في رحاب أحمد!

الصحفي أحمد الحاج
الصحفي أحمد الحاج (صورة متداولة على شبكات التواصل)

هنالك أصدقاء أكبر من معجمك اللغوي، وأعلى من أية قيمة، وأوسع من قدرتك المحدودة على الوصف!

بين هؤلاء، وفي الصدارة، الزميل القدير أحمد الحاج، مراسل وكالة أسوشيتدبرس في اليمن.

أحمد الحاج معياري؛ يمكن لي تقييم الأشخاص انطلاقًا من موقفهم منه؛ من يحب أحمد فهو شخص سوي، ومن لا يحب أحمد فهو شخص مقيت.

وفي هذا يمكن قول الكثير.

والعكس أيضًا صحيح: إذا أبدى أحمد عدم ارتياحه من شخص، فالأكيد أنه شخص مقيت، وإذا عبر عن ارتياحه، فالشخص لطيف!

أستطيع أن أجزم بأن لا أحد بين من عرفتهم وزاملتهم يكره أحمد أو يستبطن مشاعر سلبية ضده… والله أعلم.

في 12 أكتوبر 2004 صدر العدد الأول لـ"النداء".

بعد يومين صودرت الصحيفة من الأكشاك والمكتبات، وألغي ترخيصها.

كانت ضربة مؤلمة بالنسبة لصحيفة جديدة رهانها الوحيد أن تكسب احترام الناس، لا أن تنال رضا رئيس أو شيخ أو رئيس حزب!

كانت الضربة شديدة على مجموعة صغيرة من الزملاء والأصدقاء لا يتعدى عددهم أصابع اليد الواحدة، أبرزهم أحمد الحاج. والأكيد أن الصحيفة ما كانت لتصدر لولا هذا الرجل! وما كانت لتستأنف الصدور في منتصف مارس 2005 من دونه.

العدد الأول تم تجهيزه في مكتبه في جولة كنتاكي، غير بعيد من مقر الصحيفة الخاوي جوار الجامعه القديمة.

في مارس 2005 عادت "النداء" للصدور بقرار قضائي.

كان قلب أحمد مفتوحًا قبل مكتبه، لي ولزملائي.

ولعل أبرز محطة وأشدها صعوبة هي تلك التي بدأ فيها جهاز الأمن القومي إخضاع مكتب الزميل أحمد، ومكتب "النداء" بالتالي، للرقابة الدائمة. لقد صارت جولة كنتاكي في صنعاء منطقة عمليات أمنية، وبلغ الحصار الأمني حد الإضرار المباشر بأحمد وبعض العاملين معه في المكتب، إذ اختطف الأمن القومي في ساعة متأخرة من ليلة إخراج الصحيفة وتجهيز عددها للطبع، أحد العاملين عدة ساعات لغرض تجنيده، لكن الرجل الطيب كشف مخطط الأمن بعد ساعات، وتكفل أحمد بإخفائه. ولما انتظره المخبرون يوم السبت التالي، حسب الموعد المضروب، ليأتيهم بالوثائق المطلوبة، ولم يجئ، جن جنونهم، وصار المطلوب رأس "أبو بكر"، لا رأس أحمد، ولا مخطط "النداء" التآمري.

لقد كانت أيامًا صعبة انتهت بنصر أمني مبين، إذ تمكن الأمن القومي، بعملية دقيقة، من التسلل إلى مكتب الزميل أحمد، ومصادرة الكثير من الوثائق والتسجيلات، فضلًا عن جهاز الماكنتوش الجديد، والوحيد، الذي تملكه الصحيفة.

لم يهدأ بال لجهاز الأمن القومي رغم ما فعله. لقد تابع حصار المبنى وأصحابه. والظريف أن بلاغ الصحيفة لقسم الشرطة بواقعة السرقة، تحول مدخلًا آخر لمحاولة تجنيد متعاونين مع الأمن من داخل صحيفة "النداء"!

وتلك قصة طريفة أخرى رغم قساوتها…

لقد صدرت الأعداد الـ30 الأولى بفضل أحمد الحاج. أقول هذا آملًا ألا أتسبب له بأي إزعاج، فهو من فئة قليلة تحسن البذل دون انتظار آيات الحمد والامتنان.