أم محمد عبدالولي وفارس الذبحاني
أم محمد عبدالولي وفارس الذبحاني (النداء)

فارس الذرحاني… من يقرأ عبدالولي لا ينساك!

ثاني مرة واخشى أن تكون الاخيرة، تواصل معي فارس الذرحاني كانت في مايو 2019. المرة الأولى كانت في يناير 2014.
كان سائق تكسي أقلني من حارتي في صنعاء (الزراعة) إلى باب القاع حيث ينتظرني فهمي السقاف لنتناول الغداء معا من سمك أبواسماعيل وطبخ اصدقائي في مخبارة البحر الأحمر، حيث الصديق عبدربه والأصدقاء العاملون في المخبازة في كامل الجاهزية لإعداد ما لذ من السمك.
كان فارس قد تعرف على صديقي المشدوه قبل أن ينصرف وشعور يسكنه أنه أنجز المهمة.
والحق أننا صدقناه.
أكثر من ذلك تعاطفنا معه.
وقد كتبت مساء اليوم نفسه عن "المفاجأة"، فلم يكن فهمي (العليم بشؤون عبدالولي من خلال صديق عبدالولي عمر الجاوي) ولا أنا قد سبق ان علم بأن للأديب أخ غير شقيق من عمران!
تحيل قصة فارس إلى شعر البردوني وإلى قصص عبدالولي نفسه، وهذه في حاجة إلى ناقد أو مؤرخ يرويها.

فارس الذرحاني
فارس الذرحاني (النداء)

أثار منشوري في فيسبوك يومها اهتماماً كبيراً حتى أن البعض عمل إشارات لمعنيين بينهم الأستاذ عبدالفتاح عبدالولي أخ الأديب والمبدع اليمني المعروف. ومع توالي النكبات في بلدنا منذ 2014 نسيت الموضوع تماماً.

في 2019 لم أصدق ما أرى وانا اتصفح بريدي في فيسبوك. عاد فارس الذرحاني للتواصل معي وهذه المرة مجروحا؛ إذ سلم وذكرني باسمه وقال: هذه صورة أمي وأم محمد عبدالولي اطالبك بنشرها لكي لا يكذبني أحد!
كان مكسوراً.
قال انشر صورتي وصورة أمنا كي لا يكذبني أحد.
قلت له إن أحسن طريقة هي التواصل مع فهمي السقاف فأنا بعيد عن اليمن.

أم الروائي محمد عبدالولي
أم الروائي محمد عبدالولي (النداء)

وقد أعطيته رقم موبايل فهمي، ويبدو أن فارس اتصل مراراً به دون جدوى!
مرت السنوات سريعاً. وفي يونيو 2021 رحل عن دنيا "عبدالولي" الصديق الأحب فهمي. وفي نهاية اغسطس دخلت، أنا، المستشفي في القاهره غائبا عن الوعي بعد اصابتي بنزيف في الدماغ.
بعد 13 شهرا ها أنا اكلمكم وكلي خشية من أن يكون مكروها أصاب فارس. وأنشر هنا صورته وصورة والدته راجيا أن أكون وفيت بوعدي لفارس وإن متأخرا 9 سنوات!

تالياً مقتبس ما كتبتُ في فيسبوك:  11 يناير 2014

 

رجل من عمران يعشق عبدالولي ويتحدث باللهجة التعزية لأن أمه أثيوبية!

سامي غالب 11 يناير 2014

اكتشفت ظهر الخميس أن للروائي والقاص اليمني محمد عبدالولي أخا غير شقيق اسمه فارس.
قال لي إن محمد عبدالولي كان "اكبر من اخ"، وهو من أطلق عليه اسم فارس، هو من رباه.
أقلني على تاكسي من بيتي إلى باب القاع حيث ينتظرني الصديق فهمي السقاف القادم من عدن. المشوار يستغرق دقائق معدودات. لاحظ فارس أنني حدقت فيه فور صعودي للتاكسي. ما هي إلا ثوان حتى ابتدرني بسؤال يحمل من اللهفة أكثر بكثير مما يحمل من الاندهاش: "هل تشبهني بشخص ما؟". لم ينتظر الملهوف ردا. "انا اخو محمد عبدالولي!". حدقت مجددا. كان الأخ الأصغر يحمل قسمات الأديب التي لم يشاهدها أحد منذ ابريل 1973 عندما انفجرت طائرة سوفيتية في مطار شبوه بنخبة من اليمنيين كانوا على متنها. لم تقلع الطائرة بل روح أحد أهم أدباء اليمن في القرن ال20.
فارس ولد عن أب من عمران. وهو أوضح لي أن لهجته التعزية سببها أنه كبر في كنف "قاص" في تعز. تذكرت "سينما طفي لصي"! أضاف: ها انا فارس الذرحاني، المنتمي إلى قبيلة من عمران، اتكلم اللهجة التعزية، وأمي أكسومية". [ابتسمت وأنا اتذكر "عمنا صالح" الذي كان "عمراني"، مثله على الأرجح]
لا أكف عن التحديق فيه بينما هو يتحدث بسرعة فائقة لكأنه يحملني أمانة أو لعله أراد إنهاء حالة الانشداه البادية على وجهي. التفت السائق إلى المشدوه الجالس إلى يمينه، ثم أنزل راسه قليلا، وقال: "انظر إلى هنا (مشيرا إلى جبهته)، هي جبهة محمد عبدالولي ذاتها". أومأت بحماس.
وصلت إلى مبتغاي في مشوار قصير.. طويل.
الرجل الذي يحمل جبين "قاص" لم يزر سقطرى (!) لأن طائرة على متنها قاص استثنائي وعشرين ديبوماسيا على الأقل، احترقت وهي رابضة على الأرض في واحدة من افظع الجرائم السياسية في اليمن. كان عليه ان يترجل معي من التاكسي. كنت أبلغته ان صديقا يعرف الكثير عن محمد عبدالولي سيسعد بالتعرف عليه.
قدمت فهمي. لم ينتظرني هو بل سارع لتقديم نفسه: "انا فارس الذرحاني أخو محمد عبدالولي". استغرق فهمي ثوان قبل أن يستوعب ما يقوله هذا الرجل الذي لم يسبق أن سمع به. كان علي أن أنبه فارس ثانية بأن فهمي شخص قريب للراحل الكبير عمر الجاوي أحد اهم أصدقاء عبدالولي. تركتهما لدقائق لشراء السمك. كان يقهقان عندما عدت. ودعناه على وعد باتصال ولقاء آخر.