وقف بث راديو لندن

من المحزن جدًا أن تقرر الحكومة البريطانية وقف إرسال الإذاعة التي اشتهرت منذ تأسيسها بمقولة "هنا لندن -هيئة الإذاعة البريطانية من بوش هاوس"! هذا القرار الذي أصاب ملايين المستمعين المتابعين للإذاعة منذ عقود، بذهول وحزن عميقين.

ومهما قيل عن الأسباب التقنية أو التكنولوجية أو المالية والإدارية التي أدت لاتخاذ مثل هذا القرار الجائر، إلا أن هناك من يعتقد أن اللوبي الصهيوني الناشط على مدار الساعة في بريطانيا، يقف وراء القرار الجائر. ودليل هؤلاء أن الإذاعة الناطقة باللغة العربية، والتي يديرها ويحرر موادها ويبث إرسالها للعالم، إعلاميون عرب لم يتوقفوا لحظة واحدة عن التفكير في القضية الفلسطينية والصراع العربي -الإسرائيلي، وتأمل تطوراتهما، كما أن إدارة الإذاعة لم تتوقف عن تلقي الشكاوى والاحتجاجات، بل الدعاوى القضائية من أنصار اللوبي الصهيوني الذين لم يتوقفوا عن زعم أن الإذاعة تبث مواد معادية للسامية أو معارضة لإسرائيل ولسياسات حكوماتها.

وهناك حكايات لا حصر لها يرويها لنا من تعاملوا مع الإذاعة بشكل مباشر أو غير مباشر، تعكس مدى حرص القائمين على إذاعة لندن العربية، على الالتزام بالخطوط الحمراء والمحاذير المتعلقة بإسرائيل والقضية الفلسطينية، وكاتب هذه السطور العبد لله كان له تجربة مع الإذاعة خلال صيف 1990، عندما تلقيت دعوة وأنا في لندن، للحديث في أحد برامج الإذاعة الحوارية، وعند خاتمة الحوار معي، طلب مني اختيار أغنية عربية يتم بثها في نهاية اللقاء، وعندما وقع اختياري على أغنية فيروز الشهيرة "زهرة المدائن"، قيل لي: سامحنا.. غير مسموح بث هذه الأغنية!

ويبدو أن مواصلة بث الإذاعة العربية التي يديرها ويحرر موادها وينقلها إلى مسامع الملايين في أنحاء العالم، عرب حتى وإن اكتسبوا الجنسية البريطانية، ظل هاجسًا أو كابوسًا يقض مضاجع اللوبي الصهيوني في بريطانيا، والذي يتمتع بنفوذ واسع داخل دوائر صناعة القرار في لندن، وتحديدًا في وزارة الخارجية البريطانية التي تمول الإذاعة، ودفعه بل مكنه من تشجيع قرار وقف بث إذاعة لندن الناطقة باللغة العربية.

أصحاب هذا الرأي يطرحون أيضًا: ماذا لو كانت الإذاعة تبث إرسالها باللغة العبرية؟ هل كان اللوبي الصهيوني سيسمح بذلك؟