شراكة عمر مع الغياب!

«راح عمرنا مع الغائبين»، قالت منى عبده حسن الزوجة التي أمضت حتى الآن نصف عمرها في انتظار شريك العمر.

منذ رمضان الفائت تقيم في العاصمة في منزل ولديها فتحي وشفيع، وذلك لغرض مداواة آلام في العمود الفقري.

«تعبت... تعبت.. من بعد ما ضاع»، قالت لـ«النداء» ساعة زارتها قبل أسبوعين. وخلال اللقاء كان يحيط بها شفيع وزوجته، وحفيدها سامي، وابنها البكر فتحي.

لم يكن تعبها طريقها إلى الراحة. كانت في الخامسة عشر عندما تزوجت من علي، ورزقت بطلفها الأول فتحي مطلع السبعينيات، ثم انجبت فتحية وشفيع ووائلة التي كانت في الثانية عندما ألقي القبض على أبيها.

اضطرت أن تعمل لتربي الجهال وتدرسهم.

«سجنوهم وما همش داريين أن بعدهم أسر». قالت هذه العبارة الحارقة بلغة محايدة، لكأنها تدين عصراً بأكمله. وهذه الإدانة المضمرة هي الوسيلة التعويضية لمقاومة الشر القابع في السجن وفي القصر.

كان فتحي في العاشرة، وقد اضطر للعمل في القرية باليومية، لمساعدة أمه، وكان على منى أن تعمل أيضاً. «كنت أشقي وأحجن وأصرب»، استعادت الأيام السود: «درستهم وربيتهم والحمد لله، لكن لو تدري كم تعبت!»، وأردفت: عشنا منتظرين ذلحين شيخرج، ذلحين شيخرج، ربيت ودرست، وانتظرت».

كبر الأولاد وتخرجوا وتزوجوا وبقي السؤال يلازم منى: «كل الذين اشتغلوا بالسياسة وسجنوا خرجوهم، إلا هو ما حناش داريين وينه».

***