التجار يجودون ب95 مليون ريال لإطلاق 210 سجناء.. النيابة تشترط ضمانات تجارية للإفراج عن المعسرين

تبلغ  حملة «النداء» في ملف السجناء المعسرين، التي أطلقتها في رمضان الماضي، سنة كاملة، ولا تزال مستمرة تراقب الأمر عن كثب، وما يتأتى من هذا الرمضان.
المحسنون من التجار يتدافعون هذه الأيام إلى الإصلاحيات المركزية لإنقاذ حيوات مئات المعسرين، في حين تعكف اللجنة العليا للسجون «المصغرة» هذه الليالي بفرز حالات المستحقين لمكرمة الرئيس من ذوي الأروش والديات، وفقاً لشروط.
ويتقدم رجال المال والإحسان التاجر «الحجاجي» الذي -ككل عام- يتكفل بقضايا الحوادث المرورية في مختلف المحافظات، بالاضافة إلى بعض الحالات في قضايا أخرى.
ومن بداية رمضان الجاري وحتى اليوم بلغ عدد المفرج عنهم بمساعدات من فاعل الخير حوالي 210 سجناء بكلفة مالية قيمتها 90 مليون ريال.
ويتعذر على الصحيفة الحصول على الرقم الإجمالي للمفرج عنهم، من ذوي الحقوق الخاصة، على امتداد حملتها منذ سنة- كما يصعب الوصول اليها في كشوفات ذوي الشأن بسبب العطلة القضائية وحسابات أخرى لدى تلك الجهات.
وعلمت «النداء» من مصادر مسؤولة في النيابة العامة، أن النائب العام الدكتور عبدالله العلفي، وجه هذا الأسبوع النيابات المختصة، ب أمانة العاصمة، بالإفراج عن 20 سجنياً معسراً من مركزي صنعاء، بعد أن ثبت فقرهم لدى القاضي المكلف بهذا الشأن.
ومن بين هؤلاء المهندس الميكانيكي صالح علي صالح المحمي (60عاماً) المحبوس منذ العام 96 في مليون و600 ألف ريال من محكمة جنوب غرب الأمانة التي لم ينص حكمها سوى على حبسه سنة ونصف في الحق العام، وأيضاً الدكتور العراقي عبدالمجيد محمود كاظم القيثاري، عراقي الجنسية، الذي أمضى 3 سنوات في السجن المركزي على ذمة حكم لم يقضى بحبسه، وإنما بتسديد مليون و 300 ألف ريال، وسواهم.
وزارت الصحيفة، يوم أمس بعض من شملهم أمر الإفراج إلى السجن  للتأكد من سير إجراءات الإفراج، فتبين لها أنه لم يفرج سوى عن 6 من ال 20 الموجه بهم فيما 14 لا يزالون عالقين بضمانات تجارية حضورية تشترطها النيابات التابعين لها رغم أوامر النائب العام.
وأبدا عددُُ منهم استياءً شديداً من تلك الإشتراطات إزاءهم. وقال صالح المحمي، وهو الذي كان يحلم بصوم رمضان وقيامه بين أولاده الذين يستأجرون بيتاً بمحاذاة الجدار الشرقي للسجن: «إنني أطلب من النائب العام أن يتدخل مرةٍ أخرى لإنقاذنا». وأضاف المحمي، وهو يسرد عدداً ممن أُفرج عنهم بموجب أحكام الإعسار فقط: «هؤلاء حكموا بعدنا وأطلقوا قبلنا بدون أي ضمانات. لا نريد سوى المساواة». مشيراً الى أنه تقدم بضمانة حضورية أكيدة الى نيابة جنوب غرب الامانة، إلاَّ أنها رفضت؛ مشترطة تجارية وتساءل ومستغرباً: «أنا لي في السجن سنة بمبلغ زهيد ولو كنت أعرف تاجراً لسدده عني زمان، ولخرجت من حينه. لكن ما فايدة أحكام الإعسار اذا كان هذا شرطهم؟!».
وجاء الى مكتب الصحيفة، وهي ماثلة للطبع مساء أمس، العراقي عبدالمجيد كاظم بعد أن كان هاتفها لحظة مغادرته السجن بداية الأسبوع، وقال إنه سُجن ظلماً: «حيث لم ينص القاضي على حبسي». وكان يشكو، وهو يحاول حبس دموعه: «حبسوني بهذا الشكل وأنا أحمل الدكتوراه في القانون الدولي من جامعة بغداد، و كنت المحامي العام الأول في دائرة الشؤون القانونية في مكتب رئاسة الجمهورية، بقرار رئاسي من  صدام نهاية الثمانينيات».
وأفاد أنه غادر السجن رفقة خالد سلطان نعمان الأصبحي (أحد المعسرين).
 ويعتبر  عبدالمجيد كاظم (51عاماً) ثالث حالة من غير اليمنيين تغادر السجن حتى اليوم منذ إبريل الفائت. فإلى الفلسطيني محمود شرقاوي، الذي أفرج عنه قبل ثلاثة اسابيع، أفرج عن عراقي آخر (تفيد المعلومات أنه أصيب بجلطة) وكانت «النداء» كشفت في عددها المائة عن وجود ما يزيد عن 12 حالة (غير يمنيين) يمضون في السجن منذ سنوات بأحكام بعضها لم تقل بحبسهم. وعرضت الصحيفة حينها مأساة عائلة عبدالمجيد التي تسكن لوحدها أحياء صنعاء القديمة (زوجته وطفلته)، دون عائل.
وطبقاً للمعلومات الآتية من سجن صنعاء المركزي ومن سجون مركزية أخرى، فإن حالات  كثيرة ما زالت في السجن رغم أحكام الإعسار التي كسبوها، بل وبعضهم رغم أوامر النيابة العامة، بسبب اشترطات النيابات المحبوسين بأوامرها.
وتبلغ عدد الأحكام القضائية التي وصلت إلى مكتب النائب العام منذ تكليف قضاة للنظر في دعاوى الإعسار، منتصف مايو المنصرم، 194 حكماً من محافظات يمنية هي: الأمانة 67، عدن 50، المكلا 20، إب 50، الحديدة 1، أبين 4، المحويت2. في حين لم تصل من سجون المحافظات الأخرى، بما فيها تعز وعمران وذمار، أي حكم حتى الآن- طبقاً لمصدر مسؤول في شعبة السجون.
وكانت هيئة الدفاع عن سجناء الحقوق الخاصة اتفقت في 13 مايو الماضي مع رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي عصام السماوي، والنائب العام، على وضع حد لمعاناة السجناء المعسرين، خاصةً موكلي «الهيئة» الذين يربون على ال250 سجيناً. ونص الإتفاق المشار إليه، طبقاً لبيان صادر عن هيئة الدفاع يوم ذاك على يقوم النائب العام بدراسة وفرز حالات الاحتجاز، والتوجيه إلى النيابات المختصة بالإفراج والإحالة الى قاضي التنفيذ المختص، وفقاً للقانون.
وفي اليوم التالي للاتفاق تداولت وسائل الاعلام خبراً مفاده أن مجلس القضاء اتخذ قرارا يكلف فيه هيئة التفتيش القضائي في وزارة العدل بتعميم توجيه الى قضاة التنفيذ في المحاكم بالسير في إجراءات التنفيذ المدني بالجانب الجنائي وبصفة مستعجلة وفقاً للقانون، وذلك بناءً على مذكرة النائب العام بشأن السجناء المحكوم عليهم في حقوق خاصة وانتهت فترة عقوباتهم.
وتتلقى الصحيفة هذه الأيام رسائل عديدة ومناشدات من مختلف سجون الجمهورية، خاصة المحتجزون على ذمة حقوق خاصة ومن انتهت مدد عقوباتهم، وحتى من اولئك المسجونين دون أحكام قضائية أو دونما مبرر قانوني سليم، وهو أمر يحتم على الصحيفة تكثيف جهودها ومواصلة حملتها.