إنتهاء مستمثر الملح في عيد الوحدة

حاول أن يطمئن على سلامة أشجار الفواكه المحيطة بمعمل الملح، لكن حراس المؤسسة زجروه بشدة خلال أقل من 9 أشهر تمكن غالب الخظاف، وهو مستثمر في إنتاج الملح، من زيارة مكاتب رفيعة في الدولة، أهمها دار الرئاسة والنيابة، للإستعانة بهم في حل مشكلته مع فرع المؤسسة الاقتصادية بمحافظة إب، غير أنه لم يتمكن حتى اللحظة من استرداد حقوقه المصادرة التي يسعى لإعادتها.
منذ نهاية العام الماضي والرجل يخوض في شريعة مع المؤسسة ويتوقع أن تطول إذا لم يلق تجاوباً من الجهات المسؤولة خاصة عندما يكون الخصم من «العيار الثقيل».
مطلع 2001 وقَّع الخطَّاف (45 عاماً) على عقد (إجارة) من فرع المؤسسة الاقتصادية بالمحافظة بشأن استئجاره لأحد الهناجر القديمة التابعة لها والكائنة في مفرق جبلة.
وبعد فترة وجيزة استطاع إعادة ترميمه وصيانته بتكلفة 20 مليون ريال بعد أن كان مهجوراً، وزوده بأحدث الآلات والمواد المصنعة.
كان المستثمر يلتزم بدفع الايجارات السنوية للمؤسسة حتى بعد أن طلبت في بداية 2005 زيادة الإيجار وبمعدل 30٪_ بعقد جديد ينتهي في 2010م، إلا أن هذا لم يشفع له في عيد الوحدة، الذي احتضنته المحافظة، حيث تخلصت المؤسسة بطريقة مهذبة فطلبت منه إخلاء «الهنجر» لفترة لا تزيد عن 3 أيام ويقول الخظاف: «قالوا لي إنهم يحتاجوا الهنجر للطباخة ومقر للحرس الخاص وضيوف الرئاسة في أيام العيد الوطني».
ولأنه مهتم كثيراً بهذه المناسبة العظيمة، فقد وافق على إخلاء الهنجر من محتوياته، على أن يعاود العمل في انتاج الملح، بعد انتهائهم من هذا الحفل، معتقداً بأنه سيقدم خدمة وطنية يجازى عليها.
صحيح أنه كُرم سريعاً، لكنه ليس تكريماً بالمعنى نفسه، فقد وصف ذلك بصورة مختلفة قائلاً: «بعد الحفل جيت أستلم المبنى، وما أبصرت إلا حراسة من خارجه وهو مقفل بالسلاسل وسرت إلى عند مدير المؤسسة خالد الزهيري وقال لي: إنهم يحتاجوا المبنى». وبعدها اتضح له أن «الحرس الخاص وضيوف الرئاسة» ليست سوى حجة لطرده من المبنى والاستيلاء عليه، وأنه وقع في فخ عميق لم يستطع تجاوزه حتى الآن.
ساعتئذ اتجه الخطاف في الخط القانوني، محاولاً الوصول إلى الهنجر الذي استأجره من المؤسسة وطلب من الأخيرة الإفصاح عن مبرر دفعها لفض العقد المتفق عليه والاستيلاء على الهنجر وما يحتويه، إلا أنها لم تفصح عن ذلك، لكنه ما أن يعاود ذلك يجاب بأن عليه «التفاهم مع رئيس المؤسسة علي الكحلاني».
غير أنه لم يتراجع في ذلك فسافر إلى صنعاء لمقابلة الكحلاني الذي رفض مقابلته بعد أن تردد على مكتبه لأكثر من 21 يوماً.
الاسبوع الماضي كان المستثمر يلف في مدينة إب حاملاً 4 أكياس متضمنة الأوراق والأوامر والمعاملة ويصعب عليه هضمها ويتحسر على فعلته تلك قائلاً: «آه... آه.. هذا جزائي أني صدقتهم وفرغت لهم الهنجر وبدل ما يدوا لي وسام صادروا حقي». متألماً بكثير من المرارة: «آه.. ذلحين العمال حقي مشردين في الشوارع وبدون عمل وبحسب العقد هم موظفين عندي لكن ما أفعل لهم دفعت لهم رواتب أشهر وبعت ما فوقي وماتحتي من أجل أوفي معاهم ومصاريف شريعة وما أفعل...».
الخظاف شعوق لرؤية الأشجار التي زرعها في المساحة المجاورة للهنجر وهي ما يؤرقه ويسهره خوفاً من هلاكها ويقول متغنياً بأشجار البن: «معي أكثر من 35 غرسة يا سلام لو تشوف ما أحلاها أحلى من السكر ورائحته تفتح النفس، ومعي 25 شجرة مثمرة من الرمان وجوافة وتفاح وكلهن مثمرات».
ويضيف مع بقاء البن: «بالله عليك ليش ما يسمحوا لي ازور البن واسقيهن واتفاقدهن..أيش ذنبهن».
«النداء» توجهت إلى مكان العمل، وحين وصلت إلى هناك وجدت العشرات من المواطنين في طابور طويل أمام بوابة العمل اتضح لي أن المؤسسة حولت الهنجر إلى مخزن لبيع القمح للمواطنين.. وحيث حاولت الاستفسار عن العميل اعترضني حراس المؤسسة وطلبوا مني الانصراف، وحين حاولت تصوير الهنجر من الخارج اعترضني الحرس مرة أخرى وقاموا بمصادرة التلفون الذي كنت أصور بواسطته ورفضوا إعادته إليَّ بحجة أني أريد تصوير المواطنين وهم يتزاحمون لشراء القمح.. وحين كان الحارس «الجندي» لا يستطيع استعمال الهاتف اخبرته أني أريد تصوير المجسم الموجود فوق البوابة وهو عبارة عن مجسم للخيل شعار المؤتمر الشعبي العام الذي وضعته الخظاف فوق بوابة المعمل في الانتخابات الرئاسية بعدها ابتسم الجندي وقال لي: «صور».
كان الخظاف قد استخدم سيارتين خاصتين بتوزيع الملح خارج المعمل فعند تسليمه المعمل للمؤسسة كانت السيارتان خارج المدينة. والآن فإن السيارتين مركونتان بجوار منزله قد تعطلتا بسبب الصدأ والوقوف المستمر، وبالاضافة إلى «طاحون» خاص بتكرير الملح حصل عليه الخظاف من مكتب منظمة اليونسف بصنعاء بعد عيد الوحدة تكريماً له.. وبسبب إغلاق المعمل من قبل المؤسسة تعطل الطاحون هو الآخر بسبب الصدأ بعد تعرضها للشمس والأمطار خارج المعمل.
«النداء» حصلت على مذكرة قانونية مفصلة خاصة بقضية الخظاف مع المؤسسة الاقتصادية تحمل الرقم 350 لسنة 2007 صادرة من نيابة شرق إب، أوضحت المذكرة اعتراف المؤسسة بإغلاقها للمعمل، بعد أن أشعرت غالب الخظاف بحاجتها للهنجر لغرض حفظ الألعاب النارية الخاصة بعيد الوحدة. وأوضحت المذكرة تعرض الآلات والمعدات للصدأ وأن الإغلاق ترتب عليه أضرار مادية تمثلت بإتلاف المعدات الخاصة بمعمل الملح من خلال تسرب الصدأ إليها داخلياً وخارجياً مما أدى إلى تعطيلها. وأكدت المذكرة أن استمرار الاغلاق سيؤدي إلى إتلاف الملح الخام والملح المنتج وسيؤدي إلى فساده.
وجاء في المذكرة أن توقيف الانتاج وتعطيل المعمل بكافة معداته عن العمل هو في حد ذاته اضرار بمال الغير. وكذلك تسبب في خسائر مادية بتوقيف العمل وما سينتج عن ذلك من إيقاف المقابل المادي لصاحب المعمل وتعطيل العمال عن العمل. وهذا يناقض توجه الدولة إلى تشجيع الاستثمار وسينعكس سلباً على المستثمرين الذين سيترددون في الاستثمار في ظل هذا الوضع. فالمؤسسة تمثل أحد قطاعات الدولة وهذه ايضاً تعد أضراراً مادية لأنها ستنعكس على اقتصاد البلد سلباً وعلى العمالة اليمنية.
وأضافت المذكرة أن ما حدث سبب أضراراً معنوية تمثلت في ضياع سوق الملح «ملح سليم» الذي كان يسوق للمحافظة وجعل معامل أخرى تستأثر بالسوق. وأيضاً سينعكس سلباً على سمعة المستثمر وحاجته بعد ذلك لبناء سمعة جديدة والحصول على زبائن جدد مرة أخرى وإعادة بناء وتنمية الاسم التجاري مرة أخرى.
وخلصت المذكرة إلى أنه في حالة الحلم للمستثمر بالتعويض عما أصابه من أضرار، فإن ذلك سيكلف الخزينة العامة للدولة مبالغ كبيرة بالملايين والسبب في ذلك التصرف الخاطئ للقائمين على المؤسسة وهذا في حد ذاته إضرار بمصلحة الدولة مادياً ومعنوياً.