حزبُ الله والبحث عن كرامتنا

حزبُ الله والبحث عن كرامتنا - عبدالعزيز البغدادي

مع كل هذا الصمود الأسطوري لحزب الله أمام الهجمة الصهيونية الامريكية الشرسة على شعب لبنان وفلسطين، كثرت التعليقات والأحاديث عن أن هذا الأداء البطولي قد أعاد للأمة كرامتها، وقد تكرر هذا المعنى في العديد من وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة شعراً ونثراً وبكل أدوات التعبير. لا أريد أن أفسد على على كل هؤلاء نشوتهم وفرحتهم، لكنني آمل أن يتاح لي في زحمة القول المتدافع المندهش لفعل حزب الله وأمينه العام الفذ المجاهد الصادق حسن نصر الله الذي عهده العدو قبل الصديق صادقاً مؤمناً.
وبكل تواضع وإجلال لأصحاب هذه الآراء أُعبِّر هنا ليس عن اختلافي معها فقط بل وعن انزعاجي مما أعتقد أنها تؤدي إليه من نتيجة متمثلة في أن الكرامة المستلبة قد أعيدت وكفى. والاختلاف المنزعج يرجع لسبب أزعم أنه بسيط وبسيط جداً وهو أن استعادة كرامة أمة بأسرها لا يكون بالانابة وانما بالجهاد الدؤوب وفعله فرض عين وليس فرض كفاية، غير قابل للتعليل أو التبرير أو الاتكال وإن كان يحتمل فعل مافي الوسع ولذلك فإن فرض العين في مثل هذا العمل يقتضي المساواة النسبية وليست المطلقة بمعنى أنه من غير الجائز مثلاً المساواة في المسؤولية عن استعادة الكرامة كفعل جهادي مستمر بين من هو في موقع المسؤولية الرسمية (السلطات الحكومية) وبين من هو خارج مواقعها.
فمن يشغل موقعاً عليه واجباته ومن هو في رصيف العمل الرسمي لا يجوز ان يصمت أو يتخاذل بدعوى ان ليس في اليد حيلة فلربما كانت مسؤوليته أدق ولو اختلفت والصمت المدان هنا لا أقصد به صمت اللسان فقط، فالأثير مقتضّ بالزعيق وانما المقصود بالإدانة الأقوى هوصمت الفعل المعبر عن الوجود إذ أن صاحب الإرادة الحرة لا يعدم الوسيلة المعبرة عن إرادته.
نعم إن حزب الله دافع بما استطاع اعداده من قوة مادية وبإرادته المعنوية الايمانية تحقق ما لم يسبق تحقيقه عبر تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي بل أعتقد أنه لم يسبق مثل هذا الصمود في العالم حد معرفتي.
وقد أكد أمين عام حزب الله ان الحزب لم يدافع بالوكالة عن أحد وإن كان صموده ودفاعه عن لبنان سيصب في النتيجة لمصلحة الأمة ضد العدو الصهيوني الامريكي الذي أعلن مع هذه الهجمة الوحشية بكل جرأة انها البداية لإعادة خلق شرق أوسط جديد ما يعني أنها حرب إبادة لإعادة رسم هذه المنطقة بما يخدم المصالح الامريكية الصهيونية الغربية دون أي اعتبار لكل حي في المنطقة وربما رأوا انه لا وجود لكائن حي فيها حسبما يحكي لسان حالهم!
لقد أثبت هذا الحزب المقاوم بفعله النبيل ودماء ابنائه القدرة المذهلة على تمثل كل إرادة حرة ليس في لبنان وفلسطين وهذه الأمة العربية، التي اصبح هذا العدو يبني كل مبادراته ومشاريعه على أساس عدم وجودها أصلاً.
نعم هذا الحزب بنموذج صموده مثَّل ليس فقط لبنان وفلسطين وكل جزء حي في جسد هذه الامة وروحها وإنما كل عشاق الحياة الحرة في العالم دفاعاً عن مشروعية الوجود وشرعية التعبير عن هذا الوجود ليكون فعله هذا رسالة للمتغطرسين ومصاصي دماء الاطفال بأنه لا يمكن للعالم أن يشهد السلام والاستقرار إلا من خلال نظام عالمي قادر على أن يحاسب مجرمي الحرب الجدد ويضعهم في قفص الاتهام امام محكمة إنسانية يشكلها احرار العالم صوناً للحياة الكريمة لكل بني البشر.
من المؤكد أن هذا الحزب العظيم وهذا القائد نصر الله الذي امتلك كل هذه المزايا الإنسانية والأخلاقية لم يوجد من فراغ بل أشرق ضياؤه من رحم الارض اللبنانية المعطاءة، وهما -أي الحزب والقائد- نموذج ينبغي أن يحفز للفعل الخلاق والقول الصادق الذي يتمازج مع الفعل وليس هدية لمن يبحثون عن النصر بغير ثمن.
النصر يبدأ من هزيمة الذات المتخاذلة وامتلاك الارادة الحرة القادرة على الفعل الخلاق المقتدر. نعم، إن ما قام به حزب الله انما يحسب لهذا الحزب المعطاء الذي وجدناه كأمين صادقاً في أقواله وأفعاله مخالفاً ماعهدناه في أنظمتنا السياسية واغلبية احزابنا السياسية غير الحاكمة مع الاسف.
إن أي إنسان يؤمن بحريته بإمكانه دائماً أن يفعل الكثير أما العبد فلن يعدم مبررات استلاب حريته.
لقد كان من ضمن ما ضاعف حزني وألمي كيمني أولاً وعربي ثانياً وانسان أولاً وأخيراً أني رأيت كونداليزا رايس وهي تطأ بقدميها الملوثتين وضميرها الانساني المتخشب ارض لبنان المقاومة الطهور لا بغرض الإطلاع على ما يعانيه شعب لبنان الذي يذبح بآلة الحرب الأمريكية القذرة وانما بغرض المزيد من كسب الوقت للكيان الصهيوني الذي امرته إدارة مصاصي الدماء الأمريكية بالدفاع عن نفسه وذلك بقتل اطفال لبنان وفلسطين واستعادة الجنود القتلة الثلاثة من بين أشلاء الأطفال والنساء والعزل من السلاح.
الوزيرة رايس وزعت ابتساماتها الدبلوماسية في قصر بعبدا تحت الحراسة المشددة! ودعت جماعة 14 آذار أو بعضهم إلى السفارة الأمريكية في بيروت للغداء، لتقدم لهم -على أنغام القصف الصهيوني الامريكي الهوية والهواية والإرادة- وجبة مفضلة لديها من أشلاء الأطفال اللبنانيين بدت بشكل واضح غير مكترثة بكل ما حولها لأن زيارتها جاءت لتعطي رسائل عن أمن اسرائيل المقدس وليذهب لبنان إلى الجحيم ولم تأت لاستقبال رسائل هذه الزيارة والمأدبة كانت يوم الاثنين 21/7/2006م.
المشهد المحزن الثاني وما أكثر هذه المشاهد
مشهد أحد مذيعي الفضائية اليمنية في نفس الليلة وهو يتحدث في مقابلة مع الاخ محافظ محافظة تعز القاضي احمد الحجري كان الحديث عن مشاريع سياحية في المحافظة يقول المذيع البطل بأنها تنشأ بدعم الأصدقاء الأمريكيين! نعم الصداقة!! ولا بارك الله في الرجال من أمثالكم.