طلبوا رفع أوراق اتهامه الى المحكمة العليا.. محامو الخيواني يدفعون بعدم دستورية محاكمته

شهدت محاكمة الزميل عبدالكريم الخيواني تطوراً لافتاً، الأحد الماضي بعدما دفع محاموه بعدم دستورية القرار الجمهوري القائم عليه قرار الاتهام.
هيئة الدفاع عن الخيواني طلبت وقف السير في اجراءات محاكمته، ورفع أوراق الاتهام القائم تجاهه إلى الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا، لتتولى الفصل في الدفع.
الهيئة التي يرأسها المحامي هايل سلام وتضم المحاميين نبيل المحمدي ومحمد المداني، اعتبرت في دفعها أن العوار الدستوري الحائق بالقرار الجمهوري رقم 391 لسنة 1999، المنشئ للنيابة الجزائية المتخصصة، «يمثِّل مانعاً قانونياً من سماع الدعوى الجزائية المحمولة بقرار الاتهام». وأوضحت بأن قرار إنشاء النيابة الجزائية صدر من جهة غير مختصة دستورياً بإصداره، كما أنه عطَّل أحكاماً قانونية نافذة،.
وقرر القاضي محسن علوان رئيس المحكمة رفع الجلسة لمدة أسبوع للبت في طلب الهيئة. (نص الدفع ص7).
 إلى ذلك دعا المكتب الدائم لاتحاد الصحفيين العرب «السلطات اليمنية إلى إغلاق ملفات محاكمة الصحفيين وفي مقدمتهم ملف الزميل عبدالكريم الخيواني رئيس تحرير صحيفة الشورى (المغلقة منذ عامين)».
المكتب الذي عقد اجتماعه السنوي في القاهرة مطلع الأسبوع برئاسة ابراهيم نافع، عبَّر عن قلقة الشديد من تدهور أوضاع حرية الصحافة في أكثر من بلدٍ عربي، وتراجع حرية الرأي والقيود السياسية والتشريعية المفروضة على الصحفيين وتشديد العقوبات عليهم بما في ذلك الاعتقال والحبس والتوقيف وسحب جوازات السفر والاعتداء الجسدي وتهديد الحياة الخاصة والمحاكمة العسكرية.
وأشاد الاتحاد بالقرار الذي أصدره الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس مجلس الوزراء في الإمارات بعدم حبس أي صحفي بسبب عمله الصحفي، واعتبره خطوة مهمة تجسد توجهات حقيقية لحماية حرية الصحافة وضمان أمن الصحفيين واستقرارهم.

 
***
 
 

إزالة عقبة من مسار العدالة
 

سامي غالب
 
 
دخلت قضية المتهمين في ما يسمى «قضية خلية صنعاء الثانية»، مرحلة جديدة بعد الدفع الجوهري الذي تقدمت به هيئة الدفاع عن الزميل الخيواني، المرتكز على عدم دستورية قرار إنشاء النيابة الجزائية المتخصصة.
هيئة الدفاع طلبت في جلسة الأحد الماضي رفع أوراق الاتهام ضد الخيواني إلى الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا، فقرر القاضي محسن علوان رئيس المحكمة الجزائية المتخصصة رفع الجلسة لمدة أسبوع، للبت في طلبها.
معلوم أن قرار إنشاء النيابة الجزائية المتخصصة صدر بقرار جمهوري خلاف ما يقرره الدستور وقانون السلطة القضائية. وكانت المحكمة الجزائية المتخصصة موضع تشكيك بدستورية انشائها من قبل منظمات حقوقية وناشطين حقوقيين في اليمن والخارج. والدفع، وهو الأول من نوعه، يكشف عدم التزام السلطات الدستورية نفسها بمقتضيات المبادئ الدستورية المنشئة لها والمقررة لاختصاصاتها.
على مدى السنوات الخمس الماضية أحيلت قضايا عديدة إلى المحكمة الجزائية المتخصصة التي أخذت في وسائل اعلام معارضة ومستقلة وفي تقارير مراسلي وكالات الأنباء والصحف العربية والأجنبية اسم « محكمة أمن الدولة»، بكل ما يتصل بهذا الاسم من محمولات سالبة تذكِّر بمراحل انتقالية عاشها اليمنيون في الشمال والجنوب كانت ضمانات العدالة خلالها مصادرة لصالح أمن الثورة أو أمن الدولة، وفي سيرورة الدفاع عن الثورة والأمن والسلم الاجتماعي أزهقت أرواح وقوضت حيوات أسر.
أُنشئت المحكمة عام 1999 طبق قرار جمهوري رقم 391 صادر بناء على عرض من وزير العدل الأسبق اسماعيل الوزير، ويظهر في القرار اسم رئيس الوزراء الأسبق عبدالكريم الإرياني. حينها كان اهتمام الحكم منصباً على مكافحة جرائم الاختطاف. وبعد 5 سنوات، وتحديداً في 20 إبريل 2004 صدر قرار تكميلي أضاف إلى اختصاصات المحكمة النظر في الجرائم الجسيمة التي تمس أمن الدولة والجرائم بالغة الخطورة على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي. ومَّذاك أحيلت عشرات القضايا على المحكمة التي تموضعت سياسياً باعتبارها الموقع الأمثل لتصفية حسابات السلطة مع معارضيها، والمطعم القانوني الأسرع في سلق الأحكام وتقديم الوجبات العقابية الجاهزة، لكأنها الفرع اليمني من سلسلة ماكدونالدز. على أن المحكمة التي أنشئت في زمن الإرهاب المعولم، أو في عالم الحرب على الإرهاب حظيت بمباركة مزدوجة: من السلطة المنشئة لها (!)، ومن حكومات الدول المانحة وبخاصة حكومة الولايات المتحدة الاميركية، التي لم تخفِ مباركتها للمحكمة المناط بها وفق القرار الجمهوري الاقتصاص من العدو الأول للغرب: الإرهابيين.
المحقق أن «الارهابيين» لم يكونوا أسوأ البشر حظاً من إنشاء هذه المحكمة «غير العادية». ولئن صدرت أحكام مخففة ضد متهمين في قضايا إرهاب، وأحياناً صدرت من المحكمة أحكام تسوِّغ الجهاد ضد الاحتلال الاميركي للعراق، فقد أظهرت المحكمة (والنيابة الجزائية) عدم تسامح مع أصحاب رأي وجدوا أنفسهم في ساعة شؤم محشورين داخل أقفاصها، كما حصل للأستاذين محمد مفتاح ويحيى الديلمي والقاضي محمد لقمان.
ومُذْ تمظهرت المحكمة في الخطاب المعارض بوصفها أداة تنكيل جهنمية بيد السلطة، لم توفر الأخيرة فرصة لتعزيز هواجس المعارضة والمجتمعين المدني والحقوقي، فكلما عنَّ لأحد القابضين على السلطة معاقبة ناشط معارض أو إخراس صوت مستقل، استحضر المحكمة الجزائية المتخصصة باعتبارها المسحوق الفعَّال سريع الذوبان الذي «يغسل أكثر بياضاً». كذلك بدت المحكمة الساحة المثلى لتبييض الانتهاكات التي تتورط فيها أجهزة أمنية ومراكز قوى عسكرية. وقد وفَّر ما أسمته هيئة الدفاع عن الزميل الخيواني «الاختصاص المكاني المستغرق لاقليم الجمهورية» الممنوح للنيابة الجزائية، هامشاً صريحاً للسلطة تتحرك فيه لشن حملات تأديبية ضد الخصوم، وباستخدام «سلاحها الاخلاقي»: القانون.
هكذا أحيل الزملاء في صحيفة «الشارع» إلى التحقيق أمام النيابة الجزائية المتخصصة لمجرد أن وزارة الدفاع أرادت ذلك.
وفي حين يمثل الزميل عبدالكريم الخيواني أمام عدالة «المحكمة الاستثنائية» مسنوداً بهيئة دفاع وموقف تضامني من منظمات المجتمع المدني والحقوقي، وفي الصدارة نقابة الصحفيين التي أدانت منذ البداية الاجراءات غير القانونية المتخذة بحقه، وعزتها إلى الآراء التي صدرت عنه في أوقات سابقة، فإن أغلب المتهمين الآخرين يمثلون أمام المحكمة وهم في حالة مهينة، قانونياً وانسانياً، مكبلين بالقيود وبالاجراءات الاستثنائية. وبعض هؤلاء يذهب إلى رفض المحاكمة برمتها ولا يعترف بشرعيتها، ولا يرى في هيئاتها وجهازها الفني إلا أداة طغيانية مستخدمة لأغراض استئصالية. وكم كان لافتاً أن تتلاقي إشارات عدم الثقة بعدالة المحكمة الصادرة عن هؤلاء المتهمين، مع دفع قانوني بالتي هي أحسن (!) ينتصر للدستور وللقضاء وللبرلمان المسطو على اختصاصاته قبل أن ينتصر لصاحب رأي وجد نفسه محشوراً في قضية إرهاب.
«النداء» نشرت في العدد (8) الصادر بتاريخ 4 مايو 2005 تحقيقاً عن المحكمة الجزائية المتخصصة والالتباس المثار حول دستوريتها، وفي التحقيق أوردت وجهات نظر الأطراف المعنية، وفيها أشار مسؤولون في السلطة القضائية، ومستشارون قانونيون رفيعون يعملون لصالح الحكومة، على المشككين بدستورية المحكمة، باعتماد القانون الذي قرَّر مساراً محدداً للطعن بدستورية أي نص أمام المحكمة العليا. ولا جدال في أن هيئة الدفاع إذ دفعت بعدم دستورية قرار إنشاء النيابة الجزائية، وبالتبعية المحكمة، فإنها اتخذت ذلكم المسار الذي حاجج به القائلون بانتفاء العوار الدستوري.
والمنتظر من القاضي محسن علوان أن يستجيب لطلب هيئة الدفاع، لأن المضي قدماً في هذا المسار إلى نهايته، لا يضع حداً للسجال الدائر حول شرعية المحكمة من عدمها فقط، بل والأهم يضمن مساراً سليماً للقضية التي ينظر فيها.
Hide Mail
 
 
 
***
 
 
طلبت وقف محاكمته ورفع أوراق اتهامه إلى المحكمة العليا
هيئة الدفاع عن الخيواني تدفع بعدم دستورية المحاكمة
 
* القرار الجمهوري بإنشاء النيابة الجزائية المتخصصة يتناقض مع نصوص الدستور
* القرار أهدر المعايير القانونية الثلاثة المحددة للاختصاص المكاني لأعضاء النيابة
* الدستور اشترط لتحقق السلامة القانونية للقرار الجمهوري عدم تعطيله للأحكام القانونية
* القرار الجمهوري يقرِّر لأعضاء النيابة الجزائية المتخصصة اختصاصاً مكانياً مطلقاً، أي اختصاص مستغرقاً لإقليم الجمهورية بكليته
* الدستور لا يقر لرئيس الجمهورية اختصاصاً بإنشاء نيابة جزائية متخصصة
 
لدى المحكمة الجزائية المتخصصة بالأمانة
في القضية رقم (48) لسنة 1428ه:
الموضوع/ دفع بعدم دستورية القرار الجمهوري القائم عليه قرار الإتهام، مقدم من هيئة الدفاع عن المتهم العاشر في القضية/ عبدالكريم محمد يحيى الخيواني:
فضيلة رئيس المحكمة      المحترم
حياكم الله:
إن هيئة الدفاع عن المتهم المذكور بعاليه، إذ تؤكد على عدم سلامة الاتهام القائم تجاه موكلها هذا، لا من حيث بطلان المبنى الإجرائي له فحسب، بل ولعدم صحة وثبوت واقعة الإتهام نفسها، تلفت عناية المحكمة الموقرة إلى أن العوار الدستوري الحائق بالقرار الجمهوري القائم عليه قرار الإتهام، وهو القرار الجمهوري رقم (391) لسنة 99م، يمثل مانعاً قانونياً من سماع الدعوى الجزائية المحمولة بقرار الاتهام هذا. وإذ تتمسك هيئة الدفاع بهذا العوار الدستوري كدفاع أصيل في مواجهة قرار الإتهام، تبين الأساس القانوني الحامل لدفعها به، على النحو الآتي:
1- برجوع عدالة المحكمة الموقرة إلى القرار الجمهوري المدفوع بعدم دستوريته، ستتبين بأن العوار الدستوري الحائق به يتجلى من وجهين إثنين، هما:
أ- صدوره من جهة غير مختصة دستورياً بإصداره.
ب- تعطيله لأحكام قانونية نافذة.
وبالنسبة للوجه الأول من هذا العوار، فيتمثل في كون أن دستور الجمهورية النافذ قد حدد، وحصر، الإختصاصات والصلاحيات الدستورية لرئيس الجمهورية بما قرره في المادة (119) منه. حيث جاء في منطوق نص الدستورية هذه ما لفظه: «يتولى رئيس الجمهورية الاختصاصات التالية:
1 - تمثيل الجمهورية في الداخل والخارج.
2 - دعوة الناخبين في الموعد المحدد إلى انتخاب مجلس النواب.
3 - الدعوة إلى الاستفتاء العام.
4 - تكليف من يشكل الحكومة وإصدار القرار الجمهوري بتسمية أعضائها.
5 - يضع بالاشتراك مع الحكومة السياسة العامة للدولة ويشرف على تنفيذها على الوجه المبين في الدستور.
6 - دعوة مجلس الوزراء إلى اجتماع مشترك مع رئيس الجمهورية كلما دعت الحاجة إلى ذلك.
7 - تسمية أعضاء مجلس الدفاع الوطني طبقاً للقانون.
8 - إصدار القوانين التي وافق عليها مجلس النواب ونشرها وإصدار القرارات المنفذة.
9 - تعيين وعزل كبار موظفي الدولة من المدنيين والعسكريين وفقاً للقانون.
10 - إنشاء الرتب العسكرية بمقتضى القانون.
11 - منح النياشين والأوسمة التي نص عليها القانون أو الإذن بحمل النياشين التي تمنح من دول أخرى.
12 - إصدار قرار المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات التي يوافق عليها مجلس النواب.
13 - المصادقة على الاتفاقيات التي لا تحتاج إلى تصديق مجلس النواب بعد موافقة مجلس الوزراء.
14 - إنشاء البعثات الدبلوماسية وتعيين واستدعاء السفراء طبقاً للقانون.
15 - إعتماد الممثلين للدول والهيئات الأجنبية.
16 - منح حق اللجوء السياسي.
17 - إعلان حالة الطوارئ والتعبئة العامة وفقاً للقانون.
18 - يتولى أي اختصاصات أخرى ينص عليها الدستور والقانون.
وبحسبه، نجد أن الدستور لا يقر لرئيس الجمهورية اختصاصاً دستورياً بإنشاء نيابة جزائية متخصصة، وتحديد نطاق قانوني لاختصاصها، نوعياً ومكانياً. وإذا كانت الفقرة (18) من منطوق المادة الدستورية هذه، قد جرت على تقرير تولي رئيس الجمهورية لأي اختصاصات أخرى ينص عليها الدستور والقانون، فليس في سائر مواد الدستور الأخرى، أو في المواد الواردة في المدونات القانونية النافذة ما يقرر لرئيس الجمهورية ثمة اختصاص بإنشاء نيابة جزائية متخصصة، وتحديد نطاق اختصاصها النوعي والمكاني.
ولما أن الأمر كذلك، وحيث أن القرار الجمهوري المدفوع بعدم دستوريته، قد تصدى لإنشاء ما يسمى بالنيابة الجزائية المتخصصة (الصادر عنها قرار الاتهام موضوع القضية الماثلة) وكذا لتقرير وتحديد نطاق اختصاص، نوعي ومكاني، لهذه النيابة على نحو ما جاء في مفردات المادة العاشرة منه، فقد جاء مشوباً بعدم الدستورية من هذا الوجه، بخاصة وأن النص في المادة (149) من الدستور يقرر بأن النيابة العامة هي هيئة من هيئات السلطة القضائية، وعلى النحو الذي يجعلها مشمولة بما جاء في المادة (150/دستور) من تقرير بأن أنشاء وترتيب الجهات القضائية وتحديد اختصاصاتها يتم بمقتضى قانون صادر عن السلطة التشريعية، المختصة دستورياً بالتشريع (مجلس النواب).
أما فيما يخص الوجه الثاني للعوار الدستوري المدفوع به، فيتجلى في كون أن القرار الجمهوري، متعلق الدفع، قد جاء معطلاً للأحكام القانونية الجاري تقريرها في المادتين (115)، (234) من قانون الإجراءات الجزائية النافذ. فبمقتضى دلالة نص المادة (115)، ومقرر نص المادة (234)، نجد أن المشرع قد حدد نطاق الاختصاص المكاني لأعضاء النيابة بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة أو الذي يقيم فيه المتهم أو الذي قبض عليه فيه، في حين أن القرار الجمهوري المدفوع بعدم دستوريته يقرر لأعضاء النيابة المنشأة بموجبه اختصاصاً مكانياً مطلقاً، أي أختصاصاً مستغرقاً لإقليم الجمهورية بكليته. فعلى سبيلي المثال، نجد أن اعضاء النيابة الجزائية الكائن مقرها في حي «بير الشائف» بأمانة العاصمة، يختصون بمباشرة إجراءات التحقيق بشأن واقعة جريمة قورفت في مدينة الغيضة م/المهرة من قبل متهم مقيم في مدينة حديبو (جزيرة سقطرى) وقبض عليه في منطقة البقع محافظة صعدة. وهو ما يعني أن القرار الجمهوري المدفوع بعدم دستوريته قد أهدر تماماً المعايير القانونية الثلاثة المحددة للإختصاص المكاني لأعضاء النيابة بحسب مقرر النصين القانونيين المذكورين، وبما يمثل تعطيلاً كلياً للحكم التشريعي الوارد بالنصين النافذين هذين، وعلى النحو الذي يلحق به- أي القرار الجمهوري- عوار عدم الدستورية المانع من الاعتداد به، من هذا الوجه كذلك.
هذا فضلاً عن كون أن ما قرره القرار الجمهوري المعيب هذا من إنتزاع للوقائع الجرمية المحددة به من الاختصاص النوعي المقرر قانوناً للمحكمة الابتدائية هو عبارة عن تعطيل، غير دستوري، لمنطوق النص القانوني المقرر لهذا الاختصاص، الوارد في المادة 231 من قانون الإجراءات الجزائية النافذ. حيث نجد أن النص القانوني هذا، يجري على نحو: «تختص المحاكم الابتدائية بالفصل في جميع الجرائم التي تقع في دائرة اختصاصها المحلي»، فيما أن القرار الجمهوري المدفوع بعدم دستوريته يقتضي إخراج الوقائع الجرمية المحددة به من مشمول هذا الاختصاص. وهو تعطيل غير دستوري لحكم قانوني نافذ، على وفق ما جاء بنص المادة 120 من الدستور، الذي يشترط لتحقق السلامة الدستورية للقرار الجمهوري عدم تعطيله للأحكام القانونية النافذة، حيث جاء هذا الاشتراط على نحو :«على أن لا تكون في أي منها- أي القرارات الجمهورية- تعطيل لأحكام القوانين أو إعفاء من تنفيذها».
ولما أن الأمر على نحو ما ذكر، وبما أن قرار الاتهام موضوع القضية الماثلة قد أقيم على أساس من الاستناد إلى القرار الجمهوري الآنف ذكره، بحسبان كونه يمثل سند إنشاء النيابة الجزائية المتخصصة- مصدرة قرار الاتهام- ومنه ذاته استمدت هذه النيابة سنداً لقولها بأن واقعة الاتهام قورفت في دائرة أختصاصها، حيث جاء في قرار الاتهام ما لفظه: «لانهم- أي المتهمين- في خلال الفترة من عام 2006، وحتى 31/5/2007 بدائرة أختصاص النيابة والمحكمة الجزائية الابتدائية المتخصصة»، وبما يجعل من القرار الجمهوري ذاك، متصلاً بولاية عدالة المحكمة كأحد عناصر الدعوى بالواقعة الجرمية المسندة الى المتهم العاشر في القضية، وهو ما تتحقق معه مصلحة عملية وأكيدة لهذا الأخير، في الدفع بعدم الدستورية، لذلك، وحيث أن النص في المادة (564) إجراءات جزائية، قد قرر سريان أحكام قانون المرافعات النافذ على كل ما لم يرد بشأنه نص فيه قانون الإجراءات، وبما أن النص في الفقرة (7) من المادة (186/مرافعات) قد أوجب على محكمة الموضوع المدفوع لديها بعدم الدستورية وقف السير في إجراءات المحاكمة ورفع الأوراق المتعلقة بالدفع إلى الدائرة الدستورية في المحكمة العليا لتتولى الفصل فيه إعمالاً للإختصاص الدستوري المقرر لها بموجب الفقرة (أ) من المادة (153) من الدستور النافذ، والجاري تأكيده قانوناً بنص الفقرة (أ) من المادة 19 من قانون السلطة القضائية النافذ، فإن هيئة الدفاع عن المتهم العاشر في القضية، إذ تؤكد على توافر السلامة القانونية لدفعها هذا، تلتمس من عدالة المحكمة الموقرة التكرم بتقرير الآتي:
- وقف السير في إجراءات محاكمة المتهم العاشر في القضية، ورفع أوراق الاتهام القائم تجاهه، والذي أرتبط به هذا الدفع إلى الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا لتتولى الفصل في الدفع طبقاً لمقرر نص المادة 186/ مرافعات.
وفقكم الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،،
هيئة الدفاع عن المتهم العاشر في القضية:
المحامون: هائل سلام، نبيل المحمدي، محمد المداني