قرار مجلس القيادة يفتقد قوة الأداء!

القرار الوحيد لمجلس القيادة الذي يمكن أن يعيد بعض الثقة للمجلس الذي تشكل قبل سنة، غير قابل للتنفيد، على الأقل حتى اليوم الثالت على صدوره!

ماذا دار في خلد رئيس المجلس وأعضائه قبل أن يصدر وا قرارهم؟

ليس هناك استحقاق انتخابي يمكن للقرار الشكلي أن يعزز فرصهم بالفوز!

ليس هناك انتخابات أصلا منذ الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 21 سبتمبر 2006.

ماذا سيفعل العليمي وزملاؤه في المجلس؟

الأكيد أن ظلما فادحا ومستداما لحق بعشرات الآلاف ممن تم احالتهم للتقاعد قسرا أو فصلهم صبيحة اليوم التالي على حرب الرئيس الاسبق علي عبدالله صالخ وحلفائه ضد الحزب الاشتراكي، وبالتالي ضد المحافظات الجنوبية والشرقية (اليمن الجنوبي قبل 22 مايو 1990) التي أظهرت انتخابات 27 ابريل 1993 أن الحزب الاشتراكي (الحزب الحاكم والوحيد) في اليمن الجنوبي قبل 1990، كان يمثلها فضلا على قطاعات واسعة في الشمال اليمني.

هناك العديد من ممارسات الطرف المنتصر في الحرب تسببت في مشكلة تمثيل في سنوات ما بعد الحرب. لقد حاول الرئيس الأسبق صالح تعويض هذه الفجوة في التمثيل داخل هيئات السلطة عبر حلول ترقيعية طيلة 13 سنة. وفي 2007 وهو عام انطلاق الحراك الجنوبي الشعبي، شكل الرئيس الأسبق لجنة باصرة- هلال التي ضمت الى جانب صالح باصرة وعبدالقادر هلال، رحمهما الله، وزراء اخرين، وانتهت اللجنة بعد أسابيع الى جملة معالجات تستجيب ل"التحدي الجنوبي" لكن المفاجأة صدرت من الرئيس نفسه الذي أحال- نظريا- التقرير إلى تائبه عبدربه منصور هادي ما أظهر جليا رفضه التقرير، فهادي (النائب الصموت) لا يملك الصلاحيات… وإذا كان يملك الصلاحيات فإنه لا يملك الإراده كما افصحت السنوات التالية!

اتذكر من تلك الأيام وكنت في مقيل الأستاذ علي محمد السعدي رحمه الله، في المنصورة، عدن، ان التلفزيون المحلي قام ببث خطاب الرئيس صالح في ختام ندوة حول انتصار الثورة اليمنية على حصار السبعين يوما الذي فرضه "الملكيين" على صنعاء في نهايه 1967 واستمر حتى فبراير 1968. القى الرئيس كلمة بمناسبة اختتام الندوة بدا أنه يستدعي الحراك الجنوبي ك"عدو" آخر لثورة سبتمبر (!) واذكر انه لوح بتدمير الحراك الجنوبي باعتباره "شرذمة" لن تهدد الوحدة قبل أن يضيف بأن هؤلاء عجزوا عندما كانوا يملكون صواريخ سكود وطائرات الميج 29 فماذا بوسعهم ان يفعلوا الآن!

مفيش منه فائدة!

قال السعدي بأسى.

كان الرئيس اليمني يتوجه بكلماته الى عدو مبين وليس الى قسم كبير من الشعب اليمني.

حينها كان رشاد العليمي ومدير مكتبه يحي الشعيبي من مساعدي الرئيس في صنعاء. والرجلان كانا من الصقور في سلطة صالح. واتذكر جيدا أن وجهة نظر يحي الشعيبي كانت صادمة لي قبل خطاب الرئيس بشهور (رمضان) عندما استمعت اليه في منزل عبدالقادر هلال في الروضة وهو يسفه الحراك باعتباره مجموعة لا تتعدي العشرات ممن فقدوا مصالحهم. كنت اتوقع أن الرجل الذي يتمتع بسمعة وظيفية حسنة هو الأقدر على الامساك بنبض الشارع في عدن!

هكذا فوت الرئيس صالح ومساعدوه، وأولهم نائبه، فرصة اغلاق ملف حرب 1994 بما يضمن تعميق الوحدة الوطنية التي كانت قد اهترات كثيرا بخطاب "الوحدويين الجغرافيين" وأثرت عميقا في شرعية الرئيس صالح بعد انتخابه في دورة رئاسية جديدة خلال عام من اعادة انتخابه.

***

في 2011 اندلعت ثورة شعبية ضد نظام الرئيس صالح الذي اضطر بعد عام الى تسليم "الرئاسة" الى نائبه عبدربه منصور هادي في انتخابات قبلوية الاحكام تمت طبق مبادرة خليجية لحل "الأزمة اليمنية" يليها حوار وطني بين اليمنيين جميعا على اصلاحات سياسية يشارك فيها الحوثيون والحراك الجنوبي بمكوناته الرئيسية.

في يوليو 2012 تشكلت لجنة فنية تضطلع بالتحضير للحوار، وبعد شهر اقترحت اللجنة 20 نقطة للتهيئة للحوار الوطني، وقالت ان الحوار سيفشل بدون تنفيذ هذه النقاط.

سبتمبر 2012 كان شهر الفصل- على الأقل عندي- إذ رفض رفضا قاطعا مناقشة النقاط واعتبر اقتراحها نوع من المزايدة عليه خصوصا تلك المتصلة بالأوضاع في المحافظات الجنوبية.

لقد قرر "فخامة الرئيس" المؤقت وقادة الأحزاب بناء يمن جديد فوق جراح اليمنيين فانتهى "الحوار الوطني" المزعوم الى أزمة وطنية اعمق ثم حرب هي الأكثر دموية والاشد تدميرا دخلت فيها السعودية بالاصالة إذ ما عادت نخبة حكم "الدولة الحاجز" قادرة على القيام بحرب بالوكالة لصالح "الشقيقة الكبرى"!

***
والآن يصدر مجلس القيادة (المشكل بقرار سعودي- اماراتي) قرارات بمعالجة قضية المبعدين دون ان تكون هناك اجراءات تنفيذية واضحة وأموال كافية!

العليمي وزملاؤه في المجلس لا يملكون ترف المناورة… القرار صدر، وعليهم ان يثبتوا لليمنيين، والجنوبيين بخاصة، أنهم أصدروا قرارهم ولديهم ما يظهر انهم جادون هذه المرة، قرارا يحوز على "قوة الأداء"!