توصية المعهد الديمقراطي بتأجيل الانتخابات قد تكون طوق نجاة

توصية المعهد الديمقراطي بتأجيل الانتخابات قد تكون طوق نجاة

«الديمقراطية اليمنية» تغرق في العنف والفوضى 
المحرر السياسي
يتعاطى المؤتمر الشعبي مع الانتخابات باعتبارها «شأناً داخلياً»، وتتباهى وسائل إعلامه بالأرقام الجديدة للمسجلين لكأنها أرقام عضوية، غير آبهة للتقارير التي تتحدث عن المقاطعة الواسعة لعملية القيد والتسجيل في مختلف المحافظات، وبخاصة في الجنوب، ولا لبيانات التعداد السكاني التي تقطع قول كل رقيب!
لا غرابة، فالمؤتمر بما هو الأداة الانتخابية للحكم، يجهد من أجل الوفاء بوظيفته الموسمية، معولاً على نجاعة أدوات الحكم الأخرى في تحصينه ضد أية مساءلة، تاركاً أمور السياسة للحاكمين المقيمين في دار الرئاسة. لكن السياسة هناك مختطفة، على ما يبدو، من قبل الخبراء في مقار اللجان الأمنية، هؤلاء الخبراء الذين لا يترددون في إظهار عزمهم على نزع الانتخابات من سياقها الوطني، دافعين بالبلد إلى حافة المجهول.
الحاصل أن البلد يتضعضع بفعل غلبة الحسابات الأمنية للحكم على حسابات السياسة. فالصراع داخل الحكم وبين مكوناته على القوة يفقده الحس السليم بالوقائع المستجدة على الأرض، ويقعده عن المبادرة والمناورة، وبدلاً من استدراج المشترك (بالقليل من التنازلات التي لن تغيِّر كثيراً في الخارطة الحزبية) إلى انتخابات قبلوية الأحكام أو «حرة نزيهة عادلة» بحسب تهويمات المشترك، قرر خبراؤه الأمنيون شن الحرب ضد كل الأعداء، من صعدة إلى المهرة، تاركين للمؤتمر (الواجهة السياسية والأداة الانتخابية) التلهي بـ«الشأن الداخلي».
المشترك يربح حتى الآن. والتوصية بتأجيل الانتخابات التي أعلنها المعهد الديمقراطي الامريكي (شريك الأحزاب في تنمية التجربة الديمقراطية)، الخميس الماضي، من شأنها أن تعيد المشترك إلى طاولة الحوار. لكن التأجيل وحده لا يكفي، فالمشترك، الذي يتمترس حالياً وراء مطلب «انتخابات حرة ونزيهة وعادلة»، يحتاج إلى جائزة مغرية، تقنع الاشتراكي بالمقامرة بوجوده، ودخول لعبة الانتخابات قبل «تبريد» القضية الجنوبية، وإلا فإن على السلطة أن تستعد، في الحوار المفترض القادم، لمواجهة متراس المعارضة الآخر: القضية الجنوبية، التي كانت في الربيع الماضي «المدخل إلى الاصلاح الوطني والسياسي»، حسب بيانات المشترك، وكفت عن أن تكون كذلك في «نداء» المعارضة الموجه إلى «أبناء شعبنا وقواه الحية» والذي نشر الاربعاء الماضي.
تطورات الاسبوع الماضي تقطع بأن انتخابات من دون المشترك لن تعدو كونها «شأناً داخلياً» مؤتمرياً. على أن مشاركة المشترك لن تضفي على الانتخابات طابعاً وطنياً في ظل المقاطعة اللافتة في الجنوب واحتمالات تجدد الحرب في الشمال. والاتفاقات السابقة التي يتغنى بها الحكم والمعارضة، وأوصى الشريك الدولي (المعهد) بالالتزام بروحها، لا تعني قادة الحراك الجنوبي ولا الحوثيين، فضلاً على قوى اجتماعية لا تستمزج اللعب داخل «الهامش الديمقراطي».
اقتربت الساعة، وعلى «الساسة الكبار» حسم خياراتهم: السلطة بانتخابات مع المشترك، في لعبة محدودة العواقب، أو بدونه في مباراة صفرية يقودها صقور المؤسستين العسكرية والأمنية؛ والمشترك مع الأداة الانتخابية للحكم في انتخابات قبلوية الاحكام، «حرة ونزيهة»، (بتعبير المشترك)  أو مع الفاعلين الجدد في الجنوب والشمال، الذين دأب الساسة المحترفون في المعارضة على تجاهلهم واعتماد خطاب متعالٍ إزاءهم.