جديد الطبخات الدولية للكارثة اليمنية

تمارس الأمم المتحدة والإدارة الأمريكية كل فنون الضغط على الشرعية والتحالف، وتضيف رصيدًا من المكاسب لإيران في تثبيت مشروعها الإقليمي الطامح الجامح في المنطقة، وتنقل الحوثي من مليشيات وعصابة إلى حكم ذاتي، وتضيف كورسات جديدة من الكلام المكرور التقليدي لكل مبعوث أتى إلى اليمن.

المبعوث الجديد لديه مهارة مختلفة عن سابقيه، وهي إجادة الهروب إلى الأمام نحو ما هو نظري، والبحث عن كلمات مطاطة وآمال خادعة منذ اتفاق ستوكهولم المشؤوم.

حتى اللحظة لا شيء على أرض الواقع سوى الكثير من التدليس والتدبيج لقرارات وبيانات لا تحدث أي اختراق، ولو نسبي، في المعضلة اليمنية، رغم أن مجلس الأمن معني بتطبيق قراراته، لاسيما وبعضها تحت الفصل السابع، ذلك أنه لا وجود لإرادة حقيقية لإنهاء الحرب والضغط في سبيل ذلك، فالحرب مناخ استثمار لشركات السلاح الأمريكي، ومصدر مالي غزير لمنظمات الأمم وأطقمها العاملة.

كل ما في الأمر أنهم يمنحون إيران اعترافًا دوليًا «مستورًا» بحق التسلل والهيمنة على العالم العربي من بوابات مختلفة، ويفشلون حتى في الملف الإنساني، ويحاصرون التحالف من تحقيق النجاح في اليمن منذ توقف معركة الحديدة تحت الترويج لعملية السلام والبعد الإنساني.. بينما يستمر عبث وقصف الحوثيين على الأحياء المكتظة بالسكان في الحديدة والبيضاء ومأرب وتعز.

أحد تجليات الإدارة الخارجية الأمريكية هي بدعة المراوغة لعملية سلام بوساطة ومهارة عمانية تمسك العصا من المنتصف، والركض في مساحات الحلول الوسط، وهو ذات سلوك بريطانيا في منطقة الشرق الأوسط منذ سنوات.

لا شيء يبدو في القريب، والهروب الأمريكي إلى مساحات الحلول الوسط لن يصل بنا لشيء، وسيفضي إلى قضية يمنية للاستهلاك والاستثمار الدولي، كأفغانستان والقضية الفلسطينية.

ما نحتاجه الآن العودة بجدية إلى خيارات الميدان التي وحدها لها القول الفصل لتحديد مصير اليمن، وأي ركون على أمريكا لن يكون صوابًا، فغالبًا ما تنطوي السياسة الخارجية الأميركية على رصيد كثيف من التناقضات لأسباب عديدة، منها ما هو داخلي أو خارجي، تلك التناقضات تفسح المجال أمام الذهاب إلى تحليلات كثيرة حول خلفيات المواقف، وطرح أسئلة إذا ما كانت سياسة الولايات المتحدة تتغير بتغير الأشخاص، أم أن المسار الذي تفرضه دولة المؤسسات هو الذي يبقى قائمًا ومستمرًا؟ لنكتشف أن المراوغة عنصر أساسي حاضر في قلب السياسة الأمريكية مهما تبدلت شخوصها وأحوالها وأحزابها.