في الموت بين المُدن اليمنية.. الشَّكْرمُوت تاااه في الطّرُللّي!

في الموت بين المُدن اليمنية.. الشَّكْرمُوت تاااه في الطّرُللّي! - مروان الغفوري

بعد أن وضعت الانتخابات الرئاسية أثقالها وحلّت إزارها، بالتحديد في مطلع نوفمبر 2006، كنت أتابع جلسات البرلمان اليماني، كأي قادم من بعيد أنهكته الغربة، واشتاق إلى أكثر الأشياء خصوصية في اليمن: القات والطرمبا والبرلمان، باعتبار الأخير فريداً من لونه وطعمه في العالم، وإلا فما معنى أن يقبل بيت التشريع اليمني أن يُكتب على بابه الجديد: بُني على حساب دولة قطر!؟ كانت الجلسات متورّدة الخدود يسودها وئام غريب بين فرقاء البرلمان، حتى أن موتورين آخرين غيري شاهدوا من النوّاب يطلبون الإذن بالكلام، ربما لأوّل مرّاتِهم. وبدا واضحاً أن قضية النقاش، دية القتل شبه العمد، وعلاقتها بحوادث السير، طالت أكثر من المتوقّع، كما لو أن أعضاء البرلمان قد قرروا الاسترخاء على شاطئ هذه القضية الأثرية حتى يأذن الله بالفرج، ويظهر سائقو الدراجات النارية أمام البرلمان من جديد. نائب رئيس المجلس، كعادته، لا يتحمل اللّتّ والعجن أيّاً كان حجم القضيّة. الأمر الذي دفعه إلى التدخّل لإيقاف المساجلات الودية في القاعة بالقول: "يا سادة، ضحايا الطرقات في اليمن أكثر من ضحايا احتلال العراق والحرب العالمية الثانيّة. كان واضحاً أن سيادته نسيَ حفلة الزار الشهيرة التي أقيمت على مدى فترة الدعاية الانتخابية، وفيها سمعنا وقرأنا عن معجزات شق الطرقات التي زانت اليمن وأخرست أعداءها من العملاء، باعتبارها الشرف الأسمى وبوّابة الخلاص. وكيف أن صاحب هذا المنجز هو الأجدر باستكمال مشاريع البناء والخلود، وما إلى ذلك من دعاية عالمثالثية. وببطء ملحوظ، أدرك نائب رئيس المجلس غلطته، فأصلحها كما تفعل العرب دائماً، نزولاً عند رغبة قانون المتنبي في حماية الشرف:
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى
حتى يسال على جوانبه الدمُ
 لستُ متأكّداً من ما إذا كان البرلماني العتيق قد اطّلع على ما نشرته صحيفة "الوحدوي"، وإنْ بالمصادفة، في أحد أعداد سبتمبر 2006 فيما يمكن أن يكون ردّاً قاسياً على أحاديث الطرقات، منجز اليمن العملاق، في لحظة مثيرة من لحظات الزمن اليمني كان فيها صاحب هذا المنجز لا يسأل الله غير الستر وحسن الختام! الصحيفة نشرت جداول بيانية منقولة من وثائق وزارة التخطيط (...) تختصر حوادث الطرقات في اليمن ما بين 2003 - 2005، بأرقام الإصابات والوفيّات. وطبيعي أن ينحاز الرعب إلى جانب قلوبنا تماماً كما يفعل في كل موسم مكاشفة قومية. ولنأخذ في الاعتبار العادي والمألوف، أن السجل الحكومي مضروبٌ بألف خشبة، لأسباب تعتبر الإشارة إليها كبيع الماء في حارة السقّائين؛ فقط لنسمح لأنفسنا بمضاعفة الرقم الرسمي: 39 ألف حادثة سير، ونحن واثقون من معقوليّة المعامل الحسابي الذي سنختاره في عملية الضرب هذه. وكما هي العادة، فقد كان استدراك نائب رئيس المجلس سطحيّاً ومليئاً بالبراءة: لأن اليمن بلد وعر وفيه جبال كثيرة. يا للجغرافيا الشريرة! أردتُ في حينه أن أسأله ببراءة مناظرة: هل لهذا السبب رفضت اليمن الانضمام للمنظمة العالمية لسلامة المرور، ورفضت أن تقلّد الجادين من العرب مثل السعودية والإمارات؟ وبالمرّة، لماذا لا يستكمل صاحب المنجز مآثره ويغير الجغرافيا كما فعل أسلافه من حكام اليمن عندما اخترعوا لغة السدود ونحتوا من الجبال بيوتاً ومن الطين شبام العاليّة؟ أليس يقول إنه دخل التاريخ معهم؟ وهل يمكن أن يدخل ابن آدم التاريخ لمجرّد أنه أمر برش قليل من الأسفلت على الرمل؟ ما أوسع باب التاريخ، إذاً! وهل كدّس الله الجبال الموجودة على ظهر الكوكب فقط في سُمارة والمحويت؟! لماذا لا تئن سيارات العالم من الجبال كما يحدث في اليمن؟
كيمنيين، ما إن تضع حقيبتك على ظهرك وتدير كتفيك لقريتك حتى تسمع من داخل الدار أصواتاً يأكلها الجزع: رافقتك السلامة، توكّل على الله! فالسفر في وعي اليمني المعاصر شبيه بالخروج لطلب الثأر، أو لمواجهة حكم بالنفي في بلدة مقطوعة من العالم. وهي أشكال مختلفة لاحتمالات الموت والغياب الكبير. بينما هو في حياة شعوب الأرض كلها يحتوي على معاني المتعة الأكثر بقاءً، والإثارة التي لا تفنيها الشمس. يحلم به الألماني كخاتمة طويلة لحياته بعد أن يُحال على المعاش، ويخترع له الإنجليزي حقائب خاصة يكتب عليها عبارة: استمتع بوقتك. وإذا كان ثمة سبب جوهري يقف وراء هذه اللعنة التي تسكن في جمجمة اليمني المعاصر فهو، بكثير من التأكيد، مسلسل الطرقات. هذا المسلسل المخيف والشيطان المتمدّد لآلاف الكيلومترات، الذي يجهز في كل لحظة على حلمٍ جديد وحالم قديم. وهو بكل المقاييس المحترمة فخ دائم، يفتقر إلى أبسط شروط السلامة والحماية، ويسقط فيه آلاف الأبرياء، يوميّاً، دون أن يكتب أحدٌ على قبورهم: جنود مجهولون، أو حتى بمكيدة سياسية: ضحايا اليد العليا. كما إنّه لا يقل جرماً وبشاعة عن تفخيخ السيارات والقطارات والمراكز التجاريّة، فالمؤدى في الأخير واحد: فناء أرواح الآمنين. وإذا كان هُناك من عريضة للمرافعة، فمن المنطقي أن تكون تُهمة المدعى عليه هي أنه... وهي تهمة عويصة في البلدان المحترمة تفتح نوافذ الاستقالات والإقالات والسجون.
ذاكرتنا اليمنية لا تزال رطبةً بمشاهد الفقد. فمن لم يتلقفه نقيل سُمارة، على سبيل المثال اليمني، في أعلى ساعات الصيف والغمام، فقد تلقّف صديقاً له. وإذا فكّر أبناء إب وتعِز أن يختاروا اسماً للشيطان فسيطلقون عليه اسم "سُمارة". وتشاء جملة الفشل اليمني العام أن تنسحب على كل فاصلة حيّة أو ميّتة، حتى تغدو المشكلة اليمنية خليطاً من المشاكل المتداخلة على هيئة نسيج كهنوتي غاية في الغرابة. فعندما نضع قضية "صلاحية شبكة الطرقات" على الطاولة، فإننا سنضع بجوارها تدني مستوى الخدمات الطبية، كأخت شقيقة. وهو السبب الذي يقف وراء ارتفاع عدد وفيّات حوادث الطرقات بصورة أكيدة، مضافاً إليها هشاشة النظام المروري، والغياب الكامل لوسائل المراقبة على الخطوط الطويلة، بتجهيزاتها الأمنية والطبّية. وتكبر البالونة أكثر، حتى يدخل فيها المهرّج اليمني الأخير: لا توجد تغطية هاتف نقّال في المناطق الأشد وعورة والأكثر بعداً عن مراكز المُدن! إننا نستطيع، حقيقة، أن نستبدل بعض لوحات الإشارة، أو أمنيات السلامة، المغروسة على مقربة من نقيل سمارة، وغيره من المزالق الجبلية وألسنة الشيطان، بلوحة كبيرة واحدة غير ذات لون: ذهب مع الريح، و... خرج ولم يعُد... و... الداخل مفقود والخارج مولود. ربما سيدفعنا هذا الإحساس إلى اختراع لوحة رابعة لنضعها هذه المرّة على بوّابة الفيللا الخاصة بالمسؤول (هُوّ مين أساساً؟) عن سلامة المرور: هُنا ينام أشيَك قاتل مأجور!
وهُنا فقط بمقدورِنا أن نستوعب سر إحجام اليمن عن الدخول في المنظمة الدولية لسلامة المرور (الآن هناك منظمة عربية، أيضاً). فالعضوية في المنظمة ستضع شروطاً عالية ومعايير عامّة تُلزم الدول الأعضاء بالعمل بها واحترامها. لكن اليمن لم يفعل كما هي العادة، وقطع العادة عداوة كما يعتقد إنسان اليمن. وفي الإطار نفسه يمكن أن نضيف تصريحاً لأحد مؤسسي المنظمة كما هو: غالباً ما تسعى الدول "التي تحترم مواطنيها" إلى الحصول على العضوية للاستفادة من خدمات وإرشادات وبرامج المنظمة.
لقد كان مسلّياً، بلغة التراجيكوميدي، أن يقف أحد مرشحي الرئاسة أمام الجماهير في عمران. أعني تلك الجماهير التي عبّرت لتوها عن رغبة مسرحية مكتومة. وفي لحظة الأورجازم الخطابي ينفعل صديقنا في الله، مرشح الدعم الفني والمسرحي: اسمعوني يا أبناء عمران العظيمة! أنا مرشحكم للرئاسة، فانتخبوا مؤسس الطرقات الحديثة في اليمن.. انتخبوا من سوّر اليمن بعشرة آلاف كيلومتر من الأسفلت. وبحس الاستشهادي المؤمن بمكافأة الرب، فقد قال لمرافقيه: آمل أن يدركوا أني لا أقصد نفسي. وربّما عنّف نفسه كثيراً لأنه نسي أن يقول لهم: أقسم أني لستُ صاحب هذا المنجز العظيم. وعلى كل حال فمن المتوقع أن يتبرّأ إنسان المستقبل اليمني من جريمة إجبار الناس على الموت في الطريق الطويل، عندما ينتقل هذا المنجز المخادع، أعني الطرقات، إلى مستوى أعلى من الأداء والخدمة، ويساعد في التخفيف من البطالة وفي كبح منطاد الانفجار السكاني؛ عندما ينال لقب "القاتل الصامت" عن استحقاق تام. وهو ما يمكن أن نطلق عليها ساعتئذٍ: المنجز المقلوب. فهل كان الإمام أحمد على حق حين طلب من الصينيين أن يسحبوا طريق الحديدة - صنعاء، بعد إنجازه سنة 1955، ويغادروا به إلى بلادهم؟ شخصيّاً، أحسبه كان محقّا تماماً. فبشاعة حوادث هذا الطريق تفوق، إنسانيّاً واقتصاديّاً، إجمالي الخدمات التي يوفّرها بقاؤه بصورته الرهيبة تلك. اقتراح لا يزال جديراً بالتعاطي الإيجابي، وتعميمه على بقية الخطوط الداخلية أكثر جدارة!
في زمننا اليمني النوعي جدّاً لا يمكن أن نشهد مبادرات ثوريّة تستهدف المستقبل وتعالج الحاضر بكفاءة محضة، ما لم يُعتبر انتقال وزير الوقف الديني إلى وزارة الشباب والرياضة ضرباً من التحوّلات الثورية اليمنيّة. إننا لا نتوقّع أن يتحوّل الحاكم إلى يسوع، مرّة واحِدة، ولا نريده طرزانا كما هي أمنيات أحمد مطر. كل ما نؤمله الآن، في 2007، أن لا يستمر عرض الرجل الواحد One man show إلى ما لا نهاية، مترافقاً مع الحديث بمجانية صرفة عن المؤسساتية ودولة القواعد والقوانين. ذلك لما يحمله عرض الرجل "الواحد" من احتمالات الفشل والأداء الباهت، والأدلة على قفا من يشيل، ولكونه يتنافى مع فهوم الدولة الحديثة وحتميّات "الاجتماع" البشري. لقد داهمنا الملل المزمن، بصراحة، من طريقة حل المشاكل بإعلام أحمد سعيد، سيء الذكر، وخطط شهريار الحكيم، ذلك العبقري الذي أصدر فرماناً مقدّساً بمنع صناعة الأكياس في المدينة للحد من جرائم القتل، عقب اكتشاف شرطته السريّة لجثة أحد مواطنيه مدفونة في زنبيل أسود. سأبدو مهرجاً وغير جاد في إشاراتي إلى المشكلة اليمنيّة ما لم أستكمل سرد الظلام بالمقلوب. ولكي أتحاشى الإصابة بهذه التهمة فلا بأس من مكاشفة طابور الموالسة والنفاق المنشغلين بنحت الأساطير لسعادة السيد سين وفخامة السيد صاد، أحفاد "أحمد سعيد"، ذلك الإعلامي النادر الذي خاطب المصريين البسطاء ثاني أيام النكسة، قبل أن تتكشّف الفضيحة عن نهديها وساقيها: استعدوا لفتح محلاتكم ودكاكينكم غداً في تل أبيب، إننا نقترب الآن من ساعة الحسم. ومع ذلك فقد ثاب أحمد سعيد إلى الحقيقة وأرسل إلى الإذاعة بوثيقة الندم والاعتراف، عقب النكسة بأسبوع واحد، كما يروي عن نفسه: «يجب أن يكون الشعب فوق الحكّام حتى لا تتكرر المأساة». وليس فريق أحمد سعيد لوحده هو الحي الذي يرزق في بلادنا ويقف وراء فشل اليمن المزمن والمتداعي إلى أفاشيل جديدة مبتكرة. فُهناك فرقة "عبده مشتاق"، التي جسّدها الفنان مصطفى حسين، وتضم في كورالها كل المتطلّعين إلى الأعالي من ماسحي النعال وكذّابي الآفاق وصغار المنافقين. هذه التوليفة الشرسة المحيطة بإدارة الزمن والمستقبل اليمني هي التي تنجب الطرقات المهددة لسلامة الحمير البغال، ناهيك عن البشر، كما تنجب المستقبل اليمني المريض بكل آفات العصر المنسيّة. وهي ذاتها الفرقة المسؤولة عن تناسل المشكلة اليمنية في صورة مشكلات صغيرة كخلايا الورم، حتى تحوّل اليمن الكبير إلى بيت للأساطير. وهي ذات الجوقة التي تجبر وزيراً حديث عهد بالوزارة على الدخول في جولة سريعة من الموالسة والطنطنة: لقد استطعنا خلال أيام قلائل أن نغطي بخدمات الكهرباء 341 مديرية. ثم بعد أن يفرغ من أداء هذه الوصلة التجريبية يطلب، بالنبي وابن علوان، من المشرفين على إعدادات حفل مايو- إب أن يتوسّطوا لدى نائب الرئيس لأجْل شراء مولد كهربائي بأي تكلفة تكون، لمستشفى الأمومة والطفولة في إب، قبل زيارة السيد الرئيس. وقد أحسن صنعاً، رئيس اللجنة المشرفة على تنظيم وإعداد الحفل، حين طلب بوضوح من نائب الأفندم أن يسكِت هذا المقامر الجديد عن التصريحات، حتى "لا تكبر الفضيحة".
جرائم المرور في اليمن التهمت السماء نفسها وافترشت الأرضين. ومع ذلك لا يبدو أن أحداً، من الجالسين في الأعالي، يعتقد أنها ترقى إلى مستوى المشكلة. إنك تستطيع، ببساطة، أن تتذكر ذلك الحشد الرائع من المثقفين اليمنيين، أو: الطابور الأنيق المليء بالقتلة، بتعبير سارتر، وقد جلبتهم السيدة نيكول تنّوري، المذيعة في قناة الـ"إم. بي. سي"، منذ أربعة أعوام للحديث عن عبقرية القائد وحكمته. إلى هُنا والأمر لا يثير الحساسية لديَّ، ف"كل مغني وليه موّالـ"، كما عزفَ المرحوم الشيخ إمام. بيد أنّك لا تكاد تتعرف على صوت نصر طه، المثقف الجميل، حتى تصاب بدوار البحر والبر والجو. فهو، بُغية الدخول في الموال العام، لم يجد ما يدلل به على رجاحة عقل السيد الرئيس غير: "اختلفنا في ترجيح أيّ من المشروعين هو الأفضل، في مخطط مشروع الهاي واي عمران - عدن. بعضنا اختار المشروع (أ) والبعض رجّح المشروع (ب). في مثل هذه الظروف نلجأ عادة إلى السيد الرئيس، وهو ما فعلناه التماساً لحكمته وبعد نظره. تأمل السيد الرئيس في المشروعين، وببعد نظر ليس بغريب عنه وضع يده على الطاولة وقال: بااء" (قال يعني، سرعة حسم.. ياا جااامد)! ابتسمتُ ساعتئذٍ كثيراً، كثيراً جدّاً، وتذكّرت المرحوم أحمد سعيد، ربّنا يطوّل في عمره، واندهشتُ بحق، إذ كيف يستطيع أن يجمع حوله كل هذه اللوحة العجيبة من نحّاتي الأساطير المحترفين والمبتدئين. ومع ذلك فأنا لا أفكر، حاليّاً، بسؤال أحد عن مشروع الهاي واي، طيب الذكر: أين يسكن الآن، ولا من ولي أمره. فأول القصيدة كُفر، كما قالت العرب عن نفاق ابن هانئ الأندلسي، لحاكمه وممدوحه، ولي النعمة.
ستبقى مأساة الطرقات في اليمن قائمة بكامل تفاصيلها من حادث موت حتى موت آخر. ولن نجد سجلات حقيقية تحيط بتفاصيل هذه الجريمة، مهما انتظرنا، لتقيّد المسألة برمتها ضد البريء دوماً "القضاء والقدر". فخارج هذا القاتل ستبرز المسؤولية بعنفوانها وبشاعتها، وهو ما لا يريده المؤمنون بالله على طريقتهم، لأنهم ليسوا على استعداد حقيقي لاحترام إيمان الناس بقَدر من نوع آخر. كما أنّهم لا يفكّرون في الوقت الحالي بمساءلة إيمانهم الراسخ. وهكذا، ففي كل يوم يتآكل المنشأ الموجود وتسوء كفاءته، بينما تبتكر الجهات الرسمية أكاذيبها الجديدة عن توسيع مداخل المُدن، وفزّاعات السكك الحديدية بين اليمن ودول مجلس التعاون، وعن خطوط الهاي واي، والشكْرموت تاه في الطرَلُلّي، بتعبير محمود عبد العزيز في فيلم "الكِيف". أو كما يقول الخواجات: A brand without product، وبالعربي الفصيح: ماركة تجارية لمنتج غير موجود أصلاً. وإذا وجد هذا المُنتج، فمثاله المدهش هو الخط الدائري الجديد في مدينة تعز. فبالرغم من أن قيمته المادية والجمالية والخدمية لا تساوي تعريفة، إلا أننا استمتعنا كثيراً بمنظر نائب الرئيس وهو يفتتحه، بزهوٍ غير تقليدي، من جهته الغربيّة. وطال انتظارُنا لعاااام كامل، حتى وصل، بسلامته، رئيس المجلس الاستشاري ليعيد افتتاح نفس الشارع، لكن من الجهة الغربيّة، هذه المرّة. في عملية شبيهة بالختان، ثم التطهير. الحمد لله على السلامة.
thoyazanMail