فيما المدارس تواجه نقصاً حاداً.. الكتاب المدرسي في السوق السوداء

فيما المدارس تواجه نقصاً حاداً.. الكتاب المدرسي في السوق السوداء - هلال الجمرة

يشترونه ب20 ريال من المراكز السوداء والمدارس ليباع ب400 ريال في ميدان التحرير تحت حراسة من البحث الجنائي مقابل دفع البائع 500 ريال لمندوبهم.
يشهد ميدان «التحرير» ومنطقة «الحصبة» في بداية كل فصل دراسي تجمعات عديدة لبيع «الكتاب المدرسي»، ذي الطبعة الجديدة، والذي عادة ما يكون شبه منعدم في المدارس.
يلجأ بعض الآباء «محدودي الدخل» إلى شراء الكتب المدرسية التي تنقص أولادهم كي يواصلوا دراستهم على أكمل وجه. و نادراً ما يحرص هؤلاء على استيفاء المنهج الدراسي لأبنائهم في المراحل المتقدمة فيما يكون التركيز على المرحلة الأساسية أو «الابتدائية» لأن مستقبل الأطفال مرهون بالحصول على الكتب.
 20 ريالاً هو ثمن يدفعه «أحمد» (اسم غير حقيقي لرفض الباعة الإدلاء بأسمائهم)، وغيره من بائعي الكتب المدرسية لمن يبيعونهم يقول أحمد: «نشتري أي كتاب من أول أساسي إلى ثالث ثانوي ب20 ريال ونعمل في هذا المجال منذ فترة طويلة»، وعن السوق السوداء أو المخازن التي تمنحهم ذلك يضيف أحمد متهمكاً: «نشتري الكتب إمَّا من مخازن التربية أو المراكز التعليمية أو من المدارس أو من المطابع وكل واحد يبيع من سواه». لكن على ما يبدو أن هؤلاء الباعة يقومون ببيع هذه الكتب بمبلغ يفوق المبلغ الحقيقي ب10 مرات.
ظهر الأحد الفائت، قصد محمد جابر صلاح، ميدان التحرير، لشراء «كتاب القراءة» لطفله «أيمن» في الصف الأول الابتدائي ويقول: «ندور كتاب القراءة ولا لقينا وهذا يشتي يبيعه لي ب 400 ريال، مشيراً إلى أحد الباعة المتواجدين حينها.
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتحرك فيها صلاح للبحث عن كتب لأطفاله. ففي الفصل الدراسي الأول بحث أيضاً عن ذلك. وبشأن أهمية هذه الكتب ومدى الضرر الذي تسببه للطلاب يقول: «المشكلة أن الصفوف الابتدائية ضروري الكتب وتكون جديدة لأنهم يكتبوا فيها مما أضطر إلى أن أشتري لأطفالي». أما عن متابعته للمدرسة وسؤاله عن عدم توفير الكتب للطالب فيجيب: «اتصلت بالمدير وما رضي يجاوب ومش ابني بس اللي ما معه كتب، الطلاب كلهم وهناك عجز في بعض الكتب».
ومع هذا كله، يستمر رجال البحث الجنائي ووزارة التربية في مطاردة هؤلاء الباعة وملاحقتهم، فقبل دقائق من التقائي معهم كانت هناك حملة ينفذها أحد رجال البحث الجنائي بأمانة العاصمة، إذ يشكو هؤلاء وبحسب قولهم: «دفعنا له من 500 ريال وكلَّما هو مطفرن، ينزل يهددنا ويشل مننا كمَّا ستر (قدر)».
مصادر مسؤولة في البحث أكدت أنها تشن حملة على هذه المجموعات من باعة الكتب وتحولهم إلى نيابة الأموال العامة، التي تفرج عنهم بإحضارهم ضمانة.
وأشارت هذه المصادر إلى أن هناك قائمة بأسماء المتورطين في بيع هذه الكتب، وأن الادارة تمكنت في إحدى العمليات من مصادرة مخزن مليء «بالكتاب المدرسي». لكنها لم تذكر أي عقوبات بحق هؤلاء، موضحاً أن وزارة التربية وإدارة البحث على علم بهذه «الصفقات السرية»، وانها تسعى جاهدة إلى الحد منها.
لا يصح إلحاق الضرر بهؤلاء الباعة فقط كما يفعل «مندوب البحث»، المتهم من قبل الباعة بأخذ مبالغ منهم مقابل تركهم «لقصدة الله»، بل من الواجب على الجهات المختصة البحث عن المتورطين من موظفي التربية، وضبطهم واتخاذ الإجراءات التأديبية ضدهم، إلا إذا كانت إدارة البحث أو وزارة التربية لا تستطيعان سوى الرفق بهم والعطف عليهم، فحريَّ بها أن تعطيهم 20 ريالاً مقابل كل كتاب يريدون بيعه.
كذلك على وزارة التربية أن تدرك جيداً مدى أهمية توفير الكتب ومعنى عجز الدولة عن التوفير. كما لابد أن يضع المتورطون في حسابهم أن عليهم أن يوفروا الكتب في المدارس قبل الأسواق السوداء.
ما شدَّني عند تصفح الكتب المعروضة للبيع أن طبعتها 2007-2008, فيما يصرف في مدارس طبعة العام الفائت, هذا إن وجدت.