ملاحظة.. ومقترح

ملاحظة.. ومقترح

الأخ/ رئيس تحرير صحيفة «النداء»          المحترم

تحية وتقدير،

أطالع بشغف ما ينشر في الملف الشجاع، المتعلق بقضية غاية في الحساسية وعميقة في طابعها الأنساني، وأعني بذلك ملف المفقودين قسرياً. وإذ أبارك لكم هذا السبق الصحفي والموقف المتقدم، لي هنا ملاحظة أرى لزاماً عليَّ أن أبينها، ومن ثم مقترح، إن نال رضاكم.

الملاحظة: إن هؤلاء الذين نفترض الآن أنهم، أو أغلبهم، قد فقدوا حياتهم بذلك الأسلوب الهمجي، إنما هم ضحايا صراعات طغت. بل كانت العنوان الأبرز لمراحل لها معطياتها ولها ثقافاتها ولها سمات وظروف عقائدية وسياسية ووطنية واقليمية ودولية. الكل يعرفها. بمعنى آخر أنه لو عادت عجلة التاريخ إلى نفس تلك المراحل بنفس ثقافاتها ونفس سماتها وظروفها، لخلصت تقريباً إلى نفس تلك الجرائم المؤلمة. ولو قلبت الأمور رأساً على عقب لأ استبعد أبداً أن يكون بعض المجني عليهم الآن جناة. أنا لا أبرر وإنما أوضح أنه يجب بيان سوء ولامعقولية تلك الأوضاع ومأساوية نتائجها وأهم تلك النتائج أنها ألغت من التاريخ المفترض، لتقدم وإنسانية الشعب اليمني، عشرات السنين، أقول هذا الكلام لأن ما ينشر في هذا الملف إنما هو فاصل حزين ومؤلم ومخجل. والعمل لعدم تكرار هذا الفاضل إنما يتحدد بتجذير وعي مضاد لأصوله وضمان عدم تكراره؛ خاصة والكل الآن يعلم تداعيات ما هو قائم وخطورته. ويجب زرع هذا المفهوم في عقول ذوي الشأن والعلاقة بأولئك الاماجد خاصة والكثير منهم ومن غيرهم يعرفون الجهات وربما الأشخاص الذين كانوا أدوات تنفيذ مثل هذه الاعمال.

أما اقتراحي إن لاقى قبولاً لديكم، فهو السعي من قبلكم أولاً بالتعاون مع كل المهتمين لتشكيل «اللجنة الوطنية لمعالجة أوضاع المفقودين قسرياً» لتضم في عضويتها ناشطين قانونيين وسياسيين وصحفيين متطوعين بحماس وإنسانية، لجمع كل المعلومات عن الحالات المفترضة. والعمل بقوة من أجل رد الإعتبار لهم، وإنصاف ذويهم مادياً ومعنوياً. والأهم إبتكار الوسائل لتجذير وعي عميق لدى كل الناس بخطورة ومأساوية مثل هذه الأعمال التي تطال كل القيم الدينية والسياسية والوطنية الانسانية السوية، مع التأكيد على الاستبعاد النهائي والمطلق لأية نوايا في نبش الماضي الكئيب أو الاتهام أو الملاحقة أو الاستهداف وتحميل مؤسسات الدولة مسؤولية وتكاليف المعالجة الشمولية للموضوع. باختصار يجب أن يصبح أو يتحول هذا العمل إلى عنوان كبير وواسع لخلق وتعميق ثقافة جديدة قائمة على احترام انسانية الانسان ووقف وتجريم كل ما يتعرض لحياته أو كرامته مهما كان الإختلاف في الرأي أو الموقف.