قرار المبعدين.. هل ينجح الرئاسي بعد عام من الاخفاق؟

جاء القرار الأخير الذي أصدره رئيس المجلس الرئاسي الدكتور رشاد العليمي والذي قضى بتسوية اوضاع 52 الف من المبعدين والمنقطعين العسكرين والامنيين منذ العام 94 في خضم تفاعلات وتحولات يشهدها الجنوب؛ أبرزها انعقاد اللقاء التشاوري الجنوبي وتوقيع المكونات الجنوبية على ميثاق شرف وطني فضلا عن القرارات التي أصدرها رئيس المجلس الانتقالي والتي نتج أحدها عن تعيين اثنين من أعضاء مجلس القيادة الرئاسي كنواب لرئيس المجلس الانتقالي، فيما نتج الاخر عن ضم وزراء الجنوب في الحكومة الشرعية إلى اللجنة التنفيذية في المجلس الانتقالي، وهي لجنة جديدة استحدثها المجلس ضمت إليها ايضا محافظي محافظات الجنوب في محاولة كما يبدو من الانتقالي للسيطرة والتحكم بنصف الحكومة وثمان محافظات جنوبية أخرى.

يأتي قرار العليمي وسط هذا التحول الحاصل في الجنوب ليفهم في سياقات مختلفة من أبرزها محاولة تصوير القضية الجنوبية باعتبارها قضية حقوقية سيتم معالجتها وفقا لهذا القرار وغيرها ولتكن البداية من تسوية أوضاع المبعدين والمنقطعين من وظائفهم بفعل حرب 94 الظالمة.

والسياق الآخر هو الاعتراف بوجود قضية جنوبية، فعلا تم معالجة شقها السياسي بإشراك الجنوبين في السلطة فيما سيتم معالجة شقها الحقوقي، ابتداء بقرار المبعدين والمنقطعين. وفي ذلك كما يبدو إدانة حقيقية لنظام صالح وما تلاه والذي كان العليمي أحد رموزه واعتراف بالقضية الجنوبية في شقيها السياسي والحقوقي..

في الوقت الذي اعتبر فيه آخرون القرار من حيث التوقيت محاولة للتشويش على التحولات المذكورة في الجنوب وإحباط محاولات الانتقالي من السيطرة الكاملة على الجنوب بصورة أو بأخرى، معتبرين قرار العليمي حبرا على ورق، حيث ولو نظرنا للأمر من زاوية موضوعية فإننا سوف نتساءل: هل ستتمكن الحكومة ومن خلفها المجلس الرئاسي في توفير المال لمعالجة أوضاع المنقطعين والمبعدين وهم بالآلاف فيما تعجز اليوم عن توفير شحنة وقود لكهرباء عدن في ظل صيف قائض لا يحتمل؟

هل سينجح المجلس الرئاسي في معالجة ملف المبعدين والمنقطعين وهو الذي فشل طوال عام كامل في الايفاء بأي من التزاماته تجاه المواطنين اليمنيين والبلد؟ المسالة تبدو معقدة مما يجعل الأمر يستقر في خانة المكايدات وتسجيل الأهداف ضد بعضهم البعض لكن دون نتائج حاسمة يستفيد منها الناس.

ملف المبعدين والمنقطعين مدنين وعسكرين في الجنوب ليس ملفًا سهلًايمكن أن يكون ورقة للمزايدة والمكايدة: هذا الملف كان سببا في انطلاق ثورة سلمية في الجنوب عرفت بثورة الحراك السلمي فيما عجز الرئيس هادي عن حله وتسويته وهو الذي استلم ثلاث مئة مليون دولار من دولة قطر لمعالجة هذا الملف خصيصا.

القرار في الحقيقة يضع العليمي في موقف صعب جدا يستطيع أو لا يستطيع، وفي ظل الظروف الحالية التي يمر بها المجلس الرئاسي من حالة التفكك والتشرذم وحالة العشوائية وعدم الانسجام، فإن العليمي سيواجه صعوبة كبيرة في إنفاذ قراره وجعله واقعا ملموسا، لكن في الواقع يبقى قراراً شجاعاً بحاجة لإرادة شجاعة تستطيع أن تفرضه وتبحث عن المال الكافي لإنجاحه، وسوف يكون ذلك أحد الاوراق المهمة في يد الشرعية في أية مفاوضات قادمة شاملة في البلد.

رئيس مركز مسارات للاستراتيجيا والاعلام