا مواطنين عاديين أو ينتمون إلى أحزاب سياسية أو جماعات دينية أو مناطق أو مكونات عسكرية.

 

غياب المعلومات

ويأتي اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري الذي يتم احياءؤهُ اليوم  على استحياء، في ظل شحة الحصول على معلومات دقيقة تتعلق بعدد المختفين قسريًا في اليمن الذين اختفوا خلال سنوات ماضية، وعند التواصل مع بعض المنظمات الحقوقية التي تسنى لي الوصول إليها لم أجد ارقام دقيقة لأعدادهم فما وجدته عبارة عن ارقام لمختفين قسريًا تختلف من منظمة الى أخرى او ارقام لا تحدد بشكل دقيق المناطق وسنوات الاختفاء لضحايا، ناهيكم عن التركيز على مناطق وأطراف دونًا عن غيرهم وبالتالي أدى ذلك الى عدم الحصول على رقم دقيق او حتى تقريبي لعدد المختفين في كل محافظات اليمن .
مؤسسة دفاع للحقوق والحريات عملت على توثيق الانتهاكات التي ارتكبتها أطراف الصراع في "الجنوب" مُنذ عام 2015م وقد تمكنت المؤسسة من تسجيل 49 مختفيًا قسريًا، معظمهم من محافظة أبين وعدن وأشارت رئيسة المؤسسة هدى الصراري إلى ان الجهات المسؤولة عن الاختطافات والاختفاءات القسرية في المحافظات الجنوبية كانت جماعة الحوثي خلال عام 2015م، والشرعية والحزام الأمني الذي يقع تحت سيطرة "المجلس الانتقالي".
من جهتها ذكرت رئيسة رابطة أمهات المختطفين أمة السلام الحاج، أن هناك 116 مختفيًا قسريًا تم توثيقهم لدى الرابطة من المحافظات الشمالية والجنوبية، خلال عام 2016، توزعوا بين 58 مخفيًا لدى الحزام الأمني في الجنوب، و55 لدى جماعة الحوثي في كل من صنعاء، أمانة العاصمة، الحديدة، عمران، تعز، ذمار، رداع، صعدة وإب، و2 في الساحل الغربي، و1 لدى الشرعية.
وقالت الحاج إن هناك عددًا كبيرًا من حالات الاختفاء القسري لم يستطيعوا توثيقها بسبب عدم استكمال بياناتهم في الاستمارة المخصصة للرابطة.
وعلى نفس الاتجاه سجلت منظمة "ضمير" في شبوة عدد 5 مختفين قسريًا اختفوا ما بين 2022 و2023، وأ كد رئيس المنظمة الحقوقي ناصر الخليفي ان حالات الاختفاء في محافظة شبوة لا تتجاوز الشهر والشهرين ومن ثم يتم بعد ذلك معرفة مكان المختفي وهو ما حدث لعدد 10 مختفين قسريًا اختفوا وبعدها تم معرفة مكانهم ومتابعتهم حتى تم الافراج عنهم.
اما منظمة العفو الدولية فقد ذكرت في بيان لها اليوم ان منظمات حقوق الإنسان في اليمن وثقت 1547 حالة لأشخاص مخفيين ومفقودين مُنذ عام 2015م .

 

اللجنة الوطنية والقضاء

كان الهدف من إنشاء اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، إحالة ملفات حقوق الإنسان إلى القضاء اليمني، وذلك من أجل البدء بمحاسبة المنتهكين، ولكن ذلك الهدف لم يتحقق إلى الآن بسبب انقسام القضاء اليمني، حيث يسيطر الحوثيون في الشمال والشرعية والمجلس الانتقالي في الجنوب وحزب الإصلاح في مأرب.
وقالت المحامية هدى الصراري: "ظلت اللجنة الوطنية تسجل شهادات الضحايا دون أن يكون هناك أي تحقيق للهدف الذي أنشئت من أجله اللجنة، وهو إحالة ملفات حقوق الإنسان للقضاء.
وأكدت أن إيجاد آلية دولية ستسهم في تدويل ملف حقوق الإنسان أو تخصيص محكمة خاصة باليمن أسوة بليبيا.
وعمل التحالف العربي الذي تقوده السعودية بالضغط على الدول من أجل إلغاء صلاحية فريق الخبراء البارزين الذين كانوا يعملون في اليمن، واتهامهم بأنهم غير مهنيين.
وقالت الصراري إن الاتهام لفريق الخبراء جاء بعد ثلاثة تقارير أكدوا خلالها على ضرورة تعيين محكمة خاصة في اليمن، وضرورة إحالة ملف حقوق الإنسان للقضاء الدولي.
وفي التقرير الدوري العاشر من عمل اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، للفترة من 1-7-2021 وحتى 31-7-2022، تمكنت اللجنة من رصد والتحقيق وتوثيق عدد 859 حالة ادعاء بالاعتقال التعسفي والاختفاء القسري، ارتكبتها مختلف الأطراف في اليمن، وقد ثبتت مسؤولية جماعة الحوثي عن 665، بينما كانت مسؤولية القوات الحكومية والجهات الأمنية التابعة لها 166. وقد أظهر التقرير 10 حالات اختفاء قسري لصيادين على يد الحكومة الشرعية ممثلة بقيادة المنطقة العسكرية الخامسة، ولايزال مصيرهم مجهولًا حتى كتابة هذا التقرير.

 

واستمرارًا للتذكير بضحايا الاختفاء القسري، يحيي العالم اليوم ذكرى اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري الذي يوافق 30 أغسطس. وبهذه المناسبة أكدت الرابطة اليمنية لأسر المختفين قسريًا تمسكها الثابت بقضية كل المختفين قسرًا في اليمن خلال مختلف المراحل المتعاقبة منذ أكثر من نصف قرن، وبحق أسرهم في كل ما يوقف معاناتها الطويلة، ويرفع التعذيب المستمر عنها، من: الحقيقة والعدالة وإنهاء الضرر.

وأعلنت، في بيان لها نشر على صفحتها الرسمية في "فيسبوك"، بمناسبة اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري، رفضها القاطع تجاهل هذه القضية الحيوية، ومحاولة تهميشها أو إغفال وجودها؛ منبِّهةً إلى أن خطر اجترار الماضي ومآسيه يزيد حاضر مجتمعنا تسميمًا ومستقبله قتامةً وانسدادًا.
ومن جهته، طالب تحالف ميثاق العدالة لليمن، في بيان صادر عنه، الأمم المتحدة ومجلس الأمن بالسعي الجاد لإظهار المخفيين قسرًا، وإعادتهم سالمين إلى أهاليهم، وجبر الضرر ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات بحقهم.
وجدد التحالف دعوته لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، والمفوض السامي لحقوق الإنسان للعمل من أجل الحد من الإفلات من العقاب في اليمن، ووقف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وذلك من خلال تشكيل لجنة تحقيق دولية يعتمدها مجلس حقوق الإنسان، تتمكن من تحديد هوية مرتكبي تلك الجرائم تمهيدًا لمحاسبتهم.
وأعرب المركز الأمريكي للعدالة (ACJ) عن بالغ قلقه جراء استمرار بقاء مرتكبي هذه الانتهاكات بعيدًا عن يد العدالة، وتمكنهم من الإفلات من العقاب، الأمر الذي شجع على انتشار ظاهرة الاختفاء القسري على نطاق واسع، حد قولهم.
وأكد في بيان له أن عدم مصادقة الحكومة اليمنية على "الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري"، قد أغرى مختلف أطراف النزاع بممارسة الإخفاء القسري، في انتهاك صريح للقانون الدولي الإنساني.
وطالب الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن السيد هانس غروندبرغ وجميع الشركاء المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان حول العالم، بالقيام بمسؤولياتهم القانونية والأخلاقية في سبيل كشف مصير المختفي قسريًا وإطلاق سراحهم.