في تعقيب توضيحي على حوار «النداء».. شعفل عمر: الإطار القيادي للحزب لم يقر فكرة الاغتيالات المضادة

في تعقيب توضيحي على حوار «النداء».. شعفل عمر: الإطار القيادي للحزب لم يقر فكرة الاغتيالات المضادة

* جميعنا نتحمل المسؤولية في قرار الوحدة
أثارت المقابلة الصحفية التي أجريت معي ونشرت في صحيفة "النداء" في العدد الماضي ردود أفعال غاضبة عليّ.
والواقع أن هذه المقابلة مرت بمراحل متداخلة؛ في الأول كانت إجابات مكتوبة على أسئلة احتوت 25 صفحة، ثم رأى الصحفي أن المكتوب طويل على القارئ، واقترح حواراً شفوياً مسجلاً،على أن تُعرض عليّ مسودة المقابلة قبل نشرها لأقوم بمراجعتها، وللأسف أن ذلك لم يحدث، وأُرسلت المقابلة رأساً دون أن أطلع عليها، مما جعلني في بعض الأحيان أبدو في المقابلة وكأنني أتناقض مع نفسي. وهناك من الإخوة الأعزاء من غضب، وله الحق أن يغضب، لما اعتبره إساءة إليه، وأنا لا أعتبره إساءة إليه في حقيقة الأمر، وإنما إساءة إليّ باعتبار أن الكلام صادر عني.
ومع كامل تقديري لصحيفة "النداء" وصاحبها ورئيس تحريرها، الأستاذ سامي غالب، ومحرريها كافة./ ودون المساس بمصداقية الصحيفة واعتبارها، فإني أرجو أن يُسمح لي بأن أعقب موضحاً ثلاث نقاط فقط:

أولا: فيما يتعلق بالرفيق المناضل علي سالم البيض
ما من أحد يشكك أو ينتقص من التاريخ النضالي الحافل للأخ المناضل الكبير علي سالم البيض، وكنت من الذين يقفون إلى صفه، كما أوضحت في المقابلة مرتين. ولا يعني بأي حال من الأحوال تطابق الآراء والمواقف بين قائد الحزب وبقية القادة والكوادر. ولقد تعودنا في تجربتنا الحافلة منذ الاستقلال في 30 نوفمبر 67م، لا، بل من قبلها إبان فترة الكفاح المسلح للجبهة القومية وحتى قيام الوحدة، قلت إننا تعودنا وتعلمنا وتربينا على الديمقراطية الداخلية الحقيقية، وكنا نختلف اختلافات شديدة أحياناً ونتباين في الرؤى والمواقف والأساليب تبايناً شديداً يفضي أحياناً إلى صراع حقيقي، فما تعودنا في تجربتنا تلك خضوع كل القادة والمسؤولين لرأي وموقف قائد الحزب والدولة خوفاً ورهباً. ذلك لم يحدث على الإطلاق، بل كان كل مسؤول وقائد له شخصيته وله رأيه وموقفه الذي يقتنع به، ولديه الشجاعة الكاملة للتعبير عن موقفه بكل قوة وشجاعة. هكذا كنا طوال فترة تجربتنا الوطنية الغنية بغض النظر عما تخللها من صراعات وتضحيات ما كان لها المبرر الكافي، وهذا أمر يراه إخواننا من المسؤولين والقادة في الشمال شيئا رهيبا وفظيعا ودخولا في المحرمات، لأنهم اعتادوا الطاعة العمياء للحاكم، براً كان أم فاجراً. ومن هذا المنطلق فحينما ننتقد أو نختلف مع قائد الحزب أو الدولة في تجربتنا، وأخص هنا بالذكر علي سالم البيض، فلا يعني ذلك أي إساءة له أو إنقاصا من دوره وسجله الحافل، وهذا ما قصدته في المقابلة، وقلت إنه أخطأ بالتسرع باتخاذ قرار الوحدة بمفرده، دون أن يعرضه على المؤسسات الحزبية والرسمية، ودون أن يطرح الموضوع من الناحية الدستورية والقانونية لاستفتاء شعبي في الجنوب، باعتبار أنه كان دولة قائمة معترفا بها دولياً، مثلما كان الشمال أيضاً. وإذ يتحمل مثل تلك المسؤولية فإن ذلك لا يعني أننا، من حيث عدم اعتراضنا على ذلك الإجراء وعدم وقوفنا ضده بالأساليب الحزبية المرئية، لا نتحمل قدرا من المسؤولية أو نتنصل من نصيبنا منها، فكلنا نتحمل المسؤولية فيما حدث، وليس المناضل علي سالم البيض وحده.

ثانياً: خطة الاغتيالات الانتقامية والشيخ الخولاني
الواقع أنني لم أذكر أنني قلت في المقابلة أن هناك خطة أُقرت للقيام بتصفيات انتقامية لمقتل رفاقنا على الإطلاق، لم أقل هذا الكلام، وإنما كان قصدي القول إن هناك مقترحات كانت تُطرح داخل أطُر الحزب، مدفوعة بضغوط متزايدة من قبل قواعد الحزب، تطالب قيادة الحزب بالقيام بعمل انتقامي لوقف مسلسل التصفيات الدموية التي طالت منذ ما بعد قيام الوحدة وحتى ما قبل حرب 94م ما يزيد عن 150 من القيادات والكوادر الحزبية للحزب الاشتراكي اليمني. ولا شك أن عدم إقدام القيادة على تبني مثل تلك الأعمال الانتقامية قد أدى إلى تمادي الجانب الآخر من التصفيات والتأثير سلباً على الروح المعنوية لكوادرنا وقواعدنا، لكن تلك النقاشات لم تصل إلى رأي بشأن القيام بعمل انتقامي، وكانت القيادة تصر على ضرورة التمسك أو بالأصح تمسك الحزب بالخيار السلمي الديمقراطي ونبذ العنف. وعلى هذا الأساس لم تكن هناك بالأصل خطة أقرت أو حتى نوقشت في الإطار القيادي للحزب إطلاقاً. وبالتالي، ولما كانت هذه الخطة منتفية الوجود أصلاً، فإنه –منطقياً- لا معنى لوجود من كُلف بتنفيذها، لا من خولان ولا من غير خولان. ولقد آلمني أن ينصرف الظن إلى أحد رفاقنا القياديين من خولان باعتباره المعني بما قصدته بالإشارة إلى شيخ من خولان، ذلك أنني أحمل لذلك الرفيق كل الاحترام والتقدير، وليس لديّ أيُ ما يعكر صفو صورته المشرقة عندي وعند قيادات الحزب وكوادره. ومن هنا لم أذكر في المقابلة الاسم، لا تلميحاً ولا تصريحاً، وإنما كنت أشير إلى قضايا أخرى لا علاقة لها بخولان ورفاقنا فيها، إذ نظراً لجهلي وخلطي بين التركيبة القبلية والإدارية خلت ما أتحدث عنه وكأنه من خولان، في حين أنه ليس من خولان، وأرجو أن يكون هذا التوضيح كافيا لإزالة اللبس الذي ساور من أحترمه وأقدره، إذ لم يكن هو المقصود.

ثالثاً: الأستاذ عبد الرحمن الجفري
وهو قائد حزب عريق (حزب رابطة أبناء اليمن)، وهو وأسرته لعبوا دوراً وطنياً لا يُنكر في مسيرة الجنوب التحررية، وكنت أتحدث عن انتقادات واختلافات في الرؤى والمواقف مع الخط السياسي الذي انتهجه الأستاذ عبد الرحمن الجفري وحزبه خلال فترة حرب 94م، كنت أطرحها بقوة أمامه وبحضوره، ولم أقصد بالنفاق شخصه، بل وصفت مواقفه بأنها تحمل قدراً من النفاق السياسي، وشتان بين الشخص كإنسان والشخص كموقف، فالجفري كإنسان له من الصفات الخلقية والشخصية ما يميزه إيجابياً، لكنني في المقابلة كنت أناقش السياسة أو الموقف السياسي ولم اكن معنياً بالشخص، فقد يكون الشخص صديقاً حميماً كإنسان، لكن كموقف سياسي أختلف معه أشد الاختلاف.
فقط حرصت على إيراد هذه الملاحظات التوضيحية لإزالة سوء الفهم ولوضع الأمور في نصابها ومسارها الصحيح. ولو عُرضت عليّ مسودة المقابلة قبل النشر كما اتفقت مع الأستاذ الصحفي مروان الغفوري لما كان من الممكن على الإطلاق أن ترد هذه الالتباسات وما كان لها أن تتم، ولكن الخير فيما حدث، فقد كانت لي فرصة أخرى لأوضح ولأزيل اللبس عن سوء الفهم الذي حدث والناتج عن الاجتزاء والشطب واللصق الذي أخرج مضمون الكلام عن سياقه الطبيعي. ولعلي آمل أن يعذرني الأعزاء ممن سببت لهم أذىً أو إزعاجا من حيث لا أحتسب ولا أريد. وشكرا لصحيفة "النداء" لو تكرمت بنشر هذا التعقيب التوضيحي.

شعفل عمر
6/1/ 2008

***

«المحرر»

«النداء» إذ تنشر توضيح الاستاذ شعفل عمر، لتؤكد أن سوء فهم حصل بشأن المسودة النهائية للحوار، إذ إن الصحيفة لم تفهم من اتصالاتها بالأستاذ أن عرض المسودة عليه شرط لنشرها، خصوصاً وأن الاستاذ شعفل لم يعترض مطلقاً قبل أو فور نشر الحوار على ذلك. وبشأن النقاط الثلاث التي أوضحها الاستاذ شعفل، لا ترى الصحيفة لزاماً عليها التعقيب عليها، فما ورد في الحوار جاء في سياق شهادة على أحداث ومواقف وأجواء عاشتها اليمن قبل الوحدة وبعدها، وبخاصة خلال المرحلة الانتقالية، وحرب 1994. وبالتأكيد فإن الأحكام التي أطلقها الاستاذ في حق قيادات في السلطة والحزب الاشتراكي والمعارضة، إنما تتصل بسلوكهم السياسي، لا بمسلكهم الشخصي.
وبشأن توضيح الاستاذ شعفل في النقطة الثانية والمتعلقة بخطة الاغتيالات، تود الصحيفة لفت عناية القراء إلى أن كلمة «خطة» لم ترد في صلب الحوار، وإنما في عنوان فرعي اجتهد فيه المحرر، وليس الزميل مروان الغفوري الذي أجرى الحوار. وتأمل الصحيفة أن يكون ما ورد في توضيح شعفل عمر كافياً لجبر أي ضرر لحق بأي شخص أو فئة. علماً بأن الصحيفة تلقت بدورها اتصالات من أصدقاء وشخصيات ذات دراية، وكانت في موقع القرار داخل الاشتراكي وقتها، وآخرين من معارف أحد مشائخ خولان، فُهم خطأ أن المقصود من كلام الأستاذ شعفل، وأكد المتصلون أن التفكير في عمليات اغتيال مضادة، رداً على اغتيالات كوادر الحزب، لم يترجم إلى قرار في أي وقت، بل توقف عند حدود مقترحات صدرت من أعضاء وأنصار في الحزب في لحظات غضب عارم.
والصحيفة إذ تشير إلى توضيح الاستاذ شعفل، وبخاصة الالتباس الذي أدى إلى إيلام أحد رفاقه من مشائخ خولان، لتشدَّد على أنها لم تكن تتوقع أن ينصرف الظن إلى شيخ بعينه في خولان. وعليه فإن الصحيفة تعتذر بدورها عن أي أذى قد يكون لحق بهذا الشيخ أو أي من أقاربه.