قيسية ويمانية القرن الـ21... من يلجم غزوات نجد الإعلامية؟

قيسية ويمانية القرن الـ21 - من يلجم غزوات نجد الإعلامية - سامي غالب
قيسية ويمانية القرن الـ21 - من يلجم غزوات نجد الإعلامية - سامي غالب

الجهلة يعربدون في بعض وسائل الإعلام السعودية والإماراتية، كما في الهذيانات التي تُسمع في محطات فضائية خليجية حول اليمن واليمينيين، واختلاطهم بالفرس والأحباش والهنود والإندونيسيين، في مقابل الجنس العربي النقي في نجد والحجاز!

ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ملزم أن يفرض على مديري المحطات التلفزيونية إعادة بث كلمته في السنة الأولى للحرب الأهلية اليمنية -الإقليمية، وفيها يطيب خواطر اليمنيين بمعسول الكلام عن أصل العرب.




تضحكك "ترهات" الإعلام المنفلت، وهو يضرب برأسه جبال عيبان وصبر وشمسان! يتحدث هؤلاء بلغة مغمسة باليقينيات التي لا يسندها معلم، ولا يدل عليها نقش!

اليمن دخل الإسلام في العقد الأول للدعوة، وسكن الأوس والخزرج يثرب (المدينة) قبل الإسلام بعقود، ومن هناك انطلق قادة الجيوش شمالًا وشرقًا وغربًا، وأقاموا حضارة عربية إسلامية خلال فترة وجيزة تحسب بالعقود لا القرون.

النغمة السائدة في التاريخ العربي الإسلامي، هو صراع القيسية واليمانية! ظهرت بواكيره في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان، حيث ظهر -لاحقًا- اسم عبدالله بن سبأ باعتباره سبب الفتنة! والحاصل أن اعتبارات قبلية وعقائدية وغنائمية حكمت صراع القيسية واليمانية في القرن الأول الهجري. لكن الصراع امتد عقب ذلك منتقلًا إلى مركز الدوله الإسلامية؛ من دمشق عاصمة الدولة الأموية التي انهارت قبل اكتمال القرن من عمرها، جراء انفضاض اليمنيين من حولها، إلى بغداد عاصمة العباسيين، فالأندلس. ثم ظلت دفينة لتتفجر فجأة كما في صراع اليمنيين ومنافسيهم في جبل لبنان طيلة القرون الوسطى، حتى انهزام اليمانية في نهاية القرن الـ17 ميلادي في جبل لبنان، ونزوح البيوت الكبيرة من جبل لبنان إلى جنوب سوريا، وبين هؤلاء أجداد الفنانة أسمهان وشقيقها فريد الأطرش!

قراءة التاريخ العربي الإسلامي فيها الكثير من المتعة… والعبر. بيد أن "الحمية الجاهلية" تريد بعثه بوساطة جهالات وتعميمات خرقاء ومحاولات عبثية لردم "اليمن" وتاريخه، ما يستدعي ردودًا مشابهة كما في موقف الأشعث بن قيس الكندي في معركة صفين، إذ يرفض أن يكون عبدالله بن العباس محكمًا من طرف معسكر علي، فيقسم قائلًا: "والله لئن نخسر التحكيم على يد محكمين أحدهما يمني خير من أن نربحه على يد محكمين مضريين".

يحفظ التراث الكثير من صراعات القيسية واليمانية (بعض من هذا يسجله عميد الأدب العربي طه حسين في كتابه "في الشعر الجاهلي"). ولسوف يثير ضحكك أن مواقع جماعات شيعية عراقية، اليوم، تزخر بعبارات السب والطعن في شخص الأشعث بن قيس الكندي بوصفه رأس الفتنة، والمخطط ثم الراعي لمقتل الإمام علي على يد يمني آخر هو عبدالرحمن المرادي!

عبدالرحمن المرادي؟

هل تتذكرون سقوط العاصمة صنعاء، كالفاكهة الطازجة في قبضة جماعة الحوثيين، في سبتمبر 2014؟

لقد انبعث المرادي مجددًا، لا بوصفه قاتل علي، وإنما بطل يمني يستثير قبائل مذحج ضد "الشيعي المعاصر" متجليًا في عبدالملك الحوثي وغيره من أعوان "المجوس".

***

عليك أن تقبل النزول إلى عالم "سفلي" كي تكون فردًا في جيوش الجاهليين على اختلاف معسكراتهم؛ هذه القابلية وحدها التي تمكنك من الانخراط في نقاشات العصبويين، سعوديين وخليجيين ويمنيين، حول اليمن والحجاز ومضر وهمدان وكندة ومدحج… وداحس والغبراء!