لماذا يكرهوننا؟!

لماذا يكرهوننا؟! - محسن العمودي

قيل إن بعض مراكز الأبحاث والدراسات الاميريكية، والبعض منها تابع لجامعات عريقة ومؤثرة في صنع القرار الأميركي، تساءلت وعقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر عن سبب أو أسباب كراهية العرب والمسلمين لأميركا، وتوصلت تلك المراكز والمعاهد والجامعات إلى سببين لتلك الكراهية، أولها وأهمها -حسب وجهة نظرها- هو دعم الإدارات الاميريكة المتعاقبة للأنظمة الديكتاتورية في الوطن العربي والعالم الإسلامي، وثانيها الدعم الأميركي المتواصل لدولة إسرائيل.
الولايات المتحدة الاميريكية ومنذ اكتشافها مصادفة، أسسها مجموعة من قطاع الطرق واللصوص والسجناء، وكانت محاولة أوروبية لترحيل هؤلاء والتخلص منهم وبخاصة في ظل أوضاع اقتصادية متردية حينها في القارة العجوز. ومن اجل تأسيس هذا العملاق تم إبادة أكثر من عشرين مليون من مواطنيه الأصليين، عدا الاقتتال الداخلي بين مكونات المجتمع المتناقض في تركيبته وظهور المافيا الايطالية وعصابات الأفارقة السود واللاتين. ومرورا بالحرب الأهلية التي زُعم أنها لتحرير العبيد وإلغاء الرق في ولايات الجنوب الزراعية، وانتهاء إلى بروزها كدولة عظمى يشار إليها بالبنان مع مشارف الحرب العالمية الثانية، وثبوت امتلاكها لسلاح الردع الذي استخدمته على مدينتي هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين، والتي كانت مستسلمة بالفعل إلا انه غرور واستعراض القوة الذي أرادته أن يصل إلى حلفائها في الحرب وخصومها على حد سواء. ثم بدء الحرب الباردة والدخول في الصراع الكوري – الكوري حتى انتهائه بتقسيم شبه الجزيرة بين شمال وجنوب ومازالت قواعدها وقواها العسكرية متواجدة فيه. وحرب فيتنام التي استنزفتها إلى الوصول إلى قناعة الهزيمة وضرورة الانسحاب. عدا التآمر الدائم والمتواصل على قارتها الجنوبية وقارتي آسيا وأفريقيا، والتآمر وتصفية القيادات الوطنية من " الليندي " في التشيلي إلى " لومومبا " في أدغال الكونغو، ومصرع واحد من أعظم الأمناء العامين للأمم المتحدة " همرشولد " في حادث طائرة غريب ومبهم، ووصولا إلى تسلم " جونسون " الرئاسة عقب اغتيال الرئيس الحالم والكاثوليكي الوحيد " كينيدي " والذي بقي اغتياله إلى يومنا هذا لغزا يصعب فك طلاسمه. إلى استنزاف مقدرات الأمة العربية عبر الدعم أللا نهائي لإسرائيل والعمل على إلحاق الهزيمة تلو الأخرى ثم الوصول إلى نكسة العام 67م، ودعم كل خونة الأمة من مفجري الانفصال المصري السوري، إلى مهندسي اتفاقيات السلام الهزيلة (كامب ديفيد ووادي عربة وأوسلو) وهي كلها اتفاقيات تضيف لرصيد العدو المنعة والقوة أكثر مما تعطي للشعوب المهمشة وقياداتها المتآمرة أكثر من الاستمرارية والبقاء فقط خارج دائرة الفعل الرئيسي.
لا يمكن لأي حر على هذه البسيطة إلا وقد تأثر واعتصر ألما لمنظر فتاة شاطئ غزة وهي تبكي أباها الذي سجي جثمانه الرمال حتى غدت حمراء، ولا يمكن لأي مراقب أن يتعامى عن محاولاتهم الدائمة لإجهاض أي تجربة تعتمل أو تؤشر بانطلاق كيان أو امة أو حتى فرد على هذه المعمورة بقاراتها الست.
حتى الخيلاء التي يسير بها صبي تكساس وصعلوكها " بوش الصغير " أضحت مقززة منفرة، فالغرور والتعالي وأسلوب الكاوبوي الذي يفرضه علينا مشهد رؤيته، محاولا خداع شعبه والكون بنصره المبتور في عراق العروبة، لم يستطع أن ينسي العربي الأبي دور روح المقاومة أو ينسينا قفص العروبة الذهبي في المنطقة الخضراء، وداخل محيط أسوار بغداد الاعتبارية، وما قائمة غير الموفق الربيعي الأخيرة إلا امتداد لإحباط العار والخزي والهزيمة المرتسمة على وجوه أمثاله، وما أكثرهم في امتنا، للأسف. وما دحلان فتى غزة المدلل وأدواره القذرة في التآمر بدءاً من اغتيال الرئيس الشهيد عرفات وانتهاء بحماس وشعب فلسطين بخاف على احد، ولا بهائية محمود عباس واستمراؤه لعب دور العاقل المتزن أو المصلح الحكيم بين الفرقاء بخاف أيضا علينا. تبقى لهم حسنة وحيدة، وقد تعتبر عبرة لكل العملاء الحاليين واللاحقين بأنهم يفتقرون لأي معلم من معالم الولاء أو الوفاء حتى لمن خدمهم، وما نماذج، شاه إيران والسادات و ضياء الحق أو سوهارتو، بصعبة الاستعادة أو الاسترجاع من مخزون الذاكرة.
ولا معتقلهم في غوانتانامو الخارج حتى عن شريعة الغاب بإمكانه أن ينسينا أدوارهم وألاعيبهم الخسيسة و ادعاءاتهم الكاذبة بانتحار معتقليه وآخرهم ابن اللواء الأخضر الشاب العديني صلاح علي عبدالله السلمي، المنتزعة أحشاؤه لإخفاء معالم جريمتهم النكراء. أليس عجيبا وغريبا، بل ومستهجنا انه بعد كل ما تقدم مازالوا يتساءلون لماذا يكرهوننا؟! وتبقى إجابتنا واضحة جلية: لعنة الله عليكم، لماذا نحبكم!؟
angalhMail