عن البشارة الأمريكية

محمد الغباري يكتب عن البشارة الأمريكية

الحمد لله أنه لم يقدر للقمة العربية الطارئة التي دعت لها اليمن أن تنعقد وإلا لكانت حرب عالمية ثالثة قد اعلنت في منطقة الشرق الأوسط..
ولأن الوقائع تؤكد أن القمة، وإن عقدت فلن يصدر عنها ما يساعد على مساندة الشعب اللبناني الذي يتعرض لعملية إبادة منظمة فإن ما يمكن اعتباره ايجابياً لو تم هو أن هذه الأحداث قد أوجدت اصطفافاً واضحاً بين الدول العربية الفقيرة الملتزمة بإصلاحات ديمقراطية في موازات مجموعة المال العربي التي تسعى لمقايضة الولايات المتحدة بالنفط والتأييد لسياستها الهوجاء تجاه الصراع العربي الاسرائيلي في مقابل تجنبها المطالبات بإصلاحات دستورية وقانونية تعزز من الحريات ومشاركة الناس في الحكم..
بإستثناء سوريا، التي تحول ربيع «بشارها» إلى خريف دفنت اوراقه كل الاماني التي ارتبطت بمجيئه إلى كرسي الحكم، فإن الدول التي أعلنت موقفاً خجولاً من العدوان وتجنبت ادانة المقاومة ووافقت على القمة الطارئة، لديها نظم حكم شبه ديمقراطية أكان ذلك في اليمن او في الجزائر أو البحرين أوحتى في مصر وجزر القمر وجيبوتي. وفي الجهة الأخرى كان المتبرعون بالإدانة المبكرة والساعون لإسكات الاصوات الناقدة لمواقفهم بالتبرع بعشرات المليارات للبنان.
للولايات المتحدة تجربة ناجحة في احتضان الانظمة الدكتاتورية واستخدامها في ضرب المعارضين لسياستها. وفي حالة الصراع مع المعسكر الشرقي ما يؤكد هذه الحقيقة، وفي نشوء تنظيم القاعدة والدمار الذي يعصف بالبشرية كان للأداءالامريكي دور اساسي في هذه الصناعة.
اليوم ورئيسة الدبلوماسية الامريكية تبشر بشرق اوسط جديد سيبنى على جثث مئات من المدنيين اللبنانيين وعلى اطلال الجسور والطرقات ومباني الوزارات في لبنان فلسطين اشعر ان أن واشنطن تهيئ العالم لصناعة ارهاب جديد يتخطى المصنع الذي اقيمت قواعده في «بيشاور» تحت لواء جهاد الكفار.
الوزيرة رايس و بكل صلف ترى ان اي مطالبة لوقف اطلاق النار «كذب»، لأن الحقيقة لدى هذه الإدارة اليمينية المتصهينة هي جثث الاطفال والنساء وهم يصهرون داخل حافلة حين كانوا يفرون بحثاً عن ملجأ من جحيم تكنولوجيا الحرب الأمريكية. والحقيقة، التي لا يريد (العقلانيون) العرب فهمها، هي ان تشريد مليون لبناني ودك البنية التحتية لهذا البلد هو السلام الذي بُشرنا به، وأن اعتقال عشرة آلاف فلسطيني وسجن اربعة ملايين في قطاع غزة والضفة الغربية هو مشروع الاصلاحات الذي تطلعنا إليه.
طوال عقدي الثمانينيات والتسعينيات تلقت الحركة السياسيية في المنطقة ضربات مؤلمة من الانظمة والجماعات الدينية المسنودة امريكياً، وهاهو البيت الابيض يدفع اليوم مليارات الدولارات في حرب جنونية طالت العالم خوفاً من ضربات تلك الجماعات التي احتضنها.. اليوم ووسط الضجيج من المبادرات لا أدري عن أي اصلاحات أو سلام يمكن للولايات المتحدة ان تحدثنا أو تقنعنا به وهي تساند وتبارك حرب الإبادة الاسرائيلية لكل ماهو عربي!؟
كيف لنا أن ننتقد طغيان أنظمة الحكم العربية والتصفيات في العراق تتم الآن وفقاً للانتماء الطائفي وهي تحصد اليوم اضعاف ماقتلوا في معتقلات القمع إبان حكم صدام حسين؟! وكيف لهذه الادارة الغبية ان تقنع العالم وتقنعنا، نحن العرب، بصداقتها وبالتعايش وهي ترى أن عودة جنديين اسرائيليين إلى بلدهم أهم لديها من قتل وتشريد مئات الآلاف من اللبنانيين والفلسطينيين.
عن أي قيم يحدثنا القائمون على البيت الأبيض ونحن نشاهد كيف يُذبح الفلسطينيون واللبنانيون، وكيف ان الدم العربي مستباح والجنس العربي ارخص ثمناً؟!
malghobariMail