صورة من الواقع

صورة من الواقع - سميرة الصباحي

لكِ الله من ذات منزل في قلوب العالمين السالكين.. كم من الأرواح تهفو لرؤياك طول السنين! وكم من عقول تفكر فيك كأنك هدى العقول! وكم من بطون تضَّور جوعاً لإشباع نفس بنظرة إليك تروي ظمأ العاطشين! وكم من أياد تقلبك من حين لحين! وكم من قدم تسعى وراءك السعي الحثيث! فترفعك حيناً وتحفظك حيناً بغية حظ أكيد، وكم من أنظار تطلعت لفوزك نجماً تألق في الخافقين.
فكم أنتِ حبيبة لشمس طفولة الحالمين، ومع الناشئين الناهضين لك صحبة الخالدين! وكل الفئات لمسمع صوتك حال الاسير، وكل جليس لقاتِ السموم.. قد نسي لذة النفس من فرط فحواكِ العجيب.
لأجلك، ولرفعتك ومكانتكِ، نرى حِلَقَ الناظرين؛ في كل حي، ومتجر، ومقهى، ومأوى، وشارع قد ملئ بالراغبين المتابعين اللاهفين.. وفي كل منزل لك زاوية هي محضن للجالسين الناهمين.
واجمل منه أن ترى شاشة كبرى أو صغرى تعلو كل مبنى في كل حي للناظرين.. جماعات، مشرئبة أعناقهم كأنهم إلى نصب يوفضون كأنهم سرب نحل قد حام حول الزهور لينتج شهداً فيه شفاءً للعالمين.
هي الهمة والعزيمة والإرادة قد دفعت بالجموع، جموع الفئات نحو المسير، هي الكرة ياصحاب قد اخذت بشغاف القلوب.. هو المونديال، له في كل نفس مأوى حبيب رغيد هي المحبة الغامرة وحب الفضول، قد تزينت في النفوس لنيل العلو وكأس النجوم.. هي الكرة التي اصبحت ملهى لكل طالب قد جد في حسن المسير، فأي نجاح ينال الفتى، وأي علوم تنير الطريق، أليس لذلك وقت مناسب لحسن النظير.
فيا لها من همة قد حشدت جموع الجموع.. واجمل منه همسة، تذوقها في حشود النمل طول الفصول، وأبهى منه بكور الغراب في كل يوم له جولة، وأندى منه ذهاب الطيور خماصاً في كل يوم وفي لحظها تغدو بطاناً.
ومهما حشدت من جموع؛ فهي همسة آنية تزول ومالها من مكوث، فوا أسفاه ملء الجفون، على آهة ليس لها من دوام! وواحرَّ قلبا.. على كل نفس تذوب كما يذوب الملح في المياه! فياليت شعري من همة تدوم في كل حال، ولها في كل لحظة حسن المقال، وياليت شعري من كتاب له حَظوَة عند تيك الجموع «كتلك الكرة» فتغدو بلادي شعاع المعارف وباب العلوم، ويغدو شعبي ضوء القمر، فلا للأفول، ولا للخمول، ولكنها همسة لها حال القمر، لمزيد من الوقود وجُلّ الضياء، وللسفن شعبي نجوم السماء، به يهتدون.