يا ضحكة شتاء البلاد الحزينة.. ألبسنا «قامك» واسترح قليلاً

يا ضحكة شتاء البلاد الحزينة.. ألبسنا «قامك» واسترح قليلاً - خالد سلمان

مستهل
صديقي عبد الكريم الخيواني.. أرى فيك الآن نفسي قبل ان احزم حقائب السفر.. وتبقى انت وحدك في الإعصار.. جذع لا ينحني، ولا ارى في حزبك حزبي.. كنت أشعر بفحيح أنفاس ثعابين الحكم.. بنابهم يأكل لحم ظهري.. جوعاً واشتياقاً لساعة رفع خيمة الحماية. ادرك حزبي إجابة السؤال:
ثم ماذا يحدث بعد؟
قرر: ما نفع ادارة التكتيك.. بمدية ذبح الإنسان فينا؟.. فلم يفعل حتى في عز الشد وتصادم التقديرات وتعاظم الأخطار لم يفعل.. وفعل «رفاقك» ياصديقي المحذور.. اعلنوا بما يشبه الصفقة أو الغفلة سيان الأمر والنتيجة واحدة: ما نفع الفرد ان لم يكن في خدمة التنظيم؟.. لم يعد لنا به حاجة.. لم ينصع لضرورات التكتيك.. تغذى بكم طويلاً.. وتآذينا.. فاليكم هو.. الآن تعشوه.. واتركونا بسلام. آه لو كنتم تعلمون أنكم أننا أقوياء به ومن دونه تغدو للقوة حسابات الضعف ووجه الهزيمة.. آه لو كنتم تعلمون لمَ بعتموه بمقر.. ما سلمتموه من غير قصد للتخفف من ضغط.. وإستعادة جريدة.. ياللعار! قدرك يا صديقي ان تكون وحدك حاصل جمع الـ«نحن» مجتمعين.. ان تفتح روحك لنا مسلة.. ان تعري صدرك.. تنصبه كتلة صد.. عليه تتكسر النصال.. تنزف وحدك.. وتمضي في رحلة اكتشاف النبوة.. من صلب الى إقصاءٍ الى صلب آخر.. من رماح ( عزل المحبين) الى دهس الأماني تحت عجلات زوال الليل.. فرق الدهم والمباغتة.
قدرك ياصديقي ان تتسامى قدراً وطولاً وقامة.. ان تنزف صاخباً.. ومكانك عن قيد أنملة تبارح.. ان تنسج علاقة عشق مع القضبان.. تبادلها الهزج والوجد:
خذي يا سلاسل مني الثبات.. وامنحيني مزيداً من الصلابة.
خذي مني صخب الحلق.. وأمنحي ناسي صفات المعادن في تناقل الآه بين نيران التعب في هشيم بلاد المتعبين. ياقضبان سجني الأليف.. اياك ان تلين.. وان خارت قواك خذ مني بلاتين العناد والشموخ. قدرك يا صديقي.. ان تحمل عنا صخرة ألم الحقيقة.. ان تنازل سيوف الدار.. طعنات القبل.. معسول القول والسيوف المنفرزه.. عميقاً في الروح.. في لحظة عزف ارغول القصيدة.. نحبك يا كريم فامض بعيداً عنا مخفوراً معزولاً.. نحبك الآن ولكنّاَ نُحبك اكثر بلا قلق.. بلا لسان وشفاة.. نحبك خلف الشمس بلا مخالب ودواة.. وعدة الضرب والنزال قدرك ان تحارب في الدار والمخفر.. جص الزنزانة الباردة.. وزخارف القصر سيقول محبوك المحاربون شكراً لك.. هاك شهادة التقدير.. حل عنا أحلامك.. وامضا الى حيث شئت منزوع الرئة.. الحبر والفؤاد.. كفن لم نعد من شظايا حلمك نستفيد.. من جنون رهانك على الغد.. لم نعد نستطيع فرش المائدة وسيقول رفاقك الممسكين بالقرار: قر قليلاً في زنزانتك واسترح.. خارج الـ« نِت».. خلف القضبان.. كما استرحت ذات عام بعد قرصنة الجريدة.
وسيقول الرفاق.. في رسالة مغلقة: ان المرحلة لا تحتمل اثنين: أنت واحلام الوطن.
سيقول الأصدقاء المؤطرون في تعميم وبيان: إن الخيارات تصاغرت.. وكان علينا ان نصغّر الجباه: إما بقاء كيان التنظيم.. وإما رحيل مشتل الإخضرار.. وأسى مصدر الفرح.
وقدرك ان تظل وحدك.. مشطور الفؤاد.. بين ظلم اقربين.. رفعتهم الى مشارف السماء السابعة.. وبين عسس.. لا تهابهم.. يكبرونك حتماً وهم في ساعة وضع القيد.. او نصب عمود المشنقة.
قدرك يا صديقي ان تكون وحدك.. وفي ذات الوقت.. ان تكون في آن معاً وحدك.. في ساح الوغى.. في القلب وفي الميمنة.. وعلى الميسرة.. وفي كل رمشة وفي الضرب على كل اتجاه.. من المحبين والخصوم ومن البيت الى المسبعة.
كنت وانت تضع بين إبهامك والسبابة قلم الوعظ.. تمارس استاذية كرسي.. تخطي هراوات فرق مكافحة الاحلام والشغب.
وكنت وانت تضع بين معصميك قيد السلسلة.. تشع نور يقين.. وعلم بمسارات هبوب الرياح.. حركة النجوم.. ومواعيد هطول المطر.
آه ياصديقي قدرك ان تكون كبيرنا.. تحمل عنا الوزر.. تمسح خجل جباهنا. وتسدد فواتير العتق.. كبيرنا أنت يا صديقي فليس للحرف من قبل ومن بعد.. مثل شأنك وحزمة الاصدقاء.. كبير.. انت لنا يا صديقي سامق نخلنا.. وعدنا القادم.. وحرفنا النبي.. وانت لنا الربان.. والشمس والبوصلة.
يا قيامة الغد من براثن موات ورقود.. يا فتيل الصباح زيته والوقود.. يا مغزل خيط النهار.. يا ضحكة شتاء البلاد الحزينة.. كن طليقاً في محبسك.. امنحنا (هامك).. ألبسنا عود (قامك).. واسترح قليلاً من مضابع الليل من رحى الحرب.. ومن زيف القبل وطول الوقوف.. استرح قليلاً ومثلك خارج صولات الكر لا يستريح.
كم نحبك!
[email protected]