المعارضة ترفض استئناف الحوار في عدن.. الصبري: نصحنا المؤتمر مراراً بتجنب اتخاذ قرارات أحادية

المعارضة ترفض استئناف الحوار في عدن.. الصبري: نصحنا المؤتمر مراراً بتجنب اتخاذ قرارات أحادية

انتظرت المعارضة استئناف الحوار مع المؤتمر الشعبي في العاصمة السياسية طبق اتفاق قادتها مع الرئيس علي عبدالله صالح السبت الماضي، لكنها فوجئت ليل أمس بأن طاولة الحوار نصبت في العاصمة الاقتصادية.
ليل أمس تلقى قادة المعارضة اتصالاً هاتفياً من مسؤول رفيع يلح فيه على دعوتهم لاستئناف الحوار من عدن.
الاتصال الهاتفي تبعه للتو نشر مواقع إخبارية موالية للحكم وللمؤتمر الشعبي نبأ اتفاق المؤتمر والمشترك على استئناف الحوار بدءاً من اليوم في عدن.
كان قادة المعارضة قد غادروا عدن إلى صنعاء أول من أمس، استعداداً لحوار الاربعاء بحسب الموعد المضروب برعاية الرئيس صالح. للدقة فإن عبدالوهاب الآنسي أمين عام التجمع اليمني للاصلاح، لم يرافق زملاءه في رحلة الصعود إلى الصقيع الصنعاني، مفضلاً دفء عدن، لأسباب متصلة بارتباطات حزبية داخلية. وبحسب مصادر «النداء» فإن قادة المعارضة، وفي المقدمة الآنسي، ساءتهم الخطوة الأحادية السلطوية بتغيير مكان الاجتماع.
ولكن لماذا يتطلع الحكم الى استئناف الحوار المعلق منذ يوليو الماضي في عدن؟
محمد يحيى الصبري الناطق الرسمي باسم اللقاء المشترك، كشف في تصريحات لـ«النداء» بأن فكرة انعقاد جلسة الحوار في عدن أطلقها الرئيس خلال لقائه الثالث بالمعارضة، صباح الأحد.
ومعلوم أن الرئيس التقى قادة ثلاثة من أحزاب المشترك ثلاث مرات يومي السبت والأحد الماضيين.
ومثَّل وفد المعارضة سلطان العتواني أمين عام التنظيم الوحدوي الناصري، وعبدالوهاب الآنسي أمين عام الاصلاح، وأبو بكر باذيب الأمين المساعد للاشتراكي.
وأوضح الصبري أن الرئيس عرض على ممثلي المشترك استئناف الحوار في عدن، لكن ضيوفه لم يتحمسوا للفكرة.
وأضاف: «عرضُ الرئيس ظل قيد التشاور، لكن إعلان (وسائل إعلام السلطة) بأن الحوار سيلتئم في عدن غير صحيح». وتابع : «هذا ارتجال جُبل عليه الأخوة في المؤتمر، وقد حذرناهم مراراً بأن لا يتورطوا في اتخاذ قرارات أحادية، أو تحديد مواعيد قبل الاتفاق عليها».
وتبادل المؤتمر والمشترك خلال اليومين الماضيين الانتقادات الحادة، ما يثير تساؤلات عن قدرة الطرفين على تجسيد الفجوة التي اتسعت خلال الشهور الماضية.
ونقلت مصادر خاصة لـ«النداء» ما وصفته بالأجواء الايجابية التي سادت اللقائين الثاني والثالث بين الرئيس وقادة المشترك واللذين عقدا مساء السبت وصباح الأحد. لكنها ما لبثت أن أبدت تحفظها حيال اجواء تفاؤل تشيعها جهات محسوبة على الجانبين.
ولفتت المصادر إلى التوقعات المتضاربة للطرفين ففي حين يعلَّق الرئيس على إمكان أن يسهم الهدنه المؤقتة مع المشترك في احتواء الاحتجاجات المتصاعدة في المحافظات الجنوبية والشرقية، فإن المشترك يتطلع إلى العودة إلى طاولة الحوار طبق وثيقة الضوابط الموقعة مع المؤتمر، من دون أن يخسر قاعدته في تلك المحافظات.
من هذه الزاوية فإن مكان استئناف الحوار وليس موضوعاته، يكتسب حساسية فائقة لدى طرفين يوليان المظهر الاهتمام الأول.
ووجود قادة المعارضة مع ممثلي حزب الرئيس في قاعة واحدة في عدن، سيكون بمثابة الخلوة غير الشرعية التي توسع شرخ الثقة في قيادة المشترك لدى قطاع عريض من المعارضين المنخرطين في حركة الاحتجاج الجنوبية.
في المقابل يؤمل الرئيس علي عبدالله صالح المتواجد منذ أسابيع في العاصمة الشتوية المطوقة بالعسكر، ولكن أيضاً بأحزمة من الغضب العارم، في إقناع قادة المشترك بنجاعة وسائله لاحتواء الاحتجاجات التي تهدد الوحدة وذلك من خلال إدامة بقائهم إلى جواره في عدن. وفي أسوأ الأحوال يكفي أن يظهر هؤلاء إلى جانبه في نشرات الأخبار التلفزيونية لخلخلة الاصطفافات الهشة في جبهة المعارضة.
ومعلوم أن الرئيس يفضل أن يدخل معارضوه مكتبه من أبواب متفرقة. وفي هذا السياق تجري لقاءات واتصالات بين الرئيس وقادة أحزاب المشترك، كل على حدة. ما يفسِّر جزئياً ردات الفعل المتباينة في الحدة من حزب معارض إلى آخر حيال القرارات الأحادية للسلطة، كما في مبادرة الرئيس التي تباينت مواقف أحزاب المشترك حولها في الاجتماعات المغلقة، قبل أن تتوحد حول رفض الطريقة التي أخرجت بها المبادرة، باعتبار ذلك انقلاباً على تفاهمات سابقة.
وفي موازاة الحوار المعلق بين السلطة والمعارضة، يعيد كل طرف ترتيب أوراقه وتنظيم صفوفه تحسباً للمفاجآت. ومساء الأحد الماضي التقى العتواني والآنسي وباذيب وقياديون آخرون في المشترك أعضاء المكاتب التنفيذية لأحزاب المشترك في محافظات لحج وعدن وأبين. اللقاء الذي جرى في مقر الاشتراكي في عدن وحضره نحو 150 كادراً معارضاً شهد نقاشاً مفتوحاً حول المسألة الجنوبية. واستمع خلاله قادة المشترك الى نقدٍ قاسٍ من أعضائهم في المحافظات الثلاث. وطبق المصادر فإن اللقاء الذي أداره علي منصر السكرتير الأول للاشتراكي في عدن، أثار أسئلة حول دوافع استئناف الحوار مع السلطة، وما إذا كان الهدف هو احتواء الحركة الاحتجاجية في الجنوب.
وكان الرد من قادة المشترك بأن برنامج المعارضة ودعم مطالب الحركة الاحتجاجية السلمية لن يتأثرا بالحوار المرتقب.
على الضفة الأخرى يظهر الحكم ميلاً متزايداً إلى اعتماد أدواته التقليدية، الخشنة، مهملاً أدواته العصرية. كذلك يبدو المؤتمر الشعبي (الأداة الحزبية للحكم) في حالة موت سريري، على حد تعبير محمد الصبري، خصوصاً في المحافظات الجنوبية والشرقية، فيما يزداد التواجد «الغليظ» للقوة العسكرية والأمنية، ويتم تفعيل آليات مختلفة لكسب ولاء وجاهات تقليدية أو شراء صمت شخصيات سياسية ونقابية، في محاولة لاختراق جمعيات المتقاعدين والهيئات المدنية والاجتماعية المنخرطة في الحركة الاحتجاجية.
كذلك فإنه داخل الحرب الجارية في الجنوب وعليه تتمظهر مواقع لحروب داخلية داخل الحكم بين مراكز قوى تتصارع على استثمار الأزمة المتصاعدة لتعظيم منافعها.
وفيما يخص التعاطي مع الحالة الجنوبية، أفادت مصادر خاصة بأن الكفة داخل الدائرة الضيقة للحكم رجحت مؤخراً لصالح المتشددين على حساب المعتدلين الذين دفعوا مؤخراً إلى اعتماد معالجات سريعة لقضايا الآراضي والإدارة المحلية والمتقاعدين، تكون مدخلاً لاحتواء الأزمة.
داخل الدائرة الضيقة يتم تصفية حسابات وثارات. وترشح معلومات عن سباقات مشفرة وانسحابات واعتكافات. والمحقق أن مشعلي الحرائق يستثمرون بكفاءة حالة الإرباك في الساحة السياسية، لفرض مقاربة أمنية ومعالجات زبائنية استزلامية لحالة جنوبية متفاقمة تؤذن في حال استمرار الارتباك الراهن بانفجار كبير ساعتها لن يكون حوار في جحيم عدن... ولا في صقيع صنعاءَ!.