الحكومة قررت إلغاء اتفاقية بناء المفاعلات النووية. خيبة بهران الكبرى

الحكومة قررت إلغاء اتفاقية بناء المفاعلات النووية. خيبة بهران الكبرى - محمد العلائي

قبل أن يجف الحبر، قررت الحكومة أمس إلغاء الاتفاقية التي أبرمتها وزارة الكهرباء والطاقة مع شركة باورد كوربوريشن الأمريكية في أواخر سبتمبر الفائت.
الاتفاقية تنص على أن تتولى الشركة تنفيذ بناء 5 مفاعلات نووية بتكلفة قدرها 10 مليارات دولار، على أن تبدأ دراسة الجدوى اعتباراً من العام المقبل 2008.
قرار الحكومة جاء بعد يوم واحد فقط من تلقيها مذكرة اعتراض صادرة من هيئة مكافحة الفساد، وبعد قرابة شهر من مقال جرئ أماط اللثام عن كل الأوراق الخفية في الصفقة، وأثار جدلاً واسع النطاق.
منير الماوري صحفي امريكي من أصول يمنية. ظل يتعقب تحركات مصطفى بهران النووية عن كثب. كانت الأمور ستسير كما يجب بالنسبة للوزير، فمن شأن صفته كهذه أن تحرس كل الألسن التي حولت فكرة توليد الكهرباء بالطاقة النووية الى مادة شهية للتنكيت.
بعدما أمضيا، بهران ومدير الشركة، على بنود الإتفاق بالأحرف الأولى، كان الماوري يحس في قرارة نفسه أن ثمة أمراً مريباً يدور وراء الكواليس.
عاد بهران من واشنطن محملاً بنشوة الإنتصار اللذيذ. فالتغطية الاعلامية للخبر كانت على ما يرام.
قال متبجحاً إن العمل سيبدأ بتنفيذ دراسات الجدوى واختيار المواقع التي ستقام عليها مشاريع المحطات النووية، مروراً بالنواحي الاقتصادية والتقنية والبيئية، وانتهاء باختيار التكنولوجيا.
 كان يتحدث بجدية لا هوادة فيها، وكانت المعارضة تقف بإزاء هذا التصميم مكتوفة الأيدي. فهي لطالما تهكمت بالمشروع. وبدا الحديث عن قرب انجازه بمثابة اراقة لماء وجها قبل أي شيء آخر.
في هذه اللحظة كان الصحفي الماوري يطهو مفاجآته على نار هادئة جداً. وعندما تمكن من اكتشاف كافة خيوط اللعبة، كتب مقاله- القنبلة. لقد أثبت بالدليل القاطع، عدم أهلية شركة باورد كوربوربشن لتنفيذ مشروع عملاق كهذا.
قال إن جلال الغني، مدير الشركة التنفيذي، هو زميل دراسة بهران، وإن سجله حافل بالسوابق، حيث أدانته شركة امريكية كان يعمل لحسابها باختلاس ملايين الدولارات.
لابد أن المقال نزل على بهران كالصاعقة. وأكثر من ذلك: ألجمه تماماً.
وفي مطلق الأحوال، فمن حسن حظ الوزير أن قرار الحكومة أطاح بالاتفاقية وحدها، ولم يطح به، هو الساعي الدؤوب لتنفيذ برنامج رئيس الجمهورية الحافل بالمفاعلات النووية وما شابهها.