فسحة - تغيير اللعبة

فسحة - تغيير اللعبة

لئن كانت النطحة التي سدّدها زين الدين زيدان الى صدر ماركو ماتيراتزي قد أخرجت اللاعب الجزائري الفرنسي من الملعب ومن دائرة الانتصار المونديالي الأخير، فإنها تصلح على يبدو لتكون عنواناً لمرحلة مهارات رأسية، أقلها النطح.
من دون الدخول في تبريرات الناطح، او تفنيدات المنطوح، سوف نرى بعد اليوم، الى النطح المبارك الذي يكون الفصل لكل المسائل بالغة العناد والغدر والتعدي والقسوة والإجرام. لا بأس من تعميم تجربة زيدان، ولينفجر المقهورون على غراره، وأصحاب القضايا، والاعراض والارض والشرف، ناطحين رموز الأذى، والمتسببين في ذلهم وصبرهم الذي نفذ. لينطح كل أحد، الأحد الآخر الظالم والمكيود، والمتشدّق مع ذلك، بإحقاق الحق، وإرساء العدل والديموقراطيات.
في هذه النطحة، ونجد أن لا بدّ منها ولا مناص، ثمة رؤى ساخرة ونقدية أيضاً، تتماهى مع ما آلت إليه أحوالنا اللبنانية والفلسطينية، من دون تأويلات كثيرة. وبقدر من الاحتياط والحرص، نجدنا ميالين في النواحي الداخلية من قلوبنا، الى النطحة التي وجّهها حزب الله الى إسرائيل المتمادية في اعتداءاتها تحت سمع العالم وبصره، مسجلاً اللمسة المنعشة لأرواحنا، التي عاودتها زهرة الشرف وزهوه، من دون كثير تفكير، بالتباسات او تعدّد في مغازي العمل، أو توقيته، أو الجهات التي تسنده.
السؤال المطروح الآن، في ظل هذه الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة، والقتل الاسرائيلي للمواطنين الأبرياء، والترويع الكامل للمدنيين، ودكَّ البُنى التحتية والفوقية، للبلد الناهض حديثاً من دمار كبير، هل النطح فعلاً هو آخر الدواء، وهل تغيير قواعد اللعبة، بل والخروج من الملعب نهائياً هو الحل: الجواب سهل عند حزب الله. سهل على صعوبته، وجواباً حاسماً يقلب الطاولة على الذين يحسبون أنهم يحرجونه. جواب سهل إذ ليست إسرائيل بالعدو الذي يمكنك من أجوبة متنوّعة، ولا من خيارات كثيرة.
استطراداً، وربما من الجهة المعاكسة، نرى في أن الحياة تتطور دائماً وتتابع سيرها، لكن ليس تبعاً لا للناطح ولا للمنطوح، وان تغيير نظام اللعب، سوف لن تنعشه على الدوام النطحات المتبادلة، بل يبدو النطح أحياناً، تهكماً على الحياة نفسها.

- عناية جابر
عن «السفير» اللبنانية