عنموتى يهتفون

محمد الغباري يكتب عن :موتى يهتفون

بعد أقل من شهر من الآن سيزحف الآلاف من المسؤولين المدنيين والعسكريين على مدينة الحديدة وسيكون ولي العهد السعودي الأمير سلطان بن عبدالعزيز أحد ابرز الضيوف المشاركين في احتفال العيد الوطني السادس عشر.
الفريق أو اللواء -لا أجيد التمييز بين الرتب العسكرية- عبدربه منصور هادي نائب رئيس الجمهورية يرابط منذ اسبوعين في الحديدة للإشراف على ما يقال إنها التحضيرات الخاصة بالاحتفال وإكمال المشاريع التي سيتم افتتاحها بالمناسبة، إلاَّ أن العطار يبدو أنه لن يستطيع اصلاح ما أفسده دهر المحافظ الجاثم على صدر ابناء المحافظة منذ مايزيد على خمس سنوات..
يتندر الناس في الحديدة والذين طحنهم الفقر والفساد من سوء الاحوال وتدهور الخدمات ويرددون انه بات عليهم تغيير نوعية المياه التي يشربونها مكرهين حتى ولو من مياه البحر.. إلا أنهم لا يجدون اجابة لسؤالهم عن مصير عائدات الميناء والجمارك والضرائب في المدينة التي يوجد بها اهم الشركات التجارية والملاحية وايضاً المصانع المختلفة.
ربما لا يعرف الكثيرون أن القيمة الشرائية الرائجة في الحديدة تختلف عما هو عليه الحال في بقية المدن والمحافظات، فهناك مازال الناس يشترون بعشرة ريالات زيت للطبخ وبعشرة ريالات صلصة وهكذا.
طوابير الجوعى والشحاتين ستكون في طليعة المبتهجين بالمنجزات العظيمة، وسيكون على المسؤولين من ابناء الحديدة -على قلتهم- وممثلي المحافظة بمجلس النواب ان يفاخروا بأنهم استطاعوا اقناع هؤلاء المسحوقين بالفقر بالتصويت لصالح الحزب الحاكم، وعليهم اثبات الولاء من جديد وضمان ان يأتي الناس زحفاً على بطونهم من الجوع للتصويت لصالح المنجزات.
أُشفق على صديق ارغمته الظروف على ان يقف بين عشرات من الناس ويجتهد في الحديث عن المنجزات والاهتمام الكبير الذي تحظى به هذه المحافظة، وحجم الانجازات والمشاريع التي رصدت لها، وما أن يكمل حديثه الذي لا يقنع جائعاً، لا يجد ما يأكله وأولاده، او مريضاً يموت ملقى به في ممر مستشفى او رصيف شارع حيث يتقاطر المجدُّون في التصفيق لدس ورقة في هذا الملف من اجل الحصول على مساعدة او ترك توصية من اجل تحسين وضع وظيفي. ومنتهى أمل الغالبية ان يحصلوا على مئات الريالات تغطي احتياجات يومين او ثلاثة من الاكل والشرب.
أليس أكرم لأبناء هذه المحافظة ان تذهب الاحتفالات الى الجحيم وأن يعاد الاعتبار لوضعهم كمواطنين لهم كل الحقوق والواجبات؟! بدلاً من أن يضاعف الحكم من وطأة قسوته على الناس بطوابير السيارات الفارهة التي يمتطيها غير المرحب بهم؛ فتزيد من سخطهم وتستفز مشاعرهم بعد ان تحول الاحتفالات إلى مناسبة لطلاء الشوارع واعمدة الانارة واستئجار محطة كهرباء، بنحو ثلاثمائة مليون، تعمل خلال الاحتفالات وتغادر، وسيدفعون ثمنها من بقايا الدم الذي امتُص معظمه.
malghbariMail