اليمن وحوار السعودية مع الحوثيين.. ما يجب التركيز عليه؟

على مدى الأيام الماضية، تسارعت وتيرة التصريحات والتطورات السياسية الهامة، على صعيد مستجدات اتفاق السعودية - إيران، برعاية الصين، وصولاً إلى اليمن التي تشير مجمل التسريبات بشأنها إلى جهود على أكثر من مستوى، بما في ذلك، تفاهمات بين السعودية والحوثيين.

وبعيداً عن التفاصيل التي ما تزال في الأصل غير واضحة المعالم، هناك خيوط عامة يمكن الوقوف معها، أولها أن الحرب أخذت الكثير والكثير، ولم تحقق نصراً لأحد، بل استفاد منها الحوثيون لتثبيت سيطرتهم على جماجم مئات الآلاف من القتلى والجرحى. وبالتالي يجب على كل يمني، أن ينظر إلى أي سلام، بوصفه المدخل الطبيعي لإنهاء الكارثة التي يعيشها البلد، وعلى رأسها تهورات الحوثي ومعاناة كافة اليمنيين بما فيها أتباعه.

الجزء الآخر، يتعلق بمخاوف البعض من أن المفاوضات السعودية مع الحوثيين أو الاتفاق معهم، من شأنها أن توثق سطوتهم وتشكل خطراً على المناطق المحررة، وهذا القلق مشروع من حيث المبدأ، لكن المهم أن نركز عليه هو أننا من خلال السلام أن نضع الحد الأدنى من الضمانات التي يستفيد منها الجميع، طالما أن حالة اللاحرب واللاسلم السنوات الماضية، لم تحقق إلا مزيد من الإنهاك والدمار للجميع، وطالما أن هناك فرصة متمثلة بتطورات إقليمية تدفع في هذا المسار.

لا يجب على الشرعية اليمنية وقواها المتعددة أن تظهر بحالة من الريبة والخوف من أي تفاهمات سعودية - حوثية، بل على العكس، يجب أن تحافظ على العلاقة الطيبة مع كافة دول الجوار، وهذا التفاهم كفيل بوضع الشروط والمتطلبات اللازمة لعملية السلام في حدها الأدنى وحدها المقبول.

المملكة العربية السعودية لا تجهل الواقع اليمني، وتعلم جيداً حجم الحوثيين ولن تذهب بعيداً عن اليمنيين في أي علاقة مع الجماعة، لأنها تعلم أن ذلك هو ما يحقق أمنيات أعدائها ولا يخدم أي توجه حقيقي لحالة من الاستقرار والسلام في المنطقة. بل سيظل اليمن مهدداً بموجة أعنف لا قدر الله. وبكل تأكيد المملكة هي المتأثر المباشر من الجوار.

نعم لأي جهود سلام تُعيد اليمن إلى أهله، ويعيد الناس إلى قراهم ومدنهم. ويجب أن نقول هذا للقريب والبعيد، وفي المقدمة من ذلك المملكة العربية السعودية، التي تشترك مع اليمن كأمن واحد ومصير مشترك. ونعلم جميعاً أن أي سلام لا يتضمن الحلول المنصفة والضامنة، لن يكون إلا تكراراً لما حدث سابقاً خلال حروب الدولة اليمنية مع الحوثي في صعدة، مع الوضع في الحسبان كافة الفروق والعوامل المتعددة.

لنتعامل مع جهود السلام بكل ترحاب ونمنحها الفرصة ونمدها بالشروط والضمانات اللازمة، وطالما استمعت إلى بديهيات أي عملية سلام وحدها الأدنى، والمتمثل بإنهاء الحرب وعودة ملايين النازحين لمدنهم وقراهم في مختلف المحافظات ودون تمييز.