ساعة "عذوبة" مع نبيل الصوفي

اليوم ثاني أيام عيد الضحى المبارك. زارني في الواحدة والنصف ظهرا،أولا، صديقي العزيز نبيل الصوفي ودارت بيننا أحاديث في الأمور الصحية- بما أنه يريد أن يطمئن على حالتي- ثم في أمور السياسة قبل أن نتطرق للأمور الأكثر شخصية وحميمية! قال لي: أمس زرت هديل!

ابتسمت.

قلت: ليت أنك أبلغتني كي أرافقك.

نبيل الصوفي
نبيل الصوفي

قدم ملخصا عن الزيارة؛ وصل الى المقبرة بلغ المنطقة التي دفنت فيها هديل… كان شيئا ما يجذبه الى قبرها رغم انه لم يميزه تماما. قوة ما جذبته الى حيث يوجد قبرها.

مشاعر عذبة غمرتني!

قال لي.

ذكرني بما أخبرته قبل شهور عندما زارني.

كان شارل ديجول الرئيس الفرنسي الأسبق في شرفة منزله الريفي نهاية الستينات يخوض في حديث الحرب والسياسة مع رفيقه اندريه مالرو، وزير ثقافته في حقبة مرت. ثم فرضت ذكريات الحرب العالمية الثانية نفسها، فتذكر ديجول ابنته المراهقة التي ماتت بينما هو في المنفى! قال لصديقه: تذكر من نحب يكتسي بالعذوبة بمرور الوقت.

قال نبيل إن العذوبة غمرته وهو في ضيافة هديل.

مرت 3 سنوات تقريبا على لحظة لقائي بنبيل صباح ذلك اليوم الحزين.

اتصل بي في الصباح الباكر يبلغني أنه سيمر علي في وسط البلد كي نذهب سويا الى مستشفي المعادي حيث تنام هديل بسلام.

كانت لحظات صعبة. فالمطلوب مني أن أقف سندا لصديقي في واحدة من اقسى تجارب الحياة. وقفت مع صاحبي أمام المستشفى أولا. بعد تجهيزها طلب من نبيل الدخول ودخلنا. ثم ان نبيل بعد دقيقتين بدأ ينشج باكيا.

خرجنا.

كنت متماسكا وفق ما يمليه دوري.

كان العديد من الاصدقاء ينتظرون في الخارج.

في المقبرة انزويت بعيدا. قبل ان انهار باكيا فيما الأب يواري "طفلته" التراب.

كان المشهد فوق طاقة صديق يسند صاحبه!

بكيت.

اليوم، في ثاني أيام العيد، كانت هديل حاضرة بعذوبة مطلقة!

كان سهيل ابن اخي سمير يتصل بي للمعايدة. قلت له أنني اجلس مع نبيل الصوفي. هو يعرفك بس انت لا تتذكره.

كان طفلا في الثامنة!

فسرت له الامر: هذا الذي كنت تفتح له الباب احيانا عندما يمر علي في حارة الزراعة.

دار حديث عن سمير. قلت لنبيل: تلك ايامي الصعبة. قبل سنتين تقريبا- أي بعد سنة من رحيل هديل- فقدت سمير. ثم بعد 3 اشهر اصبت بنزيف في الدماغ… نحوت من الموت جراء مصادفات عديدة بينها انني ارسلت رسالة صوتية للصديق الجميل طه سالم، قلت له بصوت مرهق انني ذاهب الى جلطة.

اوضح نبيل ان تلك الفترة فقدت- أنا- أعزاء آخرين بينهم فهمي السقاف وعبدالسلام جابر. إومأت براسي واضفت انتي احيانا أشعر بالجميل حيال النزيف فقد أدخلني في دوامة الموت فتعطيل مؤقت لذاكرتي (القريبة) عدة اسابيع.

شددت على أن دائي هو دوائي اذ خرجت منه الى "العذوبة" إذ اتذكر أحبتي الدين رحلوا وأولهم سمير.

غادرني نبيل مشرقا على وعد بزيارة أخرى لاستئناف ما انقطع من احاديث السياسة.

فتحت الفيسبوك ووجدت صديقي فهمي!

حدثت نفسي هل أراد فهمي أن يؤنس وحشتي بعد مغادرة نبيل. عدت الى تاريخ المنشور، أدناه.

قرأت سريعا المنشور وعدت اليكم بهذه الخواطر العجلى مستدركا بأن صالحة البان لحقته (أو سبقته) إلى دار البقاء.

 

ياله من عيد!