نافذة.. استمطار الصواريخ

نافذة.. استمطار الصواريخ - منصور هائل

انقسم السياسيون اليمنيون اليوم واستعاد الأمس مكانه في قلب الآن، وكأن العقل لم ينشحذ بقوة الصدمات، ولم يتعقل اسئلة نكباته وكبواته ولم يتأمل فيما يعنيه فوزه بإحراز البطولة الدائمة في الفشل!
وهاهي البارحة ترتد بنا إلى مربع الانقسام الاخطر وإلى قلب كتاب «الأمس الذي كان الآن» عندما انقسم اليمنيون بين اغلبية كاسحة مؤيدة لمغامرة صدام في احتلال الكويت، وقلة محدودة ومعدودة خالفت «الاجماع» وهدير الشارع.
وفيما كانت الاكثرية مؤزرة بـ«الجماهير» التي خرجت معها وخلفها تهتف بإزالة اسرائيل بالصواريخ العملاقة والبعيدة المدى وب «الكيماوي يا صدام» كانت الاقلية غير مسموعة الصوت وتأجل النظر في سؤالها الاحتجاجي عن شطب الكويت أواعتبارها فاتحة شهية لزوبعة «ام المعارك» المندفعة في اتجاه إزالة اسرائيل من الوجود.
ومع الفارق بين معطيات الأمس واليوم، ومع الأخذ في الحسبان، ظروف وملابسات حالة «حزب الله» المقاوم الملحمي لعنجهية وغطرسة دولة اسرائيل المحتلة والعدوانية، إلا أن النقطة الحساسة والخطيرة تكمن في ذلك الوعي، وبالأحرى في سيادة ذهنية استمطار غيث القوارح والصواريخ وانتظار معجزاتها وخوارقها، واقصاء العقل وحساباته للتوازنات والموازين، وللخسائر والفوائد وللمصالح التي تقوم عليها وتتمفصل بموجبها معادلات السياسة في عالم اليوم وعلى الدوام.
والحاصل أنه فيما تتقطع اوصال لبنان بالآله الجهنمية لجيش دولة العدوان، وفيما يتكبد لبنان افدح الخسائر، فإنك لن تعدم من يمارس تجذير الانقسام وتشبيح حالة النخبة السياسية الهشة في الاصل تبعاً لمنطق: «من مع «حزب الله» ومن ضده»، وليذهب الجميع إلى الحفرة أو إلى المقابر الجماعية كضحايا لمشنقة هذه الثنائية القاتلة.
وبما أن المجال لا يتسع للافاضة، فإنه لن يضيق بدعوة لإعمال العقل السياسي النقدي تجاه ما يجري، أو لإعادة اعتبار العقل، او للاشتغال بما، وعلى ما تبقى، من هذا العقل ولو بقصد ابتكار طريق من وسط كل هذا الخراب، او بقصد تحصيل النجاة من الصواريخ التي تنهمر على رؤوسنا ونفوسنا اكثر مما تنهمر على لبنان واراضي فلسطين المحتلة.
mansoorhaelMail