درهم علي عبدالكريم.. العائد!

سامي غالب والى يمينه درهم العبسي احد المعتقلين اليساريين في 78 وشقيق عبدالسلام المختفي قسريا
سامي غالب والى يمينه درهم العبسي احد المعتقلين اليساريين في 78 وشقيق عبدالسلام المختفي قسريا (صفحة الرابطة 2012)

بدون مقدمات، تسلمت رسالة عبر البريد في "فيسبوك"، من شخص اسمه درهم هايل!

لا أعرف شخصًا بهذا الاسم.

صاحب الرسالة بادر في رسالته إلى التعريف بنفسه: أنا درهم علي عبدالكريم هايل!

عرفته.

ففي اليوم السابق نشرت مقالًا عن "أسر المختفين قسريًا"، في موقع صحيفة النداء Anndaa Journal، واختار الزميل العزيز رياض علي الأحمدي، عدة صور في أرشيف صفحة المختفين قسريًا، بينها صورة أظهر فيها إلى يسار "درهم العبسي"، في فعالية لرابطة الأسر في صيف أو خريف 2012!

رابطة أسر المختفين قسريا تستأنف نشاطها من صنعاء

بدا الأمر إعجازيًا؛ فآخر مرة رأيت درهم كانت في 2013، ثم إنني فقدت التواصل معه أو معرفة أخباره في ربيع 2015. منذ الخريف الماضي خطر في بالي مرات ومرات. وخلال الشهور الماضية طلبت من عديد الأصدقاء إبلاغه سلامي، ومساء السبت عرض رياض الأحمدي عدة صور ينشرها مع مقالي، فاختار هذه الصورة التي تعود إلى 2012. اخترت الصورة بلا تردد، خلاف مبدئي في عدم الإكثار من نشر صوري، فالأولوية لموضوع تغطيتي. والحق أنني كنت فرحان جدًا بتواصله معي، وهو أيضًا.

لست أبالغ!

درهم أحد أحب الناس إلى قلبي. أتذكر أول لقاء له في مطلع مايو 2007، في مكتب الصحيفة في شارع الزبيري، استرعى انتباهي سلاسة عرض قضية أسرته. كان يتحدث في "بديهيات" لا تستلزم محللين وحقوقيين وخبراء قانونيين من الأمم المتحدة. عرض قصة أخيه عبدالسلام العبسي، بإيجاز مبهر؛ درهم الأخ الأصغر اعتقل، كما شقيقه عبدالسلام، يوم 14 يوليو 1978، ثم أفرج عنه بعد قرابة الشهر، وبقي أخوه معتقلًا... حتى الآن! أي في مايو 2012، وهو يحدثني عن القصة.

كان مثل أخيه الذي يكبره بسنوات قليلة، عضوًا في الحزب الديمقراطي الثوري، أبرز فصائل الحركات اليسارية شمال اليمن، منذ أواخر الستينيات. والحزب هو وريث حركة القوميين العرب في اليمن، تمامًا كالجبهة القومية في جنوب اليمن.

ماذا أتذكر من اللقاء دائمًا؟

قوله باختصار شديد: وزيرة حقوق الإنسان (وكان يقصد الأستاذة أمة العليم السوسوة) كانت تستعجل استكمال إجراءات بيروقراطية (كاستصدار شهادة وفاة لعبدالسلام أو استكمال المعاملات الإدارية لإحالته إلى التقاعد) من أجل تنظيف صفحة اليمن في المفوضية الأممية لحقوق الإنسان!

كان يؤكد على بديهية: كيف نغلق ملفه قبل أن نعرف ماذا حصل له وما هو مصيره الآن!

كان حديثه معي مفتتح للقاءات اجرتها النداء مع العشرات بينهم منيرة "شريكة عمر" عبدالسلام- عاشت اسابيع مع عريسها في خريف 1977 ولا تزال بعد 45 سنة تنتظر وعده بالقدوم في الاجازة، بعد 40 يوما كما كتب في رسالته، لرؤية "الوليد السعيد" الذي طلب منها أن تسميه وضاح وارسل لها نفقات "السابع" - ووضاح عبدالسلام الذي جاء الى الدنيا قبل أيام من اعتقال أبيه!

لاحقًا، في 2008 ثم 2012، جمعتني لقاءات عدة بدرهم، إذ صار صديقًا يمكن أن أتبسط معه بارتياح، فهو شخص حميمي أحبه كل فريق "النداء"، ولاحقًا فريق حملة "الجدران تتذكر وجوههم".

***

بعد أن عرف بنفسه في رسالته، قبل يومين، قال لي كأنما هو يروي شأنًا من شؤونه اليومية: أصبت بمرض خبيث عام 2019، لما أشفَ منه حتى الآن"!

لم يتوقف عند هذا التفصيل، فما يهمه هو التواصل مع صحفيين وحقوقيين وأسر المختفين قسريًا، في صنعاء وعدن، قال إنه فقد أي اتصال بهم خلال محنة مرضه، وطلب مني أرقام البقية الباقية من هيئة "الرابطة اليمنية لأسر المختفين قسريًا".

أعرف جيدًا الآن؛ إنه الصديق درهم العبسي، وأعرف أنه سيقهر المرض، والتناسي والحيل البيروقراطية المقيتة.

اقرأ أيضاً على النداء:

قيامة عبدالسلام