إلى متى يبقى مصير اليمنيين في مصر معلقًا؟

صحيح أن مصر الشقيقة فتحت أبوابها لعشرات وربما مئات الآلاف من اليمنيين الذين اختاروا الإقامة فيها بعيدًا عن تداعيات الأزمة المتواصلة في اليمن منذ 2011، ثم أحداث صيف ٢٠١٤ واتفاق السلم والشراكة، وما أعقبه من صراع على السلطة (يرى البعض أنه انقلاب على الشرعية، ويعتبره آخرون ثورة) تحول إلى حرب ضروس (يعتبرها البعض حملة عسكرية لدعم الشرعية والقضاء على الانقلاب، بينما يرى آخرون أنها عدوان على اليمن)، إلا أن التمعن أو إلقاء نظرة فاحصة على أعداد اليمنيين في مصر، وأحوالهم، وحتى على فئاتهم المختلفة، ستقودنا إلى ملاحظات أبرزها:

1. إن أعدادًا من اليمنيين الذين يعيشون في مصر هذه الأيام، وبخاصة الميسورين ماديًا، ومن يتوفر لهم مصدر دخل مستقر، باتوا مهيئين أو يعدون أنفسهم للاستقرار أو للاستيطان في مصر المحروسة!
وهذا طبعًا حقهم إذا كانت السلطات المصرية وقوانين الإقامة فيها ستتيح لهم ذلك.

يمنيون في مصر (رويترز)
يمنيون في مصر (رويترز)

2. إن هناك مشكلة قد لا تبدو ظاهرة في السطح، وتتعلق بأوضاع محدودي الدخل، ومن يكابدون أو يعانون الأمَرَّين، وهم يتدبرون أمر إقامتهم في مصر (بلاد الغربة)، دون وضوح ما قد تفاجئهم الأيام به، وهم يخططون للعودة إلى بلادهم! هؤلاء يواجه العديد منهم مستقبلًا مجهولًا!
غير أن ما يلفت النظر بشكل واضح عند حضور أو المشاركة في مناسبات اليمنيين في مصر -سواء أكانت مناسبات سعيدة كحفلات الزواج أو الفعاليات الفنية، أو غيرها من التجمعات المتعلقة بالوفاة والعزاء- هو تواجد أعداد هائلة من كبار الشخصيات السياسية والعسكرية والاجتماعية وقادة الرأي العام من المثقفين والإعلاميين والصحافيين الذين اختاروا -مكرهين أو أبطالًا- الاستقرار في مصر بعيدًا عن هموم الداخل، وعن مسؤولياتهم تجاه أبناء شعبهم ووطنهم!

هؤلاء -وبخاصة أعضاء مجلسي النواب والشورى والوزراء الحاليين والسابقين والقضاة السابقين والحاليين والمحامين ومسؤولي المؤسسات الأمنية والإعلامية والخدمية- كانوا ذات يوم يشكلون أرقامًا صعبة أو مهمة في معادلة إدارة شؤون الدولة وسلطاتها الثلاث، لكنهم اليوم باتوا كالنازحين أو المواطنين العاديين ممن لا حول لهم ولا قوة، وينتظرون العودة إلى وطنهم.
هؤلاء بالتأكيد -ومهما كانت مبررات كل منهم– يتساءل البعض عما إذا توجب عليهم أو كان عليهم مغاردة الساحة اليمنية والتخلي عن مسؤولياتهم العامة -تجاه الدولة التي كانوا من أعمدتها الأساسية- أو مسؤولياتهم الاجتماعية تجاه أسرهم وأقاربهم ومن اعتادوا الاعتماد عليهم لحل مشاكلهم!
هؤلاء تخلوا أيضًا عن عامة الشعب، وتركوهم يواجهون مصيرًا مجهولًا على أيدي سلطتين أو أكثر تتصارع على حكم مناطق اليمن المختلفة!
ومع الحديث عن أفكار أو مبادرات أو خطط لتسوية النزاع على حكم اليمن، ووضع حد لأزمة البلاد والعباد، تبرز عدة أسئلة حول مصير مئات الآلاف وربما ملايين اليمنيين الذين قذفت بهم الأزمة إلى دول الشتات، ومن بينها مصر المحروسة، وما إذا كانت التسوية المنتظرة ستشمل ترتيب عودتهم إلى مناطق سكنهم وأعمالهم السابقة في اليمن.. أسئلة ستبقى مطروحة على أصحاب القرار علهم يجيبون عليها في المستقبل القريب.