اطفاله ينتظرون 13 عاماً: ما زال باب منزل داوود مشرعاً

13 عاماً وما زال باب منزلهم مشرعاً على مصراعيه بانتظار طرقات الغائب الذي خرج في يونيو من العام 1994 ولم يعد حتى اللحظة أو يسمع كلمة عن أخباره.

طفلاه مروان وعبدالرحمن لم يطعما بعد الفرحة بكلمة «بابا» التي يتباهى بها أقرانهما في قرية الدرجاج بمحافظة أبين. وغابت عنهما فرحة انتظار الأب نهاية كل نهار، وهو يحمل لهما كيس الهدايا من سوق المدينة.

خلف مروان وعبدالرحمن تقف أم حزينه بقلب عصره الشوق لزوج غائب ما زال اريجه يفوح في ارجاء البيت، ولهفة مع كل طرقة باب لعل وعسى وبروح مهجوسة بالخوف على مستقبل اطفال لم يعد لهما في هذه الدنيا من شيء حتى فتات العيش بعد ان تم قطع راتبه واستثنائه من أية اعانة، هو الذي قضى جل عمره في خدمة الوطن الذي غيبته دهاليزه في ظرف اكثر غموضاً.

كان داوود محمد يحيى ينأى بنفسه عن مماحكات السياسة ويرفض الانجذاب خلف التنظيرات الضيقة التي لا ترى في الوطن سوى المصلحة الذاتية، حزبه هو الوطن اليمني ككل.. وعمله هو كل حياته. نذر نفسه لنحو ثلاثة عقود من الزمن في تربية الأجيال وتخرج على يديه آلاف من الطلاب في تلك المناطق النائية من جبال يافع التي جاء حظه الوظيفي ان يكون فيها ولم يتذمر، كان قانعاً. يشعر أن أداء رسالته في هذه المنطقة الى عافها ابناؤها ورفض العمل فيها كثيرون، تعد وساماً رفيعاً على صدره.

وعندما شكلت وزارتا الخدمة المدنية والمالية عام 92 لجاناً لصرف رواتب الموظفين كان داوود في حالة مرضية (نفسية بحسب افادات وتقارير طبية رسمية أصيب بها) لم تسمح له بمقابلة اللجنة آنذاك وبعد ها باسبوع أخذ في المتابعة ولكن صنعاء حبالها طويلة لم تشفع له. وداخ السبع دوخات دون ان يحظى لا بيلح الشام ولا عنب اليمن، سوى المذكرة تلو الاخرى. وتوجيه ينطح توجيه ما زاد حالته سوء وصحته تدهوراً وهو يرى نفسه عاجزاً عن تلبية أبسط طلبات معيشة اسرته.

وعندما قامت الحرب المجنونة بين الاخوة الأعداء في صيف 1994 خرج من منزله في قرية الدرجاج بمحافظة أبين.. ولم يعد حتى اللحظة.

ظروف أسرته المغلوبة على أمرها والتي تعاني شطف العيش لم تمكنها من البحث عنه سوى السؤال في نطاق محدود، دون جدوى. كما أن حالتها لم تسعفها لمتابعة الحصول على راتبه كحق مشروع.. نظراً لما تتطلبه المتابعة من جهد وترحال.

***