استغرب أن يرأس مجنون كتلة حزبية ووعد الصحفيين بدوح ماء.. عبثية البرلمان لا تخلو من متعة بفضل قفشات الراعي

لا تخلو العبثية التي تطبع نقاشات نواب الشعب من متعة. وقد أظهر يحيى الراعي رئيس البرلمان قدرة عالية في إطلاق القفشات ضد النواب المعارضين، من دون أن يوفر زملاءه في كتلة المؤتمر الشعبي. «النداء» رصدت خلال جلسات الأيام الصعبة التي شهدتها قاعة البرلمان بعضاً مما جادت به قريحة الراعي.
 
«دوح» ماء لمندوبي الصحافة
النائب الإصلاحي عبدالرزاق الهجري يتمتع بعلاقة طيبة مع مندوبي الصحف الموجودين في شرفة القاعة، وفي إحدى جلسات الأسبوع الماضي، لاحظ الهجري أن الصحفيين يكابدون العطش، فوبَّخ هيئة الرئاسة والنواب، قائلاً: «عيب علينا يا جماعة.. بيمنعوا على الصحفيين 5 حبات ماء». قد كتبوا علينا في الصحف (بسبب ذلك).. «عيب عليكم».
كان الرد جاهزاً لدى الراعي إذ قال: «أدعو الأخوة الصحفيين أن يقدموا كلمة شكر لعبدالرزاق وأنا أدِّي لهم دوح ماء ما عدوه (ليس فقط) حبه ماء».
 
معارضة أهل ذمار
 في جلسة الأحد قبل الماضي، أراد النواب التصويت على رفض اتفاقية قرض لهيئة التنمية الدولية لتمويل التعليم والتحاق الفتاة. لكن الراعي كَلْفَتَهم، وبدلاً من الرفض تم التصويت على استدعاء وزير التعليم لتقديم إيضاحات. كان النائب عبدالعزيز جباري (مؤتمر) من أبرز من عارض الاتفاقية. وفي اليوم التالي رفع جباري يده طالباً الحديث. كان على الأرجح ينوي انتقاد صرف عملية التصويت من رفض الاتفاقية إلى مجرد استدعاء الوزير.
يعرف الراعي أهل ذمار جيداً، ولم يمكِّن زميله في الكتلة والمحافظة من الحديث، وقال محتداً: «ما هي القصة، أمس صوتنا ولم يعارضوني إلا أهل ذمار».
 
الماء مقابل البقاء
في جلسة السبت انسحب نواب المعارضة من القاعة، لتعطيل النقاش حتى تأتيهم أنباء من دار الرئاسة عن نتائج حوار أمناء عموم المعارضة مع الرئيس.
تابع الراعي إدارة الجلسة ذات اللون المؤتمري فقط. أحد الصحفيين في الشرفة رفع قارورة ماء فارغة، لافتاً عناية الرئيس إلى معاناة الصحفيين جراء العطش.
لم يتأخر الراعي، فقد أمر موظفي الخدمات بتزويد الشرفة بالماء. ثم أطلق قفشته: «إحنا بنتخايل (ظننَّا) انكم انسحبتوا مع عبدالرحمن (بافضل)، وإلا لوشي إنْ إحنا أدَّينا لكم ماء». على الصحفيين أن يتعلموا فضيلة البقاء في الشرفة ليتجنبوا العطش.
 
القانون حريوة
في جلسة الاثنين قبل الماضي، لم يكن مشروع التعديلات وصل إلى البرلمان. كان نواب الغالبية متذمرين لأنهم انتظروا أسابيع عديدة المشروع الذي تم تمديد دورة البرلمان الحالية عدة مرات من أجل سواد عيونه.
في الجلسة علم النواب أن المشروع لن يناقش حسب جدول الأعمال. وقد ضجوا وهاجوا، وكان على الراعي أن يطمئن رعيته، ويقدم لهم الاغراءات. قال: «عنجهِّز الحريوة (العروس) الليلة، وبكره الصبح نزفها للمجلس». لم يستطع الرعية مقاومة المغريات، وانتشر الهدوء في جنبات القاعة.
 
إلحق إخوتك!
جلسة الثلاثاء قبل الماضي انسحب أعضاء كتلة الإصلاح الحاضرون بدءاً برئيسهم عبدالرحمن بافضل الذي أفصح عن سبب انسحابهم. تلاه محمد الحاج الصالحي (إصلاح) قال تبريره ولحق برئيس كتلته.
 هاتان المداخلتان كانتا كفيلتين بإثارة سخط الراعي على نواب اللقاء المشترك. لم يقتنع عبدالكريم شيبان (إصلاح) بالانضمام إلى كتلته قبل أن يكشف سر اللعبة في القانون الذي وزّع في ذلك اليوم. أحرج الراعي النائب الاصلاحي عندما رفض السماح له بالحديث، إذ قال: «ما تشتي تقول يا عبدالكريم؟ تشتي تقل لنا إنَّك منسحب معاهم.. الله معك إلحق اخوتك». حينها لم يجد عبدالكريم سبيلاً للحديث. ووجد الانسحاب هو العرض الشاغر.
 
رئيس كتلة برلمانية مجنون
لم يصل أمناء الاحزاب المعارضة إلى اتفاق نهائي وواضح مع رئيس الجمهورية. لم ينتظر الراعي ذلك وبدأ مناقشة القانون.
التزم عبدالرحمن بافضل الصمت، وجمع أوراقه وتحرك مغادراً القاعة. تودَّد الراعي له قائلاً: «أين عتسير يا عبدالرحمن اجلس..». يضحك بافضل ويستمر في طريقه إلى الخارج. الراعي: «عبدالرحمن.. ياعبدالرحمن». تجاوز بافضل بوابة القاعة، دون أن يلبّي نداء الرئيس. قال الراعي متأسياً على حال كتلة الاصلاح: «ما قد ابسرت حزب يطرح له رئيس كتلة مجنون الا الإصلاح». ابتسم نواب الغالبية الحاكمة، وغضب نواب الإصلاح فاعتذر الراعي: «خلاص ولا تزعلوا أنا أسحب كلامي». غالباً ما يكون السحب هو الحل الأنسب والاعتذار الأبرز بين النواب.
 
صوتوا على الموافقة بـ«وهيه.. بعدك»
يعرف الراعي كيف يفكر نواب حزب الأغلبية الحاكم. فعندما شعر بحجم السخط الذي وصلوا إليه في جلسة الثلاثاء قبل الماضي، لجأ إلى استرضائهم قائلاً: «يا مؤتمريين.. على العموم ما هو موجود في أيدينا هو في صالح اللقاء المشترك الف في الألف.. إن رجعوا، ناقشنا (قانون الانتخابات) ما رجعوا، ألغيناه». فردَّ الجميع بحماسة قبيلي عسر (ويعرف الأصول): «وهيه.. بعدك».
 
«اِتحفّظ لك لمّا تقرح»
كان الراعي يستشيط غضباً وهو يطلب من النواب الجلوس والاستماع للقانون، يضرب المطرقة بقوة ويقول للنواب الواقفين: «اقعدوا.. اقعدوا صوِّتوا.. سلطان (البركاني) والي جنبه.. اقعدوا».
لم يحالف النائب علي اللهبي (مؤتمر) الحظ في اختيار اللحظة المناسبة لطرح مقترحه على الرئيس. وإذ أبدى تحفظه على إحدى مواد قانون الانتخابات في جلسة السبت، نهره الراعي قائلاً: «اتحفَّظ لك لما تقرح» وزاد: «من عنده تحفظ يسير جنب الشجرة يتحفظ هاناك». هذه الجملة جعلت ناجي القوسي (مؤتمر) يتراجع عن رغبته في طلب الحديث. والشجرة التي قصدها الراعي هي تلك الموجودة في الساحة الخارجية للبرلمان، والتي غالباً ما يقصدها نواب المعارضة المنسحبون.
 
دقيقتين بحسابها
عندما يعجز الرئيس في احتواء النواب. يعود لمخاطبة غرائزهم. ففي جلسة الاثنين الماضي أظهر نواب الحزب الحاكم عصيانهم لرأي الراعي بإعطاء أحزاب المشترك فرصة 24 ساعة حتى يأتوا بأسماء اللجنة العليا للانتخابات. لم يستقر هؤلاء المؤتمريون في أماكنهم فطلب الراعي منهم فرصة أخيرة قائلاً: «لو سمحتم.. دقيقتين ولو بثمن.. دقيقتين بحسابها..». نفذ الغالبية كلام الرئيس ومضوا عند رغبته.