شاهد الزور الذي فاق من غيبوبته

يتداول بعض النشطاء اليمنيين ومتابعو التطورات اليمنية رسالة بالصوت والصورة للكاتب الصحافي والإعلامي الشهير أنيس منصور الصبيحي، الذي عُرف عنه حماسه لحملة استعادة الشرعية منذ أوائل عام 2015، عندما غادر صنعاء بصحبة وزير الدفاع الأسبق -الأسير حاليًا لدى سلطة صنعاء- محمود الصبيحي، وظهرا معًا في صورة فوتوغرافية تذكارية بعد نجاح الوزير الصبيحي في الفرار من قبضة الحوثيين في صنعاء، ولحاقه بالرئيس عبد ربه منصور هادي، ثم أسره مجددًا خلال مشاركته في العمليات العسكرية في منطقة العند!

الصحافي الألمعي الذي منحته "شرعية هادي" وظيفة محترمة في بلاد الغربة، استوجبت منحه جواز سفر دبلوماسيًا، انقلب خلال الفترة الماضية على "الشرعية المغتربة وعلى من يدعمها"، وأعرب في التسجيل الأخير المتداول، عن عدم قدرته على العودة إلى العاصمة صنعاء، ومشاهدة ما فعلته الحرب بها وبأهلها وبمساكنهم وبمؤسساتها، كما أعرب عن أسفه وندمه على شهادات الزور التي ظل يدلي بها لبعض قنوات التلفزيون العربية، طوال الأعوام الماضية!

وبغض النظر عن الظروف أو الأسباب التي دفعت الأستاذ الصبيحي لاتخاذ موقف جديد من "الشرعية المغتربة وداعميها"، إلا أن اللافت للنظر إقراره بأنه كان شاهد زور عندما اعتاد تبرير عمليات تحالف دعم الشرعية، والقصف الجوي الذي ظلت طائرات التحالف تشنه لسنوات قبل توقفه مع بداية الهدنة أوائل شهر أبريل الماضي!

الأستاذ أنيس منصور الصبيحي ليس وحده من اعتاد على الظهور عبر شاشات التلفزيون مدافعًا عن قصف طائرات التحالف الحربية لمواقع متفرقة في اليمن، وتحديدًا في المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي -سلطة الأمر الواقع في صنعاء- والتي يصر البعض على أنها مقار تضم عناصر انقلابية حوثية وخبراء من إيران! فقد تابعنا منذ تحول النزاع الداخلي على حكم اليمن، إلى حرب شعواء شاركت فيها بعض دول التحالف -تابعنا- العديد من الشخصيات المدنية والعسكرية، ومعظمها تعيش خارج اليمن، وقد اعتادت هي الأخرى على الظهور عبر شاشات التلفزيون، والاجتهاد بأطروحات وتحليلات -من منازلهم- في إطار الحملات الإعلامية المضادة المتبادلة بين "الشرعية" و"الانقلابيين"، وجلهم بالتأكيد ستصيبهم الدهشة بعد الاستماع إلى ما ادلى به الأستاذ أنيس منصور في التسجيل الأخير!

وإذا ما رأى البعض أنه في ظروف الحرب والصراع، فإن الدعاية وأساليب التضليل الإعلامي تعد من أسلحة الأطراف المتحاربة المتعارف عليها، فمن غير المألوف أن يقر أو يعترف من شاركوا في الحملات، بأنهم أخطأوا أو لم يكونوا صادقين في ما قالوه علنًا!

وهنا يبقى التساؤل المشروع حول مصير الحقيقة، ومصير الشعب الذي يدفع ثمن التضليل الإعلامي الذي تمارسه أطراف النزاع في اليمن!